الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الذهب وخاتم الزواج


تقدم شاب فقير من عائلة شريفة لخطبة ابنة سيد قومه، سأله أبوها ماذا تملك؟ قال له: لا شيء، فقال له عظيم القوم: يجب أن تعطيها شيئًا ما مهرًا لها، ولم يكن الشاب يملك من حطام الدنيا شيء غير عدة الحرب الخاصة به، فباعها وأعطى ثمنها اليه مهرًا لابنته، فقبل المهر، وكان أقل من خمسين دينارًا ذهبيًا.

هل تعرفون من هو هذا الشاب الفقير، ومن هو سيد قومه، ومن هى العروس؟ إنه الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، الهاشمى القرشى سيد شباب أهل مكة، والعروس هى السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيد الخلق وسيد ولد آدم أجمعين، ولا أحد منا يجرؤ على مقارنة نفسه بسيدنا الإمام على، ولا واحدة من بناتنا تجرؤ على أن تقارن نفسها بسيدتنا فاطمة الزهراء -رضى الله عنها- بنت سيدنا النبى، فلا حملت الأرض أكرم ولا أشرف ولا أطهر من بيت النبوة، ولا يقارن نفسه بهم إلا أبناء وبنات الأنبياء السابقين عليهم جميعًا من الله الصلاة والسلام.

فإذا كان سيدنا النبى قد قبل مهرًا عاديًا لا يزيد شيئا عن مهر أى فتاة فى وقتها، وهو نفس المهر الذى دفعه لزوجاته عليهن السلام، فلما المغالاة فى المهور؟ ولما تنفير الشباب من الحلال وجعل الحرام أيسر عليهم منه؟ واذا كانت هناك فتاة تضاهى السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا النبى فى شيء، سواء كان حسبًا أو نسبًا أو جمالًا فلتعلن لنا عن نفسها، وساعتها لن تستحق مهرًا أكثر منها اذا افترضنا جدلًا أنها تساويها فى شيء من أمور الدنيا.

ونقطة أخرى وهى ادعاء معظمنا طاعة النبى والعمل بسنته الشريفة، فمن يدعى أنه يسير على السنة النبوية بصدق، وأنه يطيع النبى فى كل أمر، لما لا يسير على نهج النبى فى تيسير زواج الشباب؟ أم اننا نطيع الله ورسوله فيما لنا ونعصيه فيما علينا؟ وأن كان تعطيل الزواج بالمغالاة فى المهور هو وبال علينا جميعًا، فالكل خاسر، بعدما صار لدينا فى مصر عشرات الملايين من الشباب لا يستطيعون الزواج بسبب غلاء المهور والتنطع فيها.

لذا وجب علينا الاقتداء بسيدنا النبى وتيسير زواج بناتنا وأبناءنا، فهذا يصب فى مصلحة الجميع، وإذا خرج علينا من يقول إن الزمان قد تغير ونحن قد تقدمنا عنهم، فالحقيقة هى اننا لسنا أكثر تقدمًا من الأوربيين والامريكان اللذين يسيرون على منهاج الانبياء والصالحين فى تيسير الزواج، فلا يوجد شيء عندهم أسمه قائمة عفش، ولا قائمة شبكة من الذهب، ولا يوجد عندهم شيء أسمه شقة تسع عدة عائلات مرة واحدة، ولا شيء أسمه مؤخر أو شيكات الى آخر البدع العربية فى التفاخر والتباهى البعيد عن كل مقاصد الزواج.

لأن كل ما سبق هو من مظاهر الجهل والتخلف، وليس من مظاهر التحضر والتقدم فى شيء، فأى تقدم وأى تحضر فى أن يبيع الرجل أرضه أو جزءا من بيته أو يستدين من البنوك أو من غيرها.. كى يدفع تكاليف زواج ابنه أو ابنته؟ وأى تقدم وأى تحضر فى أن يقضى الشاب زهرة شبابه فى الخارج أو الداخل يجمع قيمة شبكة زواجه ان استطاع جمعها؟ وأى تقدم وأى تحضر فى شروط السكن والعفش وغيره من عفوشات التفكير –إن جاز التعبير-.

ففى الدول المتقدمة لا يقدم العريس لعروسه سوى خاتم الزفاف، لا يوجد شئ أسمه ذهب بالوزن، أو أن أهل العروسين يتبادلان الغمز واللمز اذا زادت الجرامات أو نقصت أثناء الشراء عند بائع المجوهرات، أو أن تُفسخ الخطوبة لأن الشبكة نقصت أو زادت على ما أتفقوا عليه، فالعريس الأوروبى المتحضر يشترى خاتم الزفاف بمفرده وعلى حسب مقدرته، ويفاجئ به العروس، التى تجرى به فرحًا لتريه لأهلها وأصدقائها ومعارفها، ولو كانت فى بلادنا لذهبت به الى أقرب جواهرجى لمعرفة وزنه وثمنه.

علينا أن نقتدى بمن سبقونا من الأنبياء والصالحين ونيسر زواج أبناءنا وبناتنا، أو نقتدى بالأوروبيين والأمريكان فى العصر الحديث ونيسر الزواج كما يسروا هم، فنحن بتصرفاتنا صرنا فصيل من البشر بمفردنا، لا نحن سرنا على ما سار عليه الصالحون منا ويسرنا على أنفسنا، وعلى نحن قلدنا المتقدمين فى عالمنا ويسرنا كما يسروا هم أيضًا، بل صرنا نبحث عن كل ما فيه جاهلية وتفاخر وتباهى بين العرب قبل الإسلام ونحاول بعثه من جديد، عافانا الله جميعًا من جاهلية عادت لتطل علينا كل يوم بوجهها القبيح.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط