قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

«غوغاء» في غابة الإعلام


تناسينا وتظاهرنا بالنسيان الدور الحقيقي الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنوير المجتمعات، وأصبحنا نعيش في فوضى إعلامية لا مثيل لها، أشبه بالغوغاء في غابة الجهل، فتجاهلنا المواثيق والثوابت المنظمة لعمل «الميديا»، وتعاملنا مع المشاهد على إنه «وعاء» يتلقى فقط مخلفّات الشاشات، ويتجرع سمومها على أنها وجبه دسمة، تعافي العليل، وتعالج الكوارث والأخطاء التي تواجهه في حياته، وتتجاهل بشاعة وقبح الكثير من المصطلحات التي ترد في مضمون برامجها.

تجاهلنا مع سبق الإصرار والترصد الآليات المنظمة للعمل الإعلامي ذي المحتوي الراقي، الذي يدعم ويساعد المُتلقي في الخروج من أزماته ومشكلاته ومحنه، وتركنا الشاشات مُستباحة أمام نماذج «غير مسئوله»، لا تعلم عن أبسط قواعد العمل الإعلامي شيئًا، تُطل علينا ببرامج تليفزيونية كثيرة يشاهدها الملايين، والتي أظن أنها أساءت لمقدميها وكل من ساهم في خروجها للنور، بعد أن تجاوزت المحظور، وعزفت عن إطار الأخلاقيات والمواثيق.

سؤال دائمًا يراودني، كلما وقعت عيني بالصدفة وأنا أقلب في قائمة قنوات التليفزيون، على الكثير من برامج «التوك شو»، وهي تعرض حلقاتها على هواء قنوات إعلامية كبرى.. وهو ما وجه الاستفادة العائد على المُشاهد مثلًا من برنامج نسائي، يستعرض في حلقاته تصرفات الزوجات مع أزواجهن، ويحرضهن على العصيان والتمرد، سوى إنه تدخل سافر في خصوصيات لا ينبغي الاقتراب منها على الملأ، ومُجاهرة علنيه بالخلافات المُتبادلة فيما بينهم، ينبغي أن لا تخرج من بين جدران عش الزوجية، ولا أجد في الحقيقة جدوى من مقدمي برامج يعشقون جو المشاحنات الكلامية بين ضيوفهم على الهواء مباشرة، ويُجيدون صُنع المشاحنات من أجل «تسخين الحلقة»، ظنًا منهم أن ذلك أحد مسببات النجاح والريادة.

البراعم الصغيرة أيضًا لم تنجُ من طوفان فوضى الشاشات، فقد حذّرت دراسة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال من تعرض الأطفال لمشاهدة البرامج التليفزيونية أكثر من ساعة يوميًا، نظرًا لسوء مضمونها، واحتوائها على مشاهد عنف، يمكنها أن تؤثر سلبًا على عقلية وذكاء الطفل، وتُعيق من عملية تعليمه، كما أوصت الدراسة الآباء بمشاهدة التليفزيون مع أطفالهم، وإطلاعهم على برامج جيدة النوعية، يمكنها أن تُفيدهم في حياتهم بكافة المجالات.

سوء المحتوى الإعلامي لـ«برامج التليفزيون» الذي نشهده مؤخرًا عبارة عن تداعيات واضحة لأسباب كثيرة، كان على رأسها إلغاء «وزارة الإعلام» في مصر، تلك المؤسسة التي يكمُن دورها في المحاسبة والمعاقبة لكل من يخرج عن أخلاقيات العمل الإعلامي، وتتواصل مع باقي مؤسسات الدولة لتقديم محتوى إعلامي هادف، وتقدم رؤية مختلفة تساعد في النهوض بالدولة، وتضع السياسة العامة للإعلام بشكل لا يتعارض مع مفهوم الحرية الذي يؤكده الدستور، نحتاج لتفعيل دور «غرفة صناعة الإعلام» – ولو بشكل مؤقت- لحين الانتهاء من إقرار تعديلات القوانين المنظمة للإعلام والصحافة، وتشكيل الهيئتين «الوطنية للإعلام» و«الوطنية للصحافة»، بما يمنحها صلاحيات لضبط الأداء الإعلامي وإصدار التوصيات اللازمة لذلك.