مستقبل السعودية بعد قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" !

ردود أفعال غاضبة اجتاحت المملكة العربية السعودية والعالم العربي بعد إقرار الكونجرس الأمريكي قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف بـ " جاستا" ، حيث ظهر القلق السعودي واضحًا في تصريحات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية السعودية التي وصفت القانون بأنه " مثير للقلق " ، والحق أقول ، ومن خلال رؤيتي لسياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة أنني توقعت وكتبت منذ عدة شهور عن اتجاه الكونجرس وبقوة لإقرار هذا القانون بمقاضاة حكومات أو أفراد تورطوا في جرائم إرهابية على الأراضي الأمريكية أمام محاكم أمريكية.
ويسمح هذا القانون بإعطاء الحق لأهالي ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ، التي راح ضحيتها " 3000 " ضحية ، أمام المحاكم الأمريكية ، وقد حدث بالفعل أن تقدم عدد من أهالي الضحايا في الفترات الماضية ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب الحصانة التي يكفلها القانون الدولي لحكومات الدول ، ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية قد حسبت حسبتها بالكامل قبل موافقة الكونجرس الأمريكي على القانون بأغلبية ساحقة ، حتى بعد قيام الرئيس باراك أوباما باستخدام حق الفيتو أو الاعتراض عليه.
وحسبت كافة السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة وردود الأفعال والنتائج ، سواء السياسية أو الاقتصادية الناجمة عن إقرار هذا القانون ، داخليا زخارجيا ، وفي رأيي أن من حق أي دولة ما أيا كانت أن تقاضي أفرادا ً أو جماعات أو حكومات تورطت بالمشاركة أو التواطؤ أو بالتمويل لارتكاب جرائم إرهابية تستهدف مواطنيها ، طالما تمتلك من الوثائق الدامغة ما يؤكد ارتكابها لهذه الجرائم ، ويبدو أن تمرير هذا القانون من الكونجرس يأتي بعد تسابق حميم من قبل كافة المرشحين المحتملين للرئاسة الامريكية لاقرار هذا القانون سواء هيلاري كلينتون أو "تيد كروز" ، وترامب الدي اكد مرارا على "ثمن الحماية " نظير الدفاع عن أي دولة.
كما أن الذين يردد أن أوباما غير موافق على القانون كما أعلن عن ذلك باستخدام "الفيتو" ضده ، ربما لا يعلمون أن أوباما فعل ذلك ذرا للرماد في العيون ، ولأنه كان يرى أن أمريكا لو استخدمت هذا القانون في مقاضاة حكومات أو افراد ، فان من حق دولا أخرى أن تلجأ لنفس الإسلوب بمحاكمة امريكيين على اراضيها ليس إلا ، ولكن الإدارة الأمريكية كما قلت حسبت حسبتها وموازين المكاسب والخسارة السياسية والإقتصادية قبل الموافقة على القانون.
ولمن لا يعلم فإن أوباما نفسه هو من أدان السعودية سابقا في حوار مطول أجرته معه مجلة "the atlantic " ووصفها بــ"الراعية للتطرف " " وأنها مسئولة مع إيران عن الدمار الذي يحدث في سوريا ، واتهما وقت ان كان سيناتور لشيكاغو بانها "تقمع المعارضين ، كما أن الإدارة الأمريكية نفسها رفعت يدها تماما عن أي حماية للملكة وفرضت قيودا صارمة وحظر على الاسلحة بسبب الجرائم التي تحدث من قبل السعودية في اليمن ، وهذا ما يعد مؤشرا خطيرًا بل وحقيقة تؤكد على تخلي الإدارة الامريكية تخليا كاملا عن السعودية بعدما كانت حليفا استراتيجيا لها وأداة من أدوات تنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية وغيرها وفي محاربة الشيوعية.
ونأتي لقانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" فأنه تم تمرير سابقا في الكونجرس من قبل 22 عضوا إلا انه حظي بموافقة ساحقة كما قلت من قبل الكونجرس في سابقة تاريخية تشهدها لأول مرة الولايات المتحدة الامريكية ، حيث يسمح القانون لأهالي ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة المتهمين في هذه الجريمة الإرهابية سواء كانوا افراد أو جماعات او حكومات بالمشاركة أو التقاعس كما ورد في احد مواد القانون.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل شاركت الحكومة السعودية نفسها في هذه التفجيرات ؟ وللإجابة عن هذا السؤال يستوجب البحث في تقرير "11 سبتمبر " نفسه الذي ادان المملكة العربية السعودية وأوضح أن 15 إرهابيا من ضمن 19 إرهابي من السعودية بل ووصل الامر إلى ان التقرير اتهم جهات رسمية في السعودية بالتورط في تفجيرات برجي التجارة العالمي ، مثل الامير ترك الفيصل والبندر بن سلطان ، وغيرهما ، وقد نشرت جريدة لوموند الفرنسية بعد تفجيرات 11 سبتمبر مواد صحافية تقول " إذا كان تنظيم القاعدة شركة يرأس مجلس إدارتها اسامة بن لادن فان امراء سعوديين اعضاء في مجلس الادارة " كما أن احد المقبوض عليهم والمتورطين في التفجيرات اعترف رسميا بتورط امراء سعوديين في الحادث وذكر اسمائهم ".
كما ذكرت تقارير تورط اثنين من رجال المخابرات السعودية بالعلاقة مع انتحاريين لهم صلة بالتفجيرات ، بل ووصل الأمر إلى أن محللين سياسيين توقعوا عدم رفع الحكومة الامريكية الحظر عن الاسم الباقي في المتهمين في التفجيرات لانه ربما يكون الملك "سالمان بن عبد العزيز " نفسه وذلك بسبب صلته وقت أن كان اميرا ً بتنظيمات وافراد لهم علاقة بالقاعدة !! والسؤال هنا : ماذا ستفعل المملكة العربية السعودية إزاء هذه الكارثة التي تهدد العائلة المالكة وتضرب مشروعيتها في مقتل وربما تؤثر على حياة الشعب السعودي الشقيق ؟ ، خاصة وأن أهالي ضحايا تفجيرات 11 يبتمبر يطالبون بــ "تريليون " دولار كتعويضات" وأن المرشحين المحتملين للرئاسة يتسابقون لإقرار القانون.
هل ستلجأ السعودية إلى سحب أرصدتها واستثماراتها من الولايات المتحدة وهي تقدر بــ 750 مليار دولار كنوع من الضغط على الإدارة الامريكية ؟ وهل ستلجأ لسلاح النفط ؟ وأتوقع أن الحكومة السعودية لو لجأت لهذه القرارات الانفعالية دون ترو وحسب ردود الأفعال والنتائج ستخسر كثيرا ، لأن الإدارة الامريكية ستبتلع هذا المنبلغ كله بل وستقوم بتجميده لصالح ضحايا 11 سبتمبر ، خاصة وأن عدد من أهالي الضحايا بدءوا بعد موافقة الكونجرس بالاغلبية على تمرير القانون في رفع قضايا فعليا ضد السعودية ، كما أن الإدارة الأمريكية إن لم تجمد هذه الارصدة والممتلكات وتمنع التصرف فيها فأن هذه الاموال والممتلكات والحوافظ الاستثمارية ستخسر كثيرا في حالة بيعها بشكل فوري ، وربما تصل الخسارة إلى ما يقارب الــ 35 أو 40 % .
كما ستلجأ الإدارة الأمريكية لفرضحزمة من العقوبات على المملكة ، فأي ردود انفعالية وغير محسوبة في السياسة ستكلف المملكة العربية السعودية تكاليف واعباء سياسية واقتصادية مروعة قد يؤدي بالتصلف الامريكي الذي شارك في صناعة القاعدة وداعش إلى فرض الوصاية ورفع كافة اشكال الحماية على حكام المملكة ، فمعروف عن الإدارة الامريكية أنها تصنع حلفائها وعندما ينفذون لها مرادها تلقي بها في العراء وتتخلى عنهم ليلقوا مصير مرعب ، وهذه سياسة امريكية قذرة ، خاصة وأن السعودية تغوص الآن غوصا ًعميقا في مستنقع الحرب في اليمن والعراق وسوريا بدعمها المتناهي للمعارضة السورية لاسقاط الجيش الوطني السوري وهو امر ما كنا نرجو أن تقدم عليه المملكة ، وبالنسبة للعالم العربي عليه أن يستفيق من غفوته ويتنبه لمصيره ووحدته ويتنبه لهذه المخططات التي تحاك ضده وتستهدف وحدته.
وقد يساءل سائل ماذا تفعل مصر للملكة بعد تمرير قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" ؟ والحق أقول أن دعم الدول العربية كلها كافة واجب مصري بشرط أن يكون دعما سياسيا ودبلوماسيا ، دون الانزلاق لحروب بالوكالة وتوريط الجيش المصري وانهاكه في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل ، كما يجب على مصر والعالم العربي أن يعدوا ملفا موثقا ً عن جرائم الإدارة الامريكية سواء بالتخطيط أو المشاركة أو التواطؤ او التمويل في دعم الإرهاب في مصر والعالم العربي وخاصة جرائم الإدارة الامريكية في اشعال فتيل "ثورات الربيع العربي" لاسقاط الجيوش الوطنية العربية والجيش المصري.
وكذلك تعدي الإدارة الامريكية وانتهاكاتها بلا هوادة لمبدأ سيادة وحصانة الدول خاصة في العراق وسوريا ، وان يصطف العرب لاجل قانون عربي موحد يتفقون على تسميته قبل ان يلاحق القانون الامريكي دولا اخرى . وأنني من هنا اطالب المملكة العربية السعودية حفاظا على الامن والاستقرار في المنطقة وحفاظا على الشعب السعودي بل وحفاظا على مشروعية حكمهم بالكف عن نشر الوهابية في المنطقة وعدم تمويل الجماعات الإرهابية المسلحة من الجيوش الحرة في سوريا واليمن والعراق والكف عن دعم الحروب المذهبية لانكم ستكونون أول من يكتووا بها والتي تهدد مشروعيتكم بل وتقودكم الى مستقبل مروع ومرعب ربما يصل لملاحقتكم أمام المحكمة الجنائية الدولية
[email protected]
مصر
الطلاب الوافدين
التعليم العالي
التنسيق
الخارجية
الربيع العربي
داعش
سوريا
ترامب
الري
العراق
حادث
حماية
الناتو
السعودية
الصناعة
الرقابة
ايران
درة
الواجب
العرب
دولار
الملا
هيلاري كلينتون