الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نقص أصناف أم نقص دواء؟


لدينا في مصر أصناف أدوية أصبحت غير متوفرة فى الصيدليات والمستشفيات ولا بدائلها أيضًا متوفرة، ولكن ليس لدينا نقص في الدواء بصفة عامة، فتعميم نقص أصناف بعينها على الأدوية كلها هو تعميم خاطئ، فزيارة واحدة منك إلى أقرب صيدلية لك ستجدها مليئة بالأدوية، فما حقيقة المشكلة؟ ومن أين جاءت؟ وما الحل السريع لها لإنقاذ المرضى؟ 

المشكلة تكمن في أن هناك عدة أصناف من الأدوية الأساسية المستوردة لم تعد موجودة، والسبب فى ذلك هو ارتفاع سعر الدولار، الذي تبعه ارتفاع فى تكلفة الاستيراد؛ ولذا صارت بعض الأصناف غير مجدية فى استيرادها، فتوقف المستورد الوحيد لها عن توفيرها للسوق المصرية، ومن ناحية أخرى هناك أصناف محلية الصنع، ارتفعت تكلفة إنتاجها وصارت أعلى من سعر البيع، أو توقف استيراد الخامات بسبب ارتفاع أو نقص الدولار، فتوقفت الشركات عن إنتاجها، فهل الدولار هو السبب الوحيد؟

الدولار ليس السبب الوحيد، فالسبب الرئيسى فى الأزمة هو الخلل الشديد والتعقيدات المميتة فى تسجيل الأدوية فى مصر، فهناك العديد من الأصناف التى صارت غير متوفرة، يمكن إنتاج بدائل لها بسهولة داخل مصر، ولكن الروتين الحكومى يمنع ذلك، فعلى سبيل المثال أزمة المحاليل، هى أزمة مثيرة للسخرية، لأن أصغر شركة دواء عاملة فى مصر تستطيع إنتاجها ولكن من أين لها بالموافقة، وهناك أصناف مستوردة لها بدائل أخرى خارج مصر وفى نفس دول الإنتاج الأصلى، ولكن لا يمكن استيرادها بسهولة.

ولك أن تعلم أنه لو كان هناك دواء أمريكى مثلًا وحاصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وهى أعلى هيئة رقابية فى أمريكا، وهذا الدواء له بدائل أخرى داخل أمريكا يحتوى نفس المادة الفعالة وحاصل على نفس الموافقات، لا تستطيع إدخاله مصر إلا بعد مرور عامين على الأقل نتيجة لإجراءات التسجيل والموافقات على الاستيراد والتسعير فى مصر.

إذن المشكلة كان يمكن حل بعضها بسهولة عن طريق السماح للمستوردين العاملين فى مجال الادوية باستيراد بدائل الأصناف الناقصة والمعتمدة فى دول الاتحاد الاوربى أو الولايات المتحدة وإدخالها مصر، دون الانتظار لمدة عامين لاستيفاء أوراق وتحاليل وطلبات أخرى عفى عليها الزمن، وكذلك منح موافقات سريعة للشركات المصرية الكبرى لإنتاج هذه الأصناف طالما توافرت الإمكانيات المادية والعلمية بها، دون إدخالها فى الدائرة المفرغة الحالية.

فقد أصبح لدينا فى سوق الدواء المصرية بيزنس خاص ببيع ملفات الأدوية، حيث ينتظر الصابرون عامين أو أكثر للحصول على موافقة وزارة الصحة على تصنيع أو أستيراد صنف بعينه، وبعد حصولهم على الموافقات أما ينتجونه لحسابهم، أو يبيعون الموافقة بعدة ملايين إلى مشترى آخر، وهناك مشترون جاهزون يعملون بمبدأ ( شراء العبد ولا تربيته)، وذلك بسبب الروتين والتعقيدات الغير منطقية فى عمليات تسجيل الادوية فى مصر .

إذن فالحل العملى والسريع لأزمة نقص بعض الأصناف، هو عمل حصر شامل بالأدوية الأساسية المستوردة أو المحلية الغير متوفرة حاليًا، والسماح باستيراد بدائلها أو إنتاجها فى مصر فورًا وبقرار سيادي، ومراجعة جادة وحقيقية لإجراءات إدخال الأدوية المستوردة لمصر وطريقة تسعيرها، وفتح السوق أمام الجميع وعدم غلقه لمصلحة أشخاص بعينهم، وتيسير تسجيل الأدوية للشركات المصرية الوطنية ومرونة تسعيرها، سيساهم فى حل سريع للأزمة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط