الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلهم أبو لهب!


سورة المسد توضح لنا مصير الإنسان عندما يضل عن سبيل الله في الدنيا فتكون النتيجة في الآخرة دخول جهنم، وجاءت السورة بمثال للإنسان الضال وهو أبو لهب. 

وقت نزول سورة المسد كان أبو لهب حيًا، ومع ذلك جاء في الآيات قرار من الله تعالى بأن أبو لهب سيموت كافرًا، وكان بإمكان أبو لهب أن يعلن إسلامه ليثبت أن آيات القرآن غير صحيحة، ولكنه لم يفعل، والذي حدث أن كلام الله تعالى تحقق فيه وظل أبو لهب على كفره حتى مات.

وهناك فرق بين علمه تعالى بأن أبا لهب سيبقى على كفره حتى يموت، وبين أن الله تعالى قضى وقدر عليه أنه لن يؤمن. 

إن علم الله تعالى بالغيب لا علاقة له بالتدخل فى حرية الاختيار للبشر، وفي المقابل فإن القضاء والقدر يأتيان في الأمور التي ليس فيها اختيار للإنسان وليس مسئولًا عنها يوم القيامة، مثل موعد ومكان ميلاده وموته، أو لونه وجنسه، ولا علاقة للقضاء والقدر بالإيمان والكفر لأن الإنسان يملك فيهما حرية الاختيار.

وأبو لهب اختار بإرادته أن يظل كافرًا حتى يموت، ولم يهتم بما يقول القرآن عنه، قال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ . وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ) الأنفال 23-22، فالذى اختار الضلال لا يسمع ولا يعقل، ولا يساعده تعالى على الهداية لعلمه أنه لا خير فيه.

قال تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) المسد 2-1، إن التعبير بالماضي من الله تعالى على شيء لم يحدث بعد إنما هو تقرير لما سيحدث في المستقبل: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) المسد 3.

ومع أن السورة خاصة بأبي لهب، إلا أنها عامة تشمل كل من يكون مثله من الذين أدمنوا المعصية حتى طبعت قلوبهم على العصيان، ويأتي هنا دور الشيطان الذي يوسوس للإنسان فيقوم بتبرير المعصية بدلًا من التفكير في التوبة، ويستمر في ذلك حتى تنقلب لديه المعايير، ويفقد التمييز بين الصواب والخطأ، فيزين الشيطان للعاصي سوء عمله فيحسبه خيرًا، وهنا يصبح وعظ هذا العاصي بلا فائدة لأنه سيستمر فى عصيانه حتى الموت.

فالحاكم المستبد الذي ظلم الناس مثله مثل فرعون، ورجل الأعمال الذي جمع أمواله بالفساد والإفساد مثله مثل قارون، ورجل الدين الذي ضلل الناس باسم الدين مثله مثل هامان، كلهم مثل أبو لهب، فهو رمز لكل الضالين الذين اختاروا الباطل حتى الموت.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط