قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الملحدون العرب .. تحدٍ جديد أمام أنظمة الحكم العربية والإسلامية !


من المؤسف بل والمفجع حقًا أن نرى ونرصد تزايدا مستمرا لأعداد الملحدين ، خاصة في البلاد العربية والإسلامية، ومنطقة الشرق الأوسط ، وهذا الكلام ليس مبالغة بل حقيقة من ينكرها يضع رأسه في الوحل ، ومن يحاول أن يدافع عن عدم وجودها بمبررات واهية وبطولات زائفة يجعلها تزاد استفحالا وتوغلا في مصر والبلدان العربية ، ولك أن تبحث بأقل جهد عن ظاهرة الإلحاد على وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك ، والمجموعات groups "" التي يكونها هؤلاء الملحدون على الفيس بوك ووسائل التواصل المتنوعة سواء عبر الانترنت أو وسائل الاتصال مثلwatsapp وغيرها ، وكيف يحكي هؤلاء عن تجاربهم مع الإلحاد ، وما الذي دفعهم للخروج من أديانهم أفواجًا؛ ولك أن ترصد جروبات للملحدين على الفيس بوك مثل "الملحدون ولا دينيون السودانيين العرب "و " الملحدون الشرق أوسطيون" و " شبكة الملحدين العرب" و " شبكة ومنتدى الملحدين العرب في الشرق الأوسط " ، و"إذاعة الملحدين العرب " ، كما ان هناك قنوات الكترونية على اليوتيوب تسمى " الملحدون بالعربي" تبث أفكارا إلحادية خطيرة.

ومن الملفت للانتباه أن بعض هذه الصفحات من بين أعضائها مسلمون ومسيحيون ، ربما بعضهم ملحد فعلا وربما البعض الآخر يتابع هذه الصفحات للمعرفة ليس إلا ، ومن الكوارث أن نرى أن نسبة الإلحاد في الدول التي ترى في نفسها انها دول دينية كالمملكة العربية السعودية وصلت إلى مستويات مرعبة وتنذر بالخطر الداهم ، حيث أظهرت دراسة كان قد نشرها معهد " غالوب" عام 2014 وهو معهد سويسري أن نسبة الملحدين في السعودية تتراوح ما بين 5 % إلى 9 % ، وهي نسبة مفجعة إذا ما قورنت بنسب الإلحاد في دول أوروبية ودول عربية تتجه نحو العلمانية مثل تونس ولبنان ، وهذه النسبة في دولة دينية أمر مرعب بعد أن بدأت جروبات سعودية على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تظهر على الملأ مثل جروب " الملحدون السعوديون " والذي وضع على صورة غلاف الصفحة مقولة للناشطة السعودية " سعاد الشمري" هذا نصها " نشعر بأننا لسنا بشرًا ، لقد حُرمنا من الحياة الطبيعية للبشر،ممنوعون من المشي في الشارع، وممنوعون من ممارسة الرياضة ،ومن قيادة المركبات، وممنوع علينا دخول المؤسسات الرسمية دون إحضار ولي الامر ، نشعر كأننا عبيد ".

كما توجد صفحة على الفيس بوك ايضا باسم " شبكة الملحدين السعوديين" وتضع الصفحة صورة الغلاف وتظهر فيها حذاء يدوس على عبارة " معا للقضاء على خرافات الدين " ، ومن اللافت أن ظاهرة الإلحاد بدأت تتجه بقوة نحو مصر خاصة بعد ثورات ما يسمى بـ "الربيع العربي" ووصول الإسلاميين للحكم بل وازدادت الظاهرة بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي ، حيث توجد حاليا كثير من الصفحات الإلحادية لمصريين على الفيس بوك لا تعترف بوجود الله ولا بالروح ولا بالثواب والعقاب ولا بالحياة الأخرى بعد الموت ، وترى أن الأديان خرافة ، وربما تصدم عندما تعلم أن عدد الملحدين في مصر وصل نحو 3 ملايين ملحد وفقا لتقرير نشرته شبكة " BBC " عام 2013 ، وربما تصيبك صدمة عندما تجد أن هذه النسبة هي الأقرب فعلا للصواب وفقا لحوار صحفي كنت قد أجريته في 14 سبتمبر 2013 مع الملحد المصري " أيمن رمزي " وهو كان مسيحيا وألحد وقال لي وقتها في الحوار أن عدد الملحدين في مصر اقترب من الثلاثة ملايين ملحد ، وقال إن ظاهرة الإلحاد انتشرت في مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي ، وبسبب ما وصفه بـ " تعنت الكنيسة المصرية في حالات الطلاق ".

ولكي لا نكون مزايدين في الأعداد الحقيقية للملحدين في مصر علينا أن نقرأ النسبة التي اعلنها مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة عندما قال في مؤتمر بمعهد إعداد القادة بحلوان عام 2014 أن " الازهر أجرى أبحاثًا عن الشباب الملحدين في مصر وأن الدراسة التي أجريت على ستة آلاف شاب خرجت بأن 12.30 منهم ملحدون، وأن الدراسة أظهرت 56 سببا لإلحاد الشباب المصري أهمها أنهم ملحدون بسبب زعلهم من ربنا" وأكد فضيلة المفتي في نفس اللقاء أن تقصير الازهر هو من أهم الأسباب ، والحق أقول أن ظاهرة الإلحاد ستزداد رقعتها كل يوم لتضرب المجتمع بكل فئاته " مسلمين ومسيحيين" ما لم تنتفض المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية للتعامل بجدية مع هذا الملف الخطير الذي يمكن أن يتم توظيفه سياسيا ودينيا للإساءة للأديان ، وذلك بتأصيل خطاب ديني عقلاني يخاطب الحاضر والمستقبل وتحدياته بعيدًا عن النصوص المدسوسة على الدين أو أقوال بعض الفقهاء ورجال الدين التي تسيء للدين وصورته أمام العالم ، ويقدسها البسطاء والعامة أكثر من النصوص الدينية المقدسة.

فمن أسباب نكبة العالم العربي والإسلامي هو تقديس بعض أقوال رجال الدين على الدين نفسه الذي هو مقدس ومطلق ، وتقديس قول الفقهاء ورجال الدين من الجانبين أكثر من أقوال الله المقدسة ورسالته التي أوحى بها إلى رسله" ، فهناك للآن موتى في كل دين من مئات السنين يحكمون العالم العربي والإسلامي من قبورهم، بعيدًا عن تعاليم الدين الإسلامي الصحيح الذي يحض على الأخذ بالأسباب وطلب العلم ونبذ العنف وعصمة الدم الإنساني كله ، والنهي عن إراقة الدماء ، وهو الامر الذي يستوجب خطابا دينيا منفتحا على العصر وليس مخاصما للحاضر والمستقبل ، إذا اردنا أن تقوم لنا قائمة إذا كان ذلك ممكنا ، خطابا يخاطب الضمير الإنساني ، يقوم عليه مجموعة من شيوخ الازهر الأجلاء أو لجنة متخصصة توضح حقيقة وزيف الأقوال التي نسبت زورا وبطلانا للإسلام وجعلت الغرب يربط الإرهاب بالإسلام ، واعطت ذريعة للقوى المعادية للعرب لاستخدام بعض البسطاء وتجنيدهم للتفجير والقتل وسفك الدماء باسم الإسلام والإسلام منهم براء.

كما يجب على المؤسسة الدينية سواء الأزهر الشريف أو الكنيسة او امؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي عدم الاستخفاف بالأفكار التي يطرحها الملحدون والتي جعلتهم يخرجون عن الدين ، بل يجب احتواؤهم ومناقشتهم بالمنطق والحجة والعلم والدين ، لان التعامل باستهتار وسخف وبأساليب أمنية مع هؤلاء الملحدين أمر يسيء للدين نفسه، ويستلزم أيضا تنقية التراث الديني الاسلامي والمسيحي من بعض الخرافات التي نسبت اليهما لان وجود مثل هذه الخرافات المدسوسة تسيء للعلم والمنطق في وقت وصل فيه العالم إلى الفضاء والتقدم في شتى المجالات، كما أن غياب القدوة عن بعض رجال الدين المسلمين والمسيحيين قد يدفع بكثير من الشباب للإلحاد ، وأطالب من هنا فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بسرعة اصدار فتوى من الازهر الشريف تترجم لجميع لغات العالم لتكفير تنظيم داعش الإرهابي وتؤكد للعالم أن من يرتكب هذه الجرائم البشعة قد خرجوا عن الدين بهذه الجرائم المنافية لتعاليم الاديان السماوية والقيم الأخلاقية والإنسانية، ووقتها فقط سوف يُسقِط الازهر الذريعة التي يتذرع بها المتآمرون على مصر والوطن العربي والإسلام ويدحض المبرر الذي تلجأ إليه الدول المعادية للإسلام والعرب.

وفي رأيي أن ظاهرة الإلحاد ستزداد خاصة في الدول المتشددة كالمملكة العربية السعودية وربما يُحدِث الملحدون تحولات دراماتيكية في المملكة بسبب ارتفاع كتلتهم العددية ومواجهتهم بالقمع والإعدام دون المنطق والعقل والخطاب الديني الإسلامي الحضاري وليس الخطاب الوهابي الذي هو أحد أهم أسباب تفشي الظاهرة في المملكة العربية السعودية ، وأيضا يجب في مصر وكل بلدان المنطقة وخاصة في السودان بعد التقسيم أن يتم التعامل مع هذه الظاهرة بخطاب ديني كما قلت وعقلاني وسياسي وعلمي وإعلامي وتعليمي بعيدا عن الاستبداد السياسي والفاشية الدينية وحكم البلاد من منظور الماضي وليس المستقبل ، فإن لم يتم احتواء هذه الظاهرة ومعالجتها بحكمة ستؤدي لكوارث سياسية مرعبة بجانب الإساءة التي تلحق بالدين دون وجه حق نتيجة خروج هؤلاء منه للاسباب التي ذكرتها والتي تتحمل وزرها المؤسسات الدينية والانظمة الحاكمة المتشددة ، فالانظمة الحاكمة العربية إن لم تتعامل بجدية وحكمة وعقلانية مع ظاهرة الإلحاد ستكتوي قريبا بنارها..
اللهم إني بلغت ،اللهم فاشهد.
[email protected]