الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاستثمار في صحة المصريين !!


ربما لا يختلف اثنان على اعتبار الصحة والتعليم هما ذراعا أي دولة للنهوض وتحقيق التنمية المستدامة.. ولعلنا جميعًا نتذكر المقولة الخالدة "العقل السليم في الجسم السليم" التي تضع أيدينا على أنه لا تقدم لأي مجتمع بدون وضع هذين العنصرين في صدارة الأولويات.
ولنا في تجارب الدول التي نهضت أسوة حسنة.. حيث اتفقت جميعها جيدًا على تطوير الصحة من مستشفيات وأجهزة وتأهيل كوادر جنبًا إلى جنب مع جهود تطوير مناهج التعليم والتوسع في إنشاء المدارس والجامعات.. فشعب متعلم تعليمًا جيداً ويتمتع بصحة سليمة لهو قادر على أن يصنع المعجزات .. انظروا كيف نهضت كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الدول التي كتبت قصة نجاح.

وانطلاقًا من هذه التجارب الناجحة تخطو مصر خطوات جادة وحاسمة لتوفير جميع مقومات النجاح والتقدم على المسارين التعليمي والصحي.. ورغم مواجهة تحديات كبرى أولها عجز الموازنة العامة للدولة عن توفير مزيد من الأموال لتحسين المرفقين.. إلا أن المتتبع لجهود الحكومة بتشكيلتها الجديدة يدرك جيدًا أهمية الاستثمار في الصحة والتعليم .

وبكل أسف عمدت بعض التقارير المغلوطة والأخبار المدسوسة إلى التهوين من حجم الإنجازات التي نشاهدها جميع على أرض الواقع فيما يتعلق بدوران عجلة الاستثمار وعودة الروح للتعاون الدولي والذي كان من أبرز آثاره تدفق المنح والقروض والمشاركة في مشروعات وطنية تحمل الخير لجميع أبناء الشعب المصري .

ومع عدم استبعاد فرضية "الهوى الشخصي" في هذه الحملات المشبوهة تجد من يفاجئك بعنوان صادم يقول فيه: "مصر تغرق في الديون".. أو عنوان آخر يقول "مصر اقترضت 13 مليار دولار في 6 شهور.. هنروح في داهية".. وبقراءة متأنية في هذه الافتراءات يثبت لكل ذي عقل كم التدليس في التلاعب بالأرقام ومحاولة تشويه كافة الجهود المبذولة لاستعادة المكانة التي تستحقها مصر بين سائر الأمم .

فهذه المليارات التي تم ضخها في الاقتصاد المصري إنما تعبر عن ثقة العالم والمصداقية التي توليها الدول المانحة في مسار إجراءات الإصلاح المالي والإداري التي تنتهجها مصر والتي وإن كانت لها تبعاتها التي تتحملها بعض شرائح المجتمع ، الذين تحاول الدولة بدورها شمولهم بمظلة اجتماعية تحميهم من المعاناة ، فإنها على المدى البعيد ستمثل إضافة قيمة لمشروع تسين مناخ الاستثمار .

ويكفي أن يعلم هؤلاء أن أغلب هذه الاستثمارات والمنح والقروض تم توجيهها لتطوير الخدمات الصحية وإنشاء 1140 وحدة بجميع القرى والمحافظات الأكثر احتياجًا .. بمعنى أن المستفيد الأول من هذه الإجراءات أهالينا في القرى والمحافظات اللي كانت محرومة من خدمات صحية لائقة بهم .. إيمانًا بمبدأ أن الاستثمار في صحة المصريين أولى خطوات البناء الصحيح .. فليس بالإمكان بأي حال انتظار تقدم اقتصادي من مجتمع يعاني أفراده ويلات المرض دون أن يلقوا خدمة علاجية تليق بهم .

وهذا يوضح الدور المهم الذي تلعبه وزارة الاستثمار والتعاون الدولي ، تحت قيادة د. سحر نصر ، فلا يقتصر أداؤها على تهيئة مناخ جاذب المستثمرين بل يمتد دورها للاهتمام بتوفير خدمات صحية للمواطنين الذين هم الهدف الأسمى من أي جهود تنمية .. وذلك في إطار السعي لإيجاد مواطن يتمتع بصحة جيدة بحيث يكون قادرًا على العمل والعطاء وهذا في حد ذاته أفضل أنواع الاستثمار.

وكترجمة واقعية لهذا النهج المتميز لوزارة الاستثمار والتعاون الدولي ، فيما يتعلق بتنسيق كافة الجهود لخدمة مشروعات وخطط التنمية الشاملة ، ذلك اللقاء الذي جمع وزيرة الاستثمار مع وزير الصحة ، حيث كان اللقاء أشبه بخارطة طريق لتحديد الأولويات بين الوزارتين والتي كان في صدارتها دعم قطاع الصحة بكل قوة من أجل المساهمة في تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين خاصة في المناطق الأكثر احتياجا، وكذلك بالتنسيق مع شركاء مصر في التنمية، وتوجيه الدعوة للمستثمرين إلى زيادة الاستثمار في قطاع الصحة .

وهنا نكون على الأرجح قد وصلنا إلى "بيت القصيد" الذي يتجسد في العمل وفق منظومة إنجاز متكاملة، بعيدًا عن ظاهرة الجزر المنعزلة التي طالما عانينا من ويلاتها المتمثلة في "تطفيش المستثمرين" و"دفن المشروعات"، ولعلها تكون بداية انطلاقة ناجحة لتوجيه الاستثمارات وفق الاحتياجات الفعلية للمجتمع وإعطاء مؤشرات إيجابية عن تحسن أداء الاقتصاد المصري .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط