الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نحن الحل


كلما ازدادت الأزمة الاقتصادية ضراوة، وكلما استفحل الغلاء، يرى كثير من الناس أنه باستثناء زيادة الامتيازات المادية للسادة القضاة الحاليين والسادة العسكريين المتقاعدين، وغلق محطة مترو السادات فى المظاهرات، فإننا لن نرى جديدا من حكومتنا الحبيبة فى الحفاظ على أحوال عامة المصريين الاقتصادية من الانحدار اليومى، ولذا وجب علينا تحمل مسئولية أنفسنا بأنفسنا، ومنح مزيد من الراحة لحكومتنا الرشيدة التى تحكمنا بكل راحة وطمأنينة.

ورغم أن هذا الكلام يأتى كنوع من الكوميديا السوداء أكثر منه تعبيرًا عن الواقع، إلا أنه يطرح وجهة نظر علينا النظر إليها بعين الاعتبار، فنحن قد صرنا مسئولين عن نحن – إن جاز التعبير - وبداية تحملنا لمسئولية أنفسنا تكون بإحياء ما تبقى من منظمات مجتمع مدنى حقيقية وليست ورقية، مثل النقابات والجمعيات والمؤسسات الخيرية ومنظمات الأعمال بجميع أنواعها وأشكالها وصورها، فهذه يقع عليها عبء تحمل خدمة أعضائها، كى تكون نواة صالحة للتوسع فيها كى تشمل عامة المواطنين فى الأحياء والمدن والقرى.

فمعظم هذه الأنشطة تكون قائمة على العمل التطوعى، وغالبًا العمل التطوعى بينه وبين الرياء والنفاق الرخيص الذى نراه خصاما شديدا، وحتى الجزء الذى فيه رياء، فيه فى النهاية خدمة يحصل عليها المواطن المطحون ماديًا أو صحيًا، مثل ان يقيم أحد الأشخاص حفلا خيريا للشهرة الشخصية، فيجمع الأموال ويتبرع بها لمعهد تعليمى أو صحى أو غيره من أوجه الخير، فالنوايا والثواب والحسنات والسيئات أشياء لا يعلمها إلا الله وحده، فما يهم الجميع هو أن يحصل أولئك المحتاجين على ما يحتاجونه من غذاء أو دواء، بغض النظر عن كون حامل هذا الغذاء أو الدواء رجل دين أو رجل خمر، فالجوعى والمرضى لهم الغذاء والدواء، أما الثواب والعقاب فهو لله وحده.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، مشكلة النظافة التى تؤرق حال معظم المصريين، خاصة فى الأماكن السياحية، فأقترح أن يتولى أصحاب المحلات فى هذه المناطق مسئولية هذه المهمة، فيقوم كل صاحب محل بشراء صندوق قمامة وتحمل مسئولية نظافة الشارع أمام محله، ونفس الشيء يقوم به أصحاب العمارات، أما مسئولية تجميع القمامة من الصناديق وفرزها فيمكنهم ببساطة الاتفاق مع شركة أدارة مخلفات خاصة لتولى هذه المهمة، فهذه الشركات تحقق أرباحا عالية تمكنها من القيام بهذه المهمة دون أن يتحمل السكان مزيدًا من الأعباء.

ومشكلة عجز فقراء وبسطاء المصريين عن الحصول على العلاج والدواء المناسب، فهى أيضًا لها حل مجتمعى قائم على التعاون، من خلال الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى كل حى وقرية، ذلك بالتوسع فى المستوصفات الخيرية التى تقدم الكشوفات الطبية بأجور رمزية أو بدون أجر، ويتم التواصل مع كبار الأطباء فى مصر لتقديم صدقة وزكاة عن صحتهم فى صورة عمل لمدة يوم فى الشهر فى أقرب مستوصف أو مركز طبى بدون مقابل لوجه الله.

أما مشكلة تردى الأوضاع الأمنية فى بعض الأماكن، خاصة فى بعض قرى الصعيد، حيث صار القتل بدم بارد كشرب الماء البارد، فهى أيضًا حلها يقع على عاتق الشباب قبل الشيوخ، وليتولى شباب كل قرية حماية وتأمين مداخلها ومخارجها من خلال ميثاق شرف يجمع كل أبناء العائلات فى القرى، وتوجيه جهودهم لحماية قراهم وأحيائهم من الخارجين على القانون، وتتحول عصبيتهم وقوتهم إلى عصبية وقوة فى الخير لا فى قتل بعضهم البعض.

وهكذا فى معظم القطاعات الخدمية وغير الخدمية، فالواقع الذى نعيشه يقول بوضوح إن هناك حالة انفصام شبه تام عن الواقع يعيشه بعض المسئولين فى المحروسة، وهذه الحالة ليس لها حل سوى أن نقوم نحن بتحمل مسئولية أنفسنا بأنفسنا على أرض الواقع، فالغلاء يطحن الفقراء من أصحاب المعاشات المدنية والحكومة تعلن كل فترة عن زيادة المعاشات العسكرية، والمرض يعصف بالفقراء والحكومة تعلن عن صندوق لعلاج السادة القضاة، وهو ما نوافق عليه ونقبله ونؤمن بأهميته، ونطالب حكومتنا الحبيبة بأن تفعل نفس هذا الشيء الطيب مع جميع أبناء الشعب، فتتم زيادة كل المعاشات دون استثناء، ويتم عمل صندوق لعلاج غير القادرين جميعهم دون استثناء أيضًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط