الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خدعة القمة العربية الإسلامية الأمريكية


في فبراير الماضي كتبت مقالا صحفيا مطولًا حذرت فيه من إقدام المملكة العربية السعودية الشقيقة والدول العربي على الوقوع في فخ ما يسمى بـ "الناتو السعودي الأمريكي الإسرائيلي" لمحاربة إيران، وأكدت وقتها أن إقدام المملكة العربية السعودية على هذه الخطوة سيكون بداية حقيقية لاشتعال حرب مذهبية سنية شيعية في المنطقة تدور رحاها بين المملكة العربية السعودية وحلفائها والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وستتكبد المملكة خسائر مروعة جراء هذه الحرب التي ستطول العائلة الحاكمة في السعودية وربما تنتهي بعزلها بعد حلب ثرواتها ومواردها وتخلي حلفاؤها الاستراتيجيون عنها وأول هؤلاء الحلفاء الذين سيتخلون عن المملكة ويتركونها تلقي مصيرها هي الإدارة الأمريكية نفسها، فمعروف عن الإدارة الأمريكية أنها بارعة في صناعة الحليف الذي يحقق لها مصالحها وبارعة أيضا في التخلي عنهم، فالمتغطي بأمريكا كـ"العريان" كما يقولون، كما أن أمريكا بارعة في صناعة العدو الوهمي وأدواته وتعظيم الخوف والرعب منه في سياساتها مع الحكام العرب، لتصريف أسلحتها الفتاكة ووضعها في يد العرب ليقضوا بها على أنفسهم في غباء سياسي معهود، فالعرب لا يتعلمون الدرس أبدًا وحكامهم لم يعوا التاريخ والعِبَر، فالحكام العرب مستعدين أن يعملوا عجين الفلاحة ويقدموا موارد بلادهم وخيراتها وينبطحون للأجنبي مقدمين له فروض الولاء والطاعة ودفع مقابل حماية كراسيهم وليس شعوبهم التي يقدمونها كل يوم قرابين وذبائح للإستمرار في الحكم.

والحق أقول وبدون مبالغة أن القمة العربية الإسلامية الأمريكية لم تكن أبدًا قمة بل قاع، ولم تكن عربية أبدًا بل عبرية بامتياز، ولم تكن إسلامية ولن تكون لأن الإسلام لم يحض على كراهية المسلم للمسلم حتى ولو مختلفا معه في المذهب ولم ولن يأمر بكراهية غير المسلم في الأساس، كما أن أمريكا لا يهمها الإسلام والمسلمين بل هي العدو اللدود للإسلام والجميع يعرف كيف أن جورج بوش الإبن أعلنها صراحة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بأنها حربا صليبية والصليب والمسيحية براء من هذا الإرهاب، وساذج من يصدق أن أمريكا وخاصة ترامب المعروف بتصريحاته المعادية للإسلام والمسلمين أثناء حملاته الإنتخابية ..

جاءت القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض مؤخرًا لتضع أساسات لإنطلاق شرارة حرب مذهبية كبرى بين السنة والشيعة، ولتأليب المسلمين بعضهم على بعض ليفنوا ويبيدوا أنفسهم، ولتصعيد مخاوف حكام المملكة على كراسيهم ليهرولوا طالبين الحماية ويدفعون مقابل هذه الحماية المليارات من الدولارات من قوت شعوبهم العظيمة المجني عليها، ومن المؤكد أن السيناريوهات المقبلة بعد هذه القمة وبعد الإعلان عن تشكيل قوة قوامها 34000 جندي بدعوى الحرب على الإرهاب، وبعد التحريض العلني من ترامب ضد إيران، وبعد الإعلان عن صفقة كبرى بين الولايات المتحدة والسعودية تقدر بـ 400 مليار دولار منها 110 مليار دولار صفقة أسلحة دفاعية، باتت واضحة وضوح الشمس وهي كما قلت إشعال المنطقة بالصراع المذهبي والطائفي وجرجرة المملكة العربية السعودية في حرب مع إيران تُصَرِف المملكة من خلالها صفقة الأسلحة الأمريكية، ثم جرجرة السعودية لحرب طويلة مع حزب الله اللبناني، ودعم السعودية للجيش السوري الحر في سوريا بالمال والسلاح والتدريب لإسقاط الجيش الوطني السوري وتفتيته، ومحاولة خلق جبهات وكيانات غير رسمية متطرفة لضرب المصالح الإستراتيجية لروسيا في المنطقة، والغوص بشكل أوسع في مستنقع الحرب ضد الحوثيين في اليمن، وهو ما يحقق للإدارة الأمريكية وإسرائيل أهدافا متعددة أولها إسقاط وتفتيت الجيش الوطني السوري والإجهاز على ما تبقى من جيوش وطنية عربية و إلهاء العرب في حروب داخلية وإبعاد أنظارهم عن القضية الفلسطينية والتوسع في بناء المستوطنات والمضي قدما في انتهاج سياسة التطبيع العربي مع إسرائيل، فالقضية الفلسطينية شُيعت إلى مثواها الأخير وضربت بنيران صديقة في القمة العربية الإسلامية الأمريكية ولن تقوم لها قائمة إلا بانتفاضة عربية وصحوة من العرب ومن الفلسطينيين أنفسهم، ومن المؤكد أنه في ظل هذه الجبهات المفتوحة والمستنقعات التي ستغوص فيها المملكة ستلجأ وتهرول لطلب صفقات أسلحة جديدة بمئات المليارات وهو ما سيضع الإقتصاد السعودي في مأزق يؤثر على أوضاع المواطن العادي وقوت يومه وربما يدفع إلى احتجاجات شعبية داخلية تطالب برحيل العائلة الحاكمة وحرب سنة شيعية قد تدفع لتغيير مسمى وجغرافية المملكة نفسها نفسها وإزاء هذا السيناريو الذي لا نتمنى حدوثه فأنني أطالب وأكرر مطلبي بضرورة لإجهاض هذا المخطط الصهيو امريكي عبر مصالحة تاريخية بين السعودية وإيران يتم التغاضي فيها عن أخطاء الماضي وكتابة صفحة جديدة مبنية على الإسلام السمح الذي يدعو للوحدة ونبذ العنف والطائفية والمذهبية.

ولقد كنت من أول المطالبين بهذه المصالحة منذ سنوات عديدة خاصة وأن فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أكد بعدها في حوارات صحفية ولقاءات ومؤتمرات عالمية أن الإسلام يرفض المذهبية وأن السنة والشيعة هما جناحا الأمة كما طالب أيضا بمصالحة تاريخية في أحد حواراته الصحفية بين السنة والشيعة، ومن هنا يجب أن أقف باعتزاز وفخر للكلمة التاريخية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية الذي قال كلمة تعبر عن مكانة وقيمة وحضارة دولة عظيمة بحجم مصر وشعبها عندما فضح بشدة الإرهاب ومموليه وداعميه بالمال والسلاح والتدريب وتوفير الملاذ الآمِن والغطاء السياسي للإرهابيين، وهو ما تفعله صراحة الإدارة الأمريكية وإسرائيل التي تعالج في مستشفياتها مصابين وجرحى من تنظيم داعش الإرهابي بل وتمولهم، فقد كانت كلمات السيسي بمثابة رسائل غير مباشرة وواضحة للإدارة الأمريكية للتخلى عن دعم وتمويل الإرهاب، وللعائلة الحاكمة نفسها في السعودية لعلها تستفيق قبل الانزلاق في مستنقعات الحروب المذهبية وللمنطقة العربية كلها لكي تعيش في سلام، كما أن الرئيس السيسي هو الذي لم تغب عنه القضية الفلسطينية في قلب هذه القمة التي كانت أشبه بجلسة زار وكان الضاربون على الطبول والدفوف والمتطوحون في الصفوف فيه للأسف بعض القادة العرب الذين باعوا القرار العربي للإدارة الأمريكية وإسرائيل.

كما حذر الرئيس السيسي من خطورة الطائفية والمذهبية مؤكدا على الدولة الوطنية التي ترعى حقوق الجميع دون تفرقة وكأنه كان يرى طبول الحرب المذهبية بدأت تدق مبتدئة من المملكة وهو ما دفعه للتحذير منها ليبرئ ذمته أمام الله والشعوب العربية والتاريخ ... فهذه القمة في رأيي ما هي إلا وسيلة لوضع حكام المملكة العربية السعودية على الخازوق الأمريكي ليلقوا مصيرهم وهم الأمر الذي لا نتمناه ولا نرجوه لحكام المملكة وشعبها وإننا نحذر منه قبل وقوع هذا ولا يظن أحد ان كلمة خازوق سبة أو عيبا ؛ فالخازوق كان أداة للتعذيب في العصور القديمة وخاصة قبل الميلاد ....
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-