الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جامعة أسيوط وحوض النيل


مازلت أذكر أصدقائى من دولة جنوب السودان الذين كانوا زملاء دراسة لى فى جامعة أسيوط ، فقد كانت جامعة اسيوط يومًا ما مركز إشعاع حضارياً فى دول القارة الافريقية , ذلك عندما كانت أفريقيا هى أول اهتمامات الساسة فى مصر , فكانت البعثات تأتى من أفريقيا الى أسيوط لتتعلم على ايدى نخبة من أفضل أساتذة مصر, فتجد الطبيب الأفريقى الذى تعلم فى مصر , وتجد المهندس الأفريقى الذى تعلم فى مصر , وتجد السياسى الافريقى الذى تربى سياسيًا فى مصر.

ولذا كانت مصر تمتلك قوة ناعمة لا حدود لها , ولذا عندما احتلت إسرائيل سيناء قطعت معظم دول القارة علاقاتها الدبلوماسية بها تضامنًا مع مصر , وعت إسرائيل الدرس جيدًا ونسينا نحن ما تعلمناه , فحلت جامعات إسرائيل محل جامعات مصر , وصار طالب الطب فى إثيوبيا على سبيل المثال لا الحصر , يقضى سنة الامتياز فى إحدى جامعات إسرائيل , ليكون سفيرًا لإسرائيل فى وسط المرضى فى بلاده , فيكتب الدواء الاسرائيلى ويرسل المرضى الي مستشفياتها للعلاج , ومع كل هذه الخدمات لها , يشكر إسرائيل فى كل مناسبة طبية.

إنهم لم يقوموا بجديد , هم فقط ساروا خلفنا فى أفريقيا فى سباق على القوة الناعمة المتمثلة فى التواجد العلمى والثقافى فى القارة , حتى صاروا معنا كفرسيّ رهان , وعندما تراجعنا نحن حلوا هم مكاننا فى كل شئ , وقد كان من الممكن ان نتواجد معًا , لهم مكانهم ولنا مكاننا , هم يعملون من أجل مصالحهم , ونحن نعمل من أجل مصالحنا , ولكننا للأسف حتى مكاننا تركناه لهم وان كنا ندعى غير ذلك.

مازلنا نملك مقومات العودة الى عهدنا السابق مرة أخرى , وقد اخترت جامعة أسيوط لتكون مركز تواصل علمياً وثقافيا مع القارة الافريقية لعدة أسباب , أولها ما لمسته بصفة شخصية , من استعداد كبير لدى السادة أعضاء هيئة التدريس فيها بصفة عامة وكليات الطب فيها بصفة خاصة على خدمة مصرنا فى هذا الشأن , وقد سبق وان شاهدت ذلك بنفسى عند مرافقتى لزيارات عدد من السادة الدبلوماسيين الاجانب الى جامعة أسيوط فى أكثر من مناسبة.

والسبب الثانى هو أن الجامعة تتمتع بسمعة طيبة فى أفريقيا لارتباطها بالدعم السابق الذى كان يوليه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لأفريقيا , فقد كانت جامعة أسيوط مع جامعة القاهرة مراكز إشعاع علمي وحضارى فى دول أفريقيا عامة وفى دول حوض النيل خاصة , أضف الى ذلك قربها الجغرافى من أفريقيا , وان كان الطيران قد جعل المسافات لا تقاس بالكيلومترات.

أتمنى وكما أردد دائمًا , لا أملك غير التمنى , أن يتم وضع خطة تحرك عملية نحو العودة الحقيقية إلى قلب أفريقيا علميًا وثقافيًا وطبيًا عن طريق جامعة أسيوط , واقترح تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين عن الجامعة ووزارة الخارجية والمجتمع المدنى , تبدأ على الفور فى عبور الحواجز البيروقراطية والروتينية المصرية , ومخاطبة السفارات والجامعات الافريقية وعرض منح تدريبية وتعليمية عليهم بصورة مكثفة بجامعة أسيوط , كى نعود الى أفريقيا , عودة حقيقية على أرض الواقع وليس على صفحات الإعلام فقط لا غير.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط