خرج السادات من كامب ديفيد مستعيدا خريطة الوطن، وخرج الإسرائيليون منها بورقة تضمن لهم أننا لن نفتك بهم مجددا، فالدرس كان قاسيا على العدو الإسرائيلي، فلم يكن يتوقع أنه سيترك أرض الفيروز مقابل ورقة سلام تكشف ضعفه وهوانه أمام الجيش المصري العظيم الذي رمم صفوفه بعد النكسة، واستطاع أن ينفض الغبار ويشق حائط بارليف، ليعلنها للعالم أجمع أرضنا تساوي حياتنا.
وقد كان.. واستردت مصر أغلى أراضيها، وحررت سيناء بدماء المصريين التي شقت القناة في صحرائها من قبل.. فالأمر قد يبدو غريبا بعض الشئ ولكنه واقع، فوجود سيناء وتعميرها يرتبط بتضحيات المصريين بأرواحهم على مدار العصور.. وها هو الأمر مستمر حتى الآن ومازالت التضحيات مستمرة للحفاظ على سيناء.
السؤال هنا لماذا سيناء ولماذا كانت هذه البقعة من أرض مصر هدف وحلم لليهود ومن بعدهم الإرهابيين؟
جزء من الإجابة بديهي وهو كون موقعها الجغرافي المميز الذي يربط بين آسيا وأفريقيا، خاصة أنها تضم قناة السويس هذا المجري الملاحي الهام للتجارة العالمية، وهناك سبب آخر أن سيناء هي كنز من كنوز السياحة في العالم، إن لم تكن أهم نقطة سياحية في العالم، فلا يوجد مكان على وجه البسيطة يتوافر به كافة أنواع السياحة من شاطئية وثقافية وأيضا دينية وعلاجية بخلاف سياحة الصحراء والغوص وغيرهم، إذا شبه جزيرة على مساحة أكثر من 60000 كيلو متر من الممكن أن تجعل من مصر واحدة من أهم الدول الاقتصادية في العالم.
ولهذا جاءت خطوات إعاقة تنمية سيناء متعاقبة بعد تحريرها، فكانت العمليات الإرهابية سبيل لهذا، وأيضا الأنفاق التي شقت من قطاع غزة بهدف إيصال العناصر المخربة إلى سيناء، وأيضا تهريب البضائع، فمن الواضح أن العدو الحقيقي والمتربص بمصر أخذ من الإرهابيين سبيلا لتدمير كنزها السياحي الذي يطمع به، وهذا من خلال حرب بالوكالة ينفذها هؤلاء المغيبون المأجورون، فبين كل حين وآخر كانت تطل علينا حوادث إرهابية في سيناء بهدف هدم التنمية الاقتصادية والتي أسست على النشاط السياحي.
قبل ثورة يناير وفي تلك الفترة كانت الشرطة المصرية والقوات المسلحة يسيطرون على الأوضاع إلى حد كبير، أما بعد ثورة يناير سأستعير وصف للدكتور ناجح إبراهيم المفكر الإسلامي والمنشق عن تيارات الإسلام السياسي حين قال " إن ثورة يناير أعطت قبلة الحياة للإرهابيين في سيناء، وبعد سقوط ليبيا تم تهريب أسلحة الجيش الليبي إلى هناك..وتدفق المتطرفون إلى سيناء حالمين بإعلان ولايتها في منطقة الشيخ زويد، ومن ثم ينتشرون للسيطرة على باقي سيناء".
هذا كان كلام الرجل وأيضا كان للجيش والشرطة المصرية رأي آخر، وبالفعل تمت السيطرة على الأوضاع مما دفع الإرهابيين للهروب إلى جبل الحلال، لينحصر نشاطهم في هذا الحيز المحدود، ثم جاء تطهير جبل الحلال ليجهز على ما تبقى منهم، لهذا يحاول فلول الإرهابيين إحداث ضربة تهز معنويات الشعب والجيش والشرطة حتي يتمكن التنظيم من بناء نفسه مجددا، فالذئاب المنفردة والتي فرت من جبل الحلال تقوم بعمليات المحاولة الأخيرة وهذا يفسر حادث كنيساتي طنطا والإسكندرية والتي لم تنجح في زعزعة ثقة المصريين في أنفسهم وفي أجهزة الدولة الأمر الذي جعل الفارون من جبل الحلال يفكرون في ضربة أخرى تثير أنظار العالم إلى مصر فقرروا الهجوم علي كمين مؤدي لدير سانت كاترين أحد أهم المعالم السياحة الدينية في مصر.
والهدف يحمل رسالتين الأولى تعطيل حركة السياحة التي تتعافى بشكل ملحوظ بعد تحركات سياسية عالية المستوى، والهدف الثاني شق صف الوحدة الوطنية، والذي أصبح كالماء كلما رميته بحجر احتواه، أما الهدف الثالث للذئاب المنفردة هو إفساد زيارة بابا الفاتيكان إلى القاهرة، والتي ستدعم السياحة في مصر بشكل كبير للغاية.
إذا العائدون من جبل الحلال خطر كبير يهدد السياحة المصرية خاصة أنهم عادوا للاختفاء بين الناس ليفعلوا جرائمهم من تحت ستار، والتجربة نفسها تتشابه مع العائدون من أفغانستان، حيث عاد الإرهابيون إلى دولهم الأوروبية لتشاهد أوروبا حينها موجة من الإرهاب الأسود ، إذا الإرهاب غير من أسلوبه بعد أن كانت السياحة على وشك أن تعود لسابق عهدها من جديد، لذا الأمر يستلزم أيضا تغيير استراتيجية محاربة الإرهاب، وأثق أن الجيش والشرطة يدركان هذا ويسعيان إليه.
المصريون اعتادوا بذل الأرواح من أجل الحفاظ على سيناء منذ الفراعنة حتى الآن، فإذا كان هذا قدرنا فنحن راضون به وسنقاتل إلى مالا نهاية حفاظا علي حق من جرت دماؤهم في القناة قبل المياه، وحفاظا على حق من حررها من يد العدو، واسترد للمصريون كرامتهم بعد نصر من عند الله، أيضا سنحافظ على حق كل شهيد سقط علي أرض سيناء ولن نتركها ولن نترك الثائر للشهداء، تحيا مصر ويسقط الإرهاب، تحيا مصر لنحتفل دوما بتحرير سيناء من كل معتد جبان.