الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صادرات الكول سنتر


الأسبوع الماضي افتتح السيد الرئيس عبر الفيديو كونفرانس القرية التكنولوجية فى مدينة أسيوط الجديدة، وهي القرية التى ستكون نواة لعدة قرى تكنولوجية جديدة فى الصعيد، مما سيفتح الباب أمام الصعايدة للمنافسة العالمية فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة، والقرية كانت حلمًا يراود الصعايدة وصارت واقعًا ملموسًا على الأرض، وتشكل إضافة قوية لتنافسية السوق المصرية فى العالم.

فمصر تمتلك ميزة تنافسية كبيرة فى قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يجعلها مرشحة لتكون أكبر مصدر لهذه الخدمات فى العالم، وكل ما هو مطلوب من الدولة المصرية، هو توفير البنية الأساسية لهذه الصناعة التى يحتاجها العالم بشدة، والعامل الرئيسى الذى يحركها من دولة إلى أخرى هو مدى التكلفة فى كل دولة.

وتكلفة تقديم الخدمات فى مصر منخفضة جدًا بالمقارنة بالدول الأوربية أو دول أمريكا الشمالية، نتيجة انخفاض الأجور وانخفاض الإيجارات فى معظم المدن المصرية بالمقارنة بهذه الدول، وهو ما يجعل تكلفة خدمة كالكول سنتر مثلًا فى مصر أرخص من أى دولة أوربية، وبالتالي إقبال الشركات متعددة الجنسيات على تقديمها من مصر توفيرًا للنفقات وبخاصة شركات الاتصالات وشركات تكنولوجيا المعلومات العابرة للقارات.

فالكول سنتر يمكنه أن يخدم أي شركة فى العالم بغض النظر عن موقعه، فعلى سبيل المثال يمكن لمركز كول سنتر فى القرية التكنولوجية فى أسيوط أن يرد على المكالمات الصادرة من أى عاصمة أوربية، وكأن المركز فى وسط هذه العاصمة، ويمكنك أن تطلب وجبة طعام من مطعم فى أمريكا فيرد عليك الكول سنتر فى أسيوط ويوجه الطلب نحو أقرب فرع للمطعم الذى طلبته إلى محل سكنك، ويمكن لمراكز الدعم الفنى فى قرية برج العرب التكنولوجية مثلًا أن يخدم شركة ما فى ألاسكا أو فى جنوب المحيط الهادي.

إنه بزنس جديد ولا تنافسنا فيه على المركز الأول سوى إسرائيل والهند، ومصر تتميز عن الهند بحرفية المصريين فى التعامل المرن وفى طريقة نطق اللغات الأجنبيات، فاللهجة المصرية أقرب إلى الأوروبيين من اللهجة الهندية عند نطق اللغات الأجنبية، وتتميز مصر عن إسرائيل بوفرة الموارد البشرية وبتكلفة اقتصادية، وإن كانت إسرائيل تتفوق علينا مؤقتًا بالبنية التحتية القوية فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما بدأت مصر تلحق بها فى الأونة الأخيرة من خلال التوسع فى القرى التكنولوجية.

ولك أن تعلم أن دولة مثل رواندا التى كانت من عشر سنوات مضت تعانى من أسوأ حرب أهلية فى التاريخ الحديث، راح ضحيتها أكثر من مليون إنسان، هى اليوم قبلة رواد الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى إفريقيا، وهي سوق صارت عماد اقتصاد هذه الدولة الإفريقية الصاعدة بقوة، مما يؤكد على أننا قادرون على أن نقود بزنس تصدير الخدمات فى العالم.

لذا علينا أن أردنا زيادة الحصيلة الدولارية الواردة لمصر، أن نبحث عن فرص تصدير هذه الخدمات حول العالم، ونهيئ لشبابنا ورجال الأعمال والمستثمرين الجو المناسب للعمل من بيئة تحتيه ذكية وتشريعات مُيسرة وحوافز مُشجعة لهم على العمل والإنتاج والتصدير للخارج، فهذه الصادرات تعبر الحدود بسهولة دون جمارك أو حواجز جمركية دولية.

وأتمنى أن يكون لنا نصيب كبير من سوق بمئات المليارات من الدولارات حول العالم، كى نوفر لشبابنا فرص عمل دائمة، ونوفر للدولة عملة صعبة، تنعكس بالإيجاب على كل فئات الشعب، وقد يأتى يوم نرى فيه قرية تكنولوجية فى كل محافظة ومدينة وقرية مصرية، كى نُعيد إحياء قوة مصر الناعمة التى كانت أيام أجدادنا الفراعنة العظماء، الذين سادوا العالم بالعلوم والفنون والآداب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط