الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الجنيه" بريء من أزمات الصحفيين


من حق الجماعة الصحفية، أن تتخوف من القرارات الاقتصادية الأخيرة ، التى اتخذتها الحكومة بشأن التعويم الجزئى للجنيه ، وتحرير سعر صرفه مقابل العملات الأجنبية ، لما لذلك من تأثيرات سلبية على زيادة التكاليف الملقاه على عاتق المؤسسات الصحفية ، التى تعانى بالأساس أزمة ديون، حتى بلغت فى بعض المؤسسات المملوكة للدولة نحو 10 ملايين جنيه كما فى الأهرام مثلا.

ومن حق نقابتنا العريقة – الصحفيين – باعتبارها المظلة التى تحمى أعضاءها ،أن تبدى قلقا حول مستقبل المهنة وأبنائها، فى ظل تداعيات ذلك القرار، الذى يظهر أثره بشكل مباشر على بطالة الصحفيين ، فى شكل تسريح جزئى أو جماعى.

غير أن نظرة تحليلية وتشريعية للأمر قد تساعد فى التقليل من حدة المخاوف والقلق ، وتكشف عن الأسباب الحقيقية وراء بطالة الصحفيين ، وهل ثمة علاقة بينها وبين تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وانعكاس ذلك على أوضاع المهنة بشكل عام ، وهناك ضرورة لبيان ما اذا كانت التشريعات المنتظرة كفيلة بحلها من عدمه.

بداية لا بد وأن نعترف بأن بطالة الصحفيين أمر تعانى منه الجماعة الصحفية منذ زمن يسبق قرار تحرير سعر صرف الجنيه الذى بدأ فى 3 نوفمبر الجاري ، وهى مشكلة تفاقمت خلال السنوات الخمس الأخيرة ، وبشكل يمثل تهديدا صريحا للمهنة وللصحفيين، وهو ما يعنى – على الأقل عندى – أن الجنيه بريء من بطالة الصحفيين الحالية.

صحيح أن تكاليف الاستيراد ارتفعت بعد تعويم الجنيه ، وهناك مخاوف من وصول سعر الدولار الى حاجز 20 جنيها للدولار، ومن ثم فان تكاليف الطباعة آخذة هى الأخرى فى الارتفاع ، نظرا لاعتمادها على الورق المستورد، مما دفع بالبعض للمطالبة بزيادة سعر بيع الصحف المطبوعة لمواجهة زيادة التكاليف، غير أن هذا أيضا ليست له علاقة ببطالة الصحفيين أو مشاكل العمل فى مختلف المؤسسات ، لأن الزيادة فى أسعار الورق ليست الأولى بل سبقتها زيادات شكلت أزمة فعلية كما حدث إبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، حينما ارتفعت الأسعار فى أواخر تسعينيات القرن الماضى ، وواجهت الصحف أزمة فى تدبير احتياجاتها من ورق الطباعة ، زادت حدتها فى الصحف الحزبية والخاصة ، الأمر الذى دفع ببعضها ان تقلل من صفحاتها إلى 12 صفحة بدلا من 18 للأعداد الأسبوعية.

ومع ذلك لم تقم الصحف بتسريح الصحفيين أو العمالة لديها بل حافظت عليها وتفهم الصحفيون الأزمة فى الموافقة الضمنية على تقليل مكافآتهم بحدود لا تضر بدخولهم الشهرية.

وإذا تحدثنا عن التشريعات المنتظرة، والتى تتمثل فى قانون تنظيم الصحافة والإعلام ، نلاحظ أن الهيئة الوطنية للصحافة منحت الصحف المملوكة للدولة مزايا فى هذا الشأن، بأن قدمت إعفاءات جمركية على مستلزمات الانتاج، بعكس الصحف الخاصة والحزبية، لتصبح الأزمة الحقيقية مع الصحف الخاصة بما فيها الحزبية، وتتحلل منها الصحف المملوكة للدولة، بما يعنى حال الموافقة على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الموحد أن تظل الأزمة عالقة بالصحف الخاصة، التى تصدر يعانى صحفيوها البطالة والتسريح الجماعى وخلاف ذلك من المشاكل المتعلقة بظروف العمل.

ولا يخفى علينا كصحفيين أن المشاكل التى يعانى منها الصحفيون تبلغ أشدها فى الصحف التى تقوم على رأس المال الخاص ، وهى التى شهدت عمليات تسريح شبه جماعى للصحفيين ، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى زيادة التكاليف عن الإيرادات ، ومن ثم يتم التفكير وبشكل مباشر لتخفيضها فى شكل تقليل عدد الصحفيين توفيرا لرواتبهم ، فى حين أن الصحفيين خاصة الذين ارتبطوا بمؤسساتهم لديهم الاستعداد لتحمل الظروف الاقتصادية الصعبة لها ، شريطة أن تتعامل معهم الإدارة بنوع من الشفافية ، وعلى أنهم أساس تقدم المؤسسة، غير أن ما يحدث فى كثير من المؤسسات أنه يتم التعامل مع الصحفيين على أنهم وسائل إنتاج يتم ترشيدها وقت الحاجة دون النظر لدورهم الوطنى والمهنى فى المؤسسة قبل المجتمع.

الجنيه إذن بريء من ازمة بطالة الصحفيين وتسريحهم ، وتداعيات قرار تعويمه ليست أكثر خطرا من سلوكيات إدارات بعض المؤسسات الخاصة ، التى أدت بممارساتها إلى فقدان الصحفيين الثقة فيها ، وهو ما يفسر حالة التسريح الجماعى للصحفيين، التى ترجع بشكل مباشر لإدارة المؤسسات التى تريد أن تقوم بايصال رسالة أن رأس المال الخاص صاحب القرار دون ضابط أو رابط حتى لو كان على حساب مهنة الصحافة وأبنائها.

فاذا كان رأس المال الخاص يساهم فى التنمية فعليه أن يساهم فى تقديم رسالة إعلامية وطنية خالية من المصالح الخاصة والأرباح الرأسمالية، وقتها تنصلح العلاقة بينه وبين الصحافة.
[email protected]
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط