قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أحمد الأشعل يكتب: الاستثمار في مصر.. سوقٌ يفتح أبوابه للمستقبل

أحمد الأشعل
أحمد الأشعل

في منطقة تتغيّر معادلاتها كل يوم، تظلّ مصر واحدة من أكثر الأسواق التي تملك قدرة حقيقية على جذب الاستثمار واستيعاب التوسع الاقتصادي، ليس فقط بحجمها السكاني أو موقعها الجغرافي، بل بتركيبة فريدة تجعلها بوابة طبيعية لثلاث قارات ومساحة آمنة للنمو. فالسوق المصري اليوم يعيش لحظة انتقال مهمة، قوامها الإصلاح، وإعادة ترتيب الأولويات، وبناء شراكات عربية ودولية تتجاوز حدود المشاريع إلى آفاق صناعية وعمرانية واستثمارية جديدة تعيد رسم خريطة الاقتصاد خلال السنوات المقبلة.

لقد أثبتت التجارب المتعاقبة أن مصر، رغم كل التحديات، تمتلك قدرة استثنائية على امتصاص الصدمات واستعادة التوازن بسرعة، وهو ما جعلها سوقًا جاذبة لكبار المستثمرين العرب والأجانب. القطاعات الحيوية مثل العقارات، الطاقة، الصناعات الثقيلة، البنية التحتية، التكنولوجيا المالية، والسياحة، تشهد اليوم طفرة واضحة، مدعومة بحزمة تشريعات ومحفزات تستهدف توسيع قاعدة المستثمرين، وتسهيل بيئة الأعمال، وتقليل الزمن الإجرائي لأي مستثمر يسعى للدخول إلى السوق.

ويأتي القطاع العقاري في الصدارة، ليس فقط لأنه قاطرة النمو، بل لأنه يعكس رؤية الدولة في خلق مدن جديدة، وتوسّع عمراني ضخم، وتحولات جريئة في نمط الحياة والاستثمار. أما قطاع الطاقة والصناعات التحويلية فيشهدان عودة قوية، مستفيدين من خطط التوسع في التصنيع المحلي وتعميق المكوّن الوطني في مختلف الصناعات، الأمر الذي جعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة ووجهة للصناعات الكبيرة والمتوسطة.

ولا يمكن الحديث عن جاذبية السوق دون الإشارة إلى قوة الطلب المحلي، الذي يمنح أي مشروع فرصة نمو طبيعية حتى قبل التفكير في التصدير أو التوسع الخارجي. فالسوق المصري يتميز بقاعدة استهلاكية ضخمة وشابة، قادرة على تحريك عجلة الاستثمار وتحويل الأفكار إلى كيانات اقتصادية ناجحة. وإلى جانب ذلك، فإن المشروعات القومية التي لم تتوقف خلال السنوات الماضية خلقت شبكة بنية تحتية حديثة جعلت الاستثمار في مصر أكثر سهولة وقدرة على المنافسة.

كما أن الدولة المصرية فتحت الباب واسعًا أمام شراكات عربية كبرى، وهو ما جعل السوق يستعد لمرحلة جديدة من تدفق الاستثمارات الخليجية والعربية المشتركة، مستفيدة من الاستقرار السياسي، وتنوع فرص الاستثمار، ووضوح الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصري. هذه البيئة تجعل مصر اليوم في موقع متقدم، ليس فقط لاستقبال رؤوس الأموال، بل لبناء تحالفات اقتصادية عابرة للحدود.

إن مصر لا تقدّم نفسها كمجرد سوق كبير، بل كدولة تسعى لصياغة نموذج تنموي جديد، قائم على الشراكة، وتحفيز الاستثمار، وتوطين الصناعة، وفتح آفاق واسعة أمام القطاع الخاص ليكون شريكًا أصيلًا في بناء المستقبل. وما نشهده اليوم ليس إلا بداية مرحلة جديدة، سيكتبها المستثمرون الذين يدركون أن الفرص الحقيقية تولد غالبًا في الأسواق التي تعرف كيف تتغيّر وتعيد تشكيل نفسها.

في النهاية، يبقى الاستثمار في مصر هو قرار يرتكز على واقع واضح: سوق ينمو، دولة تخطط، وبيئة أعمال تتطوّر، وأبواب مفتوحة على مصراعيها لكل من يبحث عن مستقبل اقتصادي آمن، وفرص تمتد من العقار إلى الصناعة ومن الطاقة إلى التكنولوجيا… فمصر، ببساطة، سوق لا يزال في بدايته.