قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

انفتاح مصر على العراق يرسم ملامح تحالف جديد بين القاهرة وبغداد..مشروع لاستنهاض «الدولة الوطنية»..ونظام أمن عربي جماعي يكفل الاستقرار للمنطقة

الرئيس السيسي وأخيه الرئيس فؤاد عصوم
الرئيس السيسي وأخيه الرئيس فؤاد عصوم
0|محمد وديع

مصادر دبلوماسية: مصر تعود بقوة إلى ساحة العمل العربي وتقترب من المناطق الساخنة
عمر: التقارب بين القاهرة وبغداد ليس على حساب أحد
العراق يحتاج للشركات المصرية لإعادة الإعمار في المناطق المدمرة وخاصة في الموصل

أكدت مصادر دبلوماسية في القاهرة أن التقارب بين مصر والعراق يرسم ملامح حلف جديد بين القاهرة وبغداد، وأن الخطوات بدأ اتخاذها فعليا لأجل الدفاع عن المصالح العربية واستنهاض الدولة الوطنية وإعادة اللحمة لدول المنطقة للوقوف في وجه الأطماع الخارجية وخاصة من دول الجوار، التي انتهزت فرصة انهيار الأوضاع الداخلية داخل المجتمعات العربية، واستقطعت أجزاءً من المناطق الحدودية بهدف القضاء على وحدة دول المنطقة، ووأد استعادة فكرة "القومية العربية" من جديد بعد أن مزقت الحرب كلا من العراق وسوريا وليبيا واليمن.

وتابعت المصادر في تصريحات خاصة لــــ"صدى البلد" أن مصر تعد الطرف المحايد الوحيد لمساعدة هذه الدول على استعادة استقرارها في ظل صراع على بسط النفوذ بين دول الإقليم كل حسب هواه، مؤكدة أن القاهرة تعود اليوم من جديد لتطرح نفسها كصمام أمان للعرب. ولتبرهن أنها مازالت لديها القوة الكافية للحفاظ على ما تبقى من كيانات الدول العربية وحفظ هويتها الوطنية والقومية. في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وفي اليمن.

وقالت المصادر إن "مصر الجديدة" تحمل على عاتقها الآن تدريب القوات العراقية، وتسوية الأزمة السورية سياسيا وليس عسكريا، من أجل دعم مستقبل التحالف الجديد، مشيرة إلى أن ملامح مصر العصرية بدأت تتشكل داخليا وإقليميا ودوليا، على جميع المستويات، وتظهر قوة الدولة المصرية الفاعلة القادرة على الوفاء بالتزاماتها القومية في حماية محيطها الإقليمي من التهديدات الخارجية .

وشددت على أن القاهرة تتحرك الآن لإرساء نظام أمن عربي قوي يوفر الاستقرار للدول العربية من خلال العمل على فكرة الأمن الجماعي حيث ترفض مصر التقوقع مرة أخرى -داخل حدودها- وتعود من جديد وبقوة لممارسة دورها الاستراتيجي في المنطقة، بثقلها السياسي والعسكري.

واختتمت المصادر تصريحاتها بأن عودة مصر إلى الساحة واقترابها من المناطق الساخنة ربما يكون بداية عودة المنطقة للاستقرار من جديد، وخروج الجميع من فخ الطائفية، محذرة أي دولة تقف في وجه هذا التحرك الجديد من أنها ستظل هامشية إن لم تتعاون مع الدولة القائد القلب ..دولة وادي النيل خاصة وأن القاهرة استفادت كثيرا من تجارب الستنينيات من القرن الماضي ولن تكررها من جديد.

لماذا العراق؟

القيادة السياسية في القاهرة ترفض بأي حال من الأحوال الانحسار داخل حدود مصرمرة أخرى، رغبة في الدفاع عن المصالح العربية والمصرية وعودة لممارسة دور القاهرة الرائد في دعم كل العرب، بدأت تتحرك تدريجيا لتصبح أقرب إلى حلفاء مصر القدامى في بغداد وفي دمشق وهو ما ظهر في تعاون قوي على جميع المستويات بين مصر والعراق، خاصة وموقف مصر الداعم لوحدة وسيادة العراق على كامل أراضيه، ومساندة كافة الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق والتصدي لمحاولات بث الفرقة والانقسام بين مكونات الشعب العر اقي، فالعراق وطن لكافة العراقيين دون تمييز بين ديانة أو طائفة أو عرق.

وبحسب ما ذكره اللواء «عبد المحسن أبو النور» الملحق العسكرى المصرى فى السفارة المصرية بدمشق فى تقريره السري إلى الخارجية المصرية فى 25 سبتمبر 1958،«يقع العراق فى أقصى الشمال الشرقى للدول العربية كلها؛ وعلى هذا يعد العراق الخط الدفاعى الشرقى للعالم العربى، وإن أية سيطرة خارجية عليه وأى تطور سياسي يؤثرمباشرة على الجمهورية العربية المتحدة».

بداية التقارب.

ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد في أكثر من مناسبة على أهمية ووحدة وسيادة العراق على أراضيه. ورفضت الحكومة المصرية مقترح الكونجرس الأمريكي في أبريل 2015 بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم وبشكل طائفي بين الشيعة والسنة والأكراد، كما استنكرت القاهرة تصريحات لرئيس الاستخبارات الفرنسية بأن الحدود بين العراق وسوريا لن تعود كما كانت في الماضي -وهو ما ترفضه القاهرة وتتدخل لإيقافه - هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، تشهد العلاقات بين المؤسسة العسكرية المصرية والعراقية تطورا لافتا للنظر يصل إلى درجة التحالف الاستراتيجي-ويشمل هذا التعاون الاستراتيجي قيام القوات المسلحة المصرية بتدريب نظيرتها العراقية وبخاصة قوات الصاعقة العراقية-وهو ما ظهرت نتائجه في عملية تحرير الموصل الأخيرة- كما دعمت مصر حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، التي تشكلت في العام قبل الماضي، . ولعل الزيارة الرسمية لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي إلى مصر في يناير 2016، ولقاءه بالقيادات العسكرية المصرية أكبر دلالة على مدى الاحتياج العراقي لمصر ومدى التنسيق.

ومن ناحية ثالثة، وعلى خطى تصاعد قوة العلاقات العسكرية بين البلدين سارت العلاقات السياسية والدبلوماسية على نفس الوتيرة، ولكن بشكل أكثر تمايزا وذلك من خلال زيارات من أرفع المسئولين بين البلدين، وكانت زيارة وزير الخارجية سامح شكري في صيف 2014 عقب توليه المنصب بداية لاستعادة دفء العلاقات بين البلدين من أجل دعم الحكومة العراقية الجديدة، ودفع التوافق السياسي بين القوى السياسية من أجل التركيز على مكافحة الإرهاب، كما كانت زيارة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في فبراير الماضي استمرارا في دفع العلاقات بين البلدين ولتهنئة مصر بانتخاب البرلمان الجديد، كما يسعى البرلمان المصري لتكوين جمعية صداقة برلمانية مصرية عراقية، وجاءت زيارة الرئيس فؤاد معصوم لتتوج تلك الزيارات المتبادلة من قبل الطرفين.

الدعم الدبلوماسي

أما التضامن الدبلوماسي الدائم من القاهرة لبغداد فقد تجلى مع تصاعد العمليات الإرهابية من قبل تنظيم الدولة المتطرف، وأيضا المباركة السياسية لإنجازات الجيش العراقي في تحرير مدينة الرمادي مع نهاية 2015، وفي عملية تحرير الموصل 2016، كما تضامنت مصر مع العراق من خلال رفضها للغارات التركية على معاقل حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل على الحدود بين بغداد وأنقرة، وأيضا في مطالبتها في خروج القوات التركية من معسكر" بعشيقة" والتي اعتبرتها بغداد احتلالا لأراضيها، كما دعمت مصر إصدار بيان من جامعة الدول العربية لإدانة التدخل التركي في شؤون الدول العربية وبخاصة العراق وسوريا.

ومؤخرا بدأت مصر خطة الاستثمار في حقول الغاز في العراق توطيدا للعلاقات على جميع المستويات في كلا البلدين، حيث باعت شركة "الكويت للطاقة" حصتها البالغة 20% في حقل "سيبا" حقل الغاز الطبيعي في العراق لهيئة البترول المصرية. كما أعلن العراق تزويده لـــ مصر بــ 2 مليون برميل شهريا لتعويض امتناع شركة أرامكو السعودية عن تزويد مصر باحتياجاتها البترولية وتدل هذه الاتفاقيات على دعم ومساندة لا محدودين للتعاون مع مصر في كافة المجالات، وهي رسالة من دولة العراق بمساندة سبل توثيق أواصر العلاقات والتعاون في مجالات الصناعة والتجارة والنقل والزراعة والطاقة والنفط.

كما تم الاتفاق مع العراق خلال زيارة وزير البترول طارق الملا نهاية العام الماضي على استيراد نفط البصرة الخام لتكريره في مصر، وتعزيز التعاون بين الشركات المصرية العاملة في مجالي البترول والغاز إضافة إلى قيام شركات المقاولات والإنشاءات بقطاع البترول المصرية بإنشاء خطوط نقل البترول وتوصيل الغاز في العراق، إضافة لتدريب الكوادر الفنية ونقل الخبرات، وتحقيق التكامل بين البلدين بتشغيل المعامل المصرية للتكرير وتوفير الطلب العراقي من المشتقات بدلا من استيرادها من السوق العالمية.

علاقات ضخمة وتاريخية

من جانبه أكد السفير سيد أبو زيد عمر سفير مصر السابق في العراق أنه من الطبيعي أن يحدث هذا التقارب بين القاهرة وبغداد لأن العلاقات ضخمة وتاريخية وهناك صلات على المستويات الرسمية والشعبية وعلاقات مصاهرة بين البلدين تسمح بأن يحدث تنسيق بينهما على الصعيدين العربي والدولي.

وقال في تصريحات خاصة إن التوجه المصري للتحالف مع العواصم القديمة "بغداد ودمشق" هو توجه منطقي لأنها دول عربية شقيقة وتربطها بمصر علاقات شاملة، مشيرا إلى أن المُخطط السياسي المصري لم يغب عنه أن يظل على ارتباط بهذا المسرح الذي يحارب الإرهاب ويتصدى لأطماع دول الجوار في التدخل في شؤون المنطقة وأيضا لأن مصر ستظل الشقيقة الكبرىللعالم العربي مهما حدث ولن تخذل من يطلب التعاونن معها.

وشدد السفير أبو زيد على أن التقارب بين القاهرة وبغداد ليس على حساب أحد وخاصة العلاقات المصرية السعودية الضاربةبجذورها إلى أعماق التاريخ وأن توقيته لا يستهدف الرياض أو يعلن عن تقارب مع طهران على حساب علاقة مصر بالسعودية والخليج.

وأوضح أبو زيد أن العراق يشهد متغيرات إيجابية حيث تقف جميع مكونات الشعب العراقي خلف الحكومة للتخلص من الإرهاب وهناك رضا شعبي عن هذه التوجهات، مطالبا بألا يحدث تغول من أي مكون في الشعب على غيره من المكونات لضمان استقرار العراق.

وقال إن مصر هي الدولة الأولى التي نبهت لمخاطر الإرهاب وتصدت له بنجاح والعراق يستعين الآن بالخبرات المصرية في مجال التدريب للتغلب على عناصر داعش التي استغلت انشغال حكام العراق بالأمور الداخلية وسيطرت على مناطق واسعة من البلاد.

وأشار إلى أن المصريين كانوا يعاملون معاملة خاصة خلال حكم صدام -حيث كان سفيرا لمصر هناك-وكانت الشرطة العراقية تحمل منشورا بتعليمات بمعاملة المصريين كأبناء صدام "عدي وقصي" وحتى خلال برنامج النفط مقابل الغذاء كان صدام يعطي الشركات المصرية أولوية التبادل، مضيفا أن معظم العراقيين مصريي الهوى.

وحول علاقة مصر بسوريا أكدأبو زيد أن مصر حريصة منذ بداية الأزمة على وحدة الأراضي السورية واستقرارها وأيدت الحل السلمي بما يلبي طموحات الشعب السوري.

وحول إن كان فوز ترامب سيعيد ترتيب الأوراق في المنطقة من جديد قال أبو زيد إن الرئيس الأمريكي الجديد سيدعم استقرار المنطقة و"القاهرة هي محور العمل وصمام الأمان في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن أمريكا ستعمل على محاربة الإرهاب لأن الجميع يعاني من ويلاته رغم أن الاهتمام الأمريكي بالمنطقة بدأ يفقد قوته إلا أنها ستساند مصر وتقف في وجه من يدعمون الإرهاب.

وحول التدخلات التركية في العراق أوضح أبو زيد أن التعاون المصري العراقي قد يمكًن العراق من الحفاظ على حقوقه بعد أن اخترقت تركيا الحدود العراقية واستولت على معسكر "بعشيقة" بما يعد نوع من التبجح السياسي رغم أن العراق طالب المجتمع الدولي بانسحاب تركيا وعدم التدخل في شؤونه.

واختتم السفير سيد أبو زيد كلامه بأن العراق يحتاج للشركات المصرية لإعادة الإعمار في المناطق المدمرة وخاصة في الموصل والاستثمار في مجال الطاقة بقوة ،موضحا أن الموصل ستكون البداية بعد تحريرها.