عمرو على يكتب: حول مواقف الاخوان السابقة من مسألة القروض (تأصيل لظاهرة الزهايمر السياسي)

تعاني المجتمعات " النصف
ثورية " من تأصل ظاهرة الزهايمر السياسي كإستنساخ صريح للمرض العضال الذي
يصيب الجنس البشري ويتطور
ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته علي التركيز والتعلم، وقد يتطور ليحدث
تغييرات في شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو قد يصاب بالهلوسة أو بحالات من حالات
الجنون المؤقت والكل يعلم أن الذاكرة هو أول ما يتأثر بمرض ألزهايمرالذي في
البداية تكون مشكلته بسيطة وهي عبارة عن نسيان بعض الأشياء الحديثة مثل نسيان بعض
الأشخاص الذي قابلهم أو ماذا فعل في ذلك اليوم أو اليوم الذي قبله ولكن مع الوقت
تتطور المشكلة وتزداد خصوصا تذكر الامور الحديثة مع الاحتفاظ بالذاكره القديمة
التي لا يفقدها المريض إلا بالمراحل المتقدمة من المرض ، ولا نعرف متى انتقل المرض
أول مرة الى السياسة ولا الناقل الحامل
هذه المرة للفيروس ولكن الأكيد أنه أصبح من الأمراض المتوطنة لدي الجماعات
السياسية – ولا نستثني منهم أحد – ونال الأخوان كالعادة قصب السبق في هذا المجال
كما هي عادتهم فظهرت عليهم هذه الأيام أعراض الزهايمر السياسي والذي كان من أسبابه
المباشرة " نوعية " الكرسي " ووضعية " الجلوس كما هو ظاهر
للعيان ، فقد أقام الإخوان المسلمين منتصف شهر مايو الماضي الدنيا ولم يقعدوها
عندما رفض نواب التيار الديني بالبرلمان الموافقة علي قرض مشروع البنية الأساسية
للصرف الصحي الموقع بين مصر والبنك الدولي للإسكان والتعمير والذي يصل إلي 300
مليون دولار بحجة وجود شبهة "الربا" في هذا القرض ؟؟ ، مما دعا القيادي
الإخواني النائب الشيخ السيد عسكر رئيس لجنة الشئون الدينية بالبرلمان إلي التأكيد
بأنه آلي علي نفسه منذ ان كان عضوا بمجلس الشعب الأسبق الا يوافق علي أي اتفاقية
قرض، مؤكدا ان الشريعة الإسلامية مرت بعدة مراحل واستقر الأمر علي ما جاء في
القرآن الكريم الذي حرم "الربا" وبشكل قاطع ، كما أكد القيادي الإخواني
محسن راضي وكيل لجنة الثقافة بالمجلس أهمية انجاز مشروعات البنية التحتية من خلال
خطة واضحة لإقامة مثل هذه المشروعات وليس من خلال الاعتماد علي القروض الخارجية
وفضل التمويل الذاتي لمثل هذه المشروعات. واقترح راضي إعادة الاتفاقية إلي لجنة
الإسكان والمرافق ومكتب لجنة الشئون الدينية لحسم أمرها، وقال راضي اننا لانوافق
علي هذه الاتفاقية طالما فيها شبهة الحرام كما أكد النائب الإخواني المهندس
إبراهيم أبوعوف رئيس لجنة الإسكان والمرافق ومقرر الاتفاقية أمام البرلمان تأجيل
مناقشتها وارجع ذلك إلي أن جميع النواب حريصون علي عدم مخالفة شرع الله ؟؟
فما الذي حدث وهل رب شهر مايو غير رب شهر اغسطس عند
الإخوان ؟ ، وهل القروض التي وصفها نواب الاخوان بإنها حرام حرام حرام لمجرد أنها
قادمة من حكومة الجنزوري بسبب الخلافات السياسية أو ما وصفها النائب السابق مصطفى
الجندي وقتها بإنها دعايا إنتخابية رخيصة رغم أن الاخوان أنفسهم جلسوا مع اعضاء الصندوق
أثناء زيارتهم لمصر مما يعني موافقتهم على الموضوع من حيث المبدأ ثم رفضه امام
شاشات التليفاز من اجل أغراض انتخابية مغلفة بطبيعة الحال بأرء دينية وفقهية تصف
القروض وفوائدها بالربا وتجعل الموافقة عليه من الكبائر حتى أنهم ناقشوها على
صفحتهم الرسمية مؤخرا بعد أن أحيا الجدل الحادث داخل البرلمان السوداني
خلال الأيام الماضية حول إجازة قروض ربوية تنوي الحكومة اقتراضها من صناديق
خارجية؛ وذلك لغرض تمويل ثلاثة مشروعات هي: سد أعالي نهر عطبرة، وسد نهر ستيت،
ومطار الخرطوم الجديد تحت عنوان كبير " هل يجيز فقه الضرورة القروض الربوية؟ " ليخرج
برأي واحد هو حرمانية القروض على المطلق وإقترانها بالربا وإن الاقتراض
بالربا من المحرمات القطعية الثابتة التي لا مجال لتبريرها سواءً للأفراد أو
الحكومات إلا في حالة الضرورة إن وجدت، وأنّ الضرورة تحدد بشروطها وتقدر بقدرها.
إنَّ استدلال بعضهم بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات باطل
لعدم وجود الضرورة في حالة الحكومة السودانية، وأنّ هناك من البدائل الشرعية ما
يُغني عن أخذ القروض الربوية .
فما الذي حدث إذا وجعل الاخوان يحللون اليوم ما حرموه
بالأمس خصوصا بعد تصريح محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة
الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين وقتها أن الحزب لا يحبذ التوسع فى
الاقتراض الخارجى لما له من سلبيات، منها زيادة أعباء خدمة الدين العام، الذي وصل
لمرحلة خطيرة تعدت نسبتها ٦٢% من إيرادات الموازنة وشدد على أن رفض الحزب قرض
البنك الدولي خضع لمعايير اقتصادية بحتة ، فإذا كان قرض صندوق النقد الدولي قبل
ثلاث شهور وبقيمة لا تتجاوز ال300 مليون دولار لإنقاذ شبكة الصرف الصحي التي
تتهاوى في البلاد حرام - حرمانية الربا – فكيف
بخمسة عشر ضعف هذا القرض الحرام – 4.8 مليار دولار – يصبح بقدرة قادر حلال حلال
حلال لتمويل مشروع النهضة وزيادة الاعباء على الخزانة المجهدة أصلا بعدما تجاوزت الترليون جنيه ديون داخلية وخارجية ولماذا
صمت الإخوان عن سندات الخزانة التي تصدرها وزارة المالية ، ويكفى أن نعلم أن قيمة
أذون الخزانة التي أصدرتها المالية المصرية منذ وصل الإخوان إلى أغلبية مجلس الشعب
قد تجاوز العشرين مليار جنيه بفائدة تجاوزت الـ 14 % ، والسؤال الأهم للسيد الرئيس الذي
إسترد صفة التشريع بعد قراراته الأخيرة ماذا سيحدث في حالة تغير تركيبة مجلس الشعب
القادم ورفضه لهذا القرض كحق أصيل له في عرض ما تم إقراره في غيابه تشريعيا وهل
وقتها ستصدر لجنة الشئون الدينية تصحيحا فقهيا ودينيا لإقتران القروض بالربا وسنجد
من يخرج لنا من الإجتهادات الفقهية من يحلل و يجيز فقه الضرورة للقروض الربوية للحكومات الاخوانية ؟؟
حالات الزهايمر السياسية تصلح كثيرا لتحليل حالة الاخوان
المسلمين وحكومة قنديل المتأخونة والتي تعتمد على إنتشار ظاهرة النسيان الجمعي في
مجتمع رقص على سلم الثورة فلا نالها وإنكوى بنار التغيير وكان سلمة في وصول
التيارات الدينية للسلطة والتي بحمد الله وتوفيقه تقول مالا تفعل وكله بما لا
يخالف شرع الله – أذكرهم ونفسي بقوله تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ
تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَاللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا
لا تَفْعَلُونَ [ [ سورة الصف : 2-3 ]
صدق الله العظيم .