التعليم أيضا يحارب الإرهاب يا سيادة الرئيس

منذ أن كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع ونحن نرى اهتماما قويا وواضحا منه بتعزيز القدرات العسكرية لكل أفرع القوات المسلحة، وهذا الاهتمام ازداد بعد أن تولى السيسي حكم مصر، فوجدناه يعقد الصفقات لشراء أحداث الأسلحة مثل حاملتي الطائرات الفرنسيتين، وطائرات رافال المقاتلة وغيرها.

دائما ما يؤكد الرئيس أهمية مواصلة جهود تعزيز قدرات الجيش للتصدي لأخطار واجتياز تحديات هي ـــ في رأيي ـــ حقيقية وتحتاج بالفعل إلى جيش قوي قادر على حماية شعبه وأرضه، وحتى جيرانه من الدول العربية الشقيقة إذا طلبت المساعدة.

ولكن يوجد نوع آخر من التسليح تحتاجه مصر أكثر، وهو تسليح العقل بالعلم الذي يرفع درجة وعي شعبها ويجعله قادرا على البناء والتنمية، مصر تحتاج إلى مدارس مؤهلة ومعلمين مدركين أهمية دورهم الذي يتمثل في بناء شخصية وطنية صالحة وقوية بأخلاقها ومعرفتها، تحتاج مصر إلى جامعات تخرج شبابا قادرا على العمل في كل الظروف وبكل الإمكانات للارتقاء بوطنه ووضعه في مكانة يستحقها.

إن الجيش المصري هو الأقوى عربيا ويحتل مرتبة متقدمة عالميا، وهذا بالتأكيد مصدر فخر لكل مصري شريف يحب وطنه، ولكن ما لا يمثل مصدرا للفخر هو احتلال مصر المركز قبل الأخير في التصنيف العالمي لجودة التعليم، وهو الأمر الذي يمثل تهديدا لأمننا القومي ولا يقل خطرا عن التهديدات الإرهابية التي يتصدى لها رجال الجيش والشرطة ويقدمون كل يوم التضحيات والشهداء.

من المهم أن نعي أن محاربة الإرهاب لا تكون فقط بالوسائل الأمنية، فالتعليم أيضا يحارب الإرهاب وينتصر عليه ولا يسمح للأفكار المتطرفة والتكفيرية بالظهور والانتشار، في حين أن الجهل سبب رئيسي لظهور تنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة و"بوكو حرام" وغيرها.

ختاما أتمنى أن ينتبه الرئيس والحكومة برمتها إلى أهمية تطوير منظومة التعليم قبل فوات الأوان، فالمشروعات القومية الكبرى مثل قناة السويس الجديدة واستصلاح المليون ونصف المليون فدان والعاصمة الإدارية الجديدة ومدينتا الأثاث بدمياط والجلود بالروبيكي وغيرها، لن تفيد مصر بشيء إذا لم يكن هناك شباب متعلم مدرك أهمية وقيمة تلك المشروعات وقادر على إدارتها والعمل فيها بكفاءة.