الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«آباء ولكن».. انتشار القتل الأسري بين المصريين حالات فردية وتسليط الضوء عليها «وقاحة».. والفقر وغياب الوازع الديني والأزمات الاقتصادية أبرز دوافع قتل الآباء لأبنائهم والمخدرات تدفع الأبناء لقتل آبائهم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

  • خبراء عن ظاهرة القتل في المجتمع المصري:
  • الأزمة الاقتصادية والاضطرابات سبب قتل الآباء لأبنائهم
  • مساعد وزير الداخلية الأسبق:
  • الترويج لفكرة القتل داخل الأسرة المصرية «وقاحة»
  • استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب:
  • القتل داخل "الأسرة" حالات فردية ويجب إخضاع المسئولين عنها للعلاج
  • كاتبة وناقدة المجتمعية:
  • «القتل الأسري» موجود منذ بداية الخليقة ويزدهر في الأزمات الاقتصادية
  • خبيرة علم نفس سياسي:
  • الإدمان المحرك الأول للجريمه ويليها الضغوط الاقتصادية


انتشر مؤخرًا في المجتمع المصري ظاهرة قتل الآباء لأبنائهم أو العكس، حتى إنها صارت تحدث في وضح النهار، وكان آخرها قيام رجل بقتل ابنه بوابل من الرصاص أمام المارة في أسيوط لأنه كان يمنع والده من ضرب أمه.

السطور التالية تسلط الضوء على هذه الظاهرة التي لم نكن نسمع بها في الأيام الماضية، مع الوقوف على أسباب انتشارها وتقديم روشتة علاج لإنقاذ المجتمع منها.

عوامل متشابكة وراء الظاهرة
ففي هذا السياق، قال الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، إن هناك مجموعة من العوامل المتشابكة التي تؤدي لجرائم القتل داخل الأسرة الواحدة بأن يقتل الآباء أبناءهم والعكس منها الأزمة الاقتصادية والاضطرابات النفسية والكثافة السكانية والإعلام الذي يبث مشاهد العنف ليل نهار.

وأضاف «فخري» أن هذه الجرائم بدأت ترتفع في المجتمع المصري بحكم تركيبته والكثافة السكانية، والإعلام الذي يبث مشاهد العنف التي بدورها تولد العنف بين أفراد الأسرة الواحدة، لافتًا إلى أن الأسر السوية والمتزنة نفسيًا دائمًا ما يكون بينها حوار مفتوح وأفرادها متعاونون ولا يوجد أسرار فيما بينهم، أما الأسر المختلة وظيفيًا تتسم باستقواء أفرادها بآخرين على الأسرة، وأن فردًا واحدًا فقط هو الذي يتولى جميع الأدوار والآخرون متواكلون عليه.

اضطرابات عقلية
وأوضح أن الأسر التي يشيع فيها القتل والعنف النفسي والمادي يشيع فيها الأمراض النفسية وغالبًا أحد الوالدين يكون لديه اضطرابات عقلية، والخلل في التربية وراء البعض منها، فالآباء غير قادرين على تحمل المسئولية، وتلك الأسر هي مفرخة الأفراد غير الأسوياء الذين يمارسون العنف ضد المجتمع وأقرب الأشخاص إليهم.

وتابع أن المخدرات وانتشارها في المجتمع المصري تقف في أغلب الأحيان خلف الكثير من هذه الجرائم البشعة الغريبة على المجتمع المصري، فهي عامل رئيس في توليد العنف من الآباء تجاه الأبناء والعكس، وكذلك الاضطرابات النفسية التي بدأت نسبتها ترتفع، إلى جانب الظروف الاقتصادية التي تخلق نوعًا من العنف لعدم القدرة على تلبية حاجات الأسرة.

العلاج بالبرامج الإرشادية

وفيما يتعلق بعلاج هذه الظاهرة، أكد أستاذ علم النفس وتعديل السلوك، أن البرامج الإرشادية هي سبيل العلاج المؤثر، وأن تقدما في مراكز الشباب برامج توعوية لإعادة ترميم بناء الأسرة المصرية، وتدريب الأطفال داخل المدرسة على بعض الأمور الأخلاقية لضبط الانفعالات.

وقال إن ممارسة الرياضة عليها عامل كبير لمكافحة هذه الظاهرة عن طريق تفريغ طاقات الآباء والأبناء، ومعالجة الأزمات الاقتصادية.

الترويج لها وقاحة
انتقد اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الترويج لفكرة انتشار القتل بين أفراد الأسرة المصرية الواحدة بأن هناك أبًا قتل ولده أو ابنًا قتل والده، واصفًا الأمر بـ«الوقاحة».

وقال «نور الدين» إن هذه الجرائم إذا وجدت فإنها تتركز في قرى الصعيد النائية لأنهم يشتعلون غضبًا من أقل شيء، مثله مثل جرائم الثأر، لافتًا إلى أنه حضر جلسات صلح كثيرة في الصعيد حينما كان مديرا لأمن إحدى محافظات الوجه القبلي وعندما كان يسأل عن سبب الخصومة فلا يجد أحدًا يعرف السبب الذي يحصد أجيالًا من أبنائهم.

وأضاف أن وقوع مثل هذه الجرائم في المدن والمراكز أمر نادر وأن من يترصد هذا الأمر فإنه يريد أن يعكس فكرة سيئة عن الشعب المصري وهو انعدام الأخلاق ووصول الأمر بين الأب وابنه إلى القتل.

حالات فردية
بينما قال الدكتور إبراهيم مجدي، استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب، إن قتل الآباء لأبنائهم والعكس ليست ظاهرة في المجتمع المصري إنما هي «حالات فردية»، ونظرًا لبشاعة الجريمة وحساسيتها فإنها تحوز اهتمام الإعلام.

وأضاف «مجدي» أن هناك عوامل عديدة متشابكة تقف وراء ارتكاب هذه الجرائم منها وجود خلل في الشخصية أو اندفاعية شديدة تجعل صاحبها لا يمكنه التحكم في رد فعله وعدم تقدير الأمور بالصورة الحقيقية.

المخدرات مسئولة
وتابع: "تعاطي المخدرات أحد الأسباب وراء أغلب هذه الممارسات غير السوية، وغياب الوازع الديني الضمير وانتشار ظاهرة العنف، كل هذه العوامل تتشابك لتخرج لنا مثل هذه الجرائم الغريبة على المجتمع المصري".

وأوضح أن العلاج النفسي قادر على مكافحة هذه الظاهرة، عن طريق إخضاع هذه الفئات من المجتمع المصري للعلاج النفسي المكثف لمساعدتها على أن تحيى بصورة سوية.

في السياق ذاته، قالت الدكتورة نوران فؤاد، الكاتبة والناقدة المجتمعية، إن القتل الأسري ليس ظاهرة جديدة على المجتمع المصري، فهي موجودة منذ بدء الخليقة وبدأت بقابيل وهابيل، وكانت موجودة في القبائل البدائية وقبل الإسلام مخافة الفقر.

موجودة وتزدهر في الأزمات الاقتصادية
وأضافت «فؤاد» أن هذه الظاهرة القاتمة موجودة بالفعل لكنها تطفو على السطح في الأزمات الاقتصادية كما كانت منتشرة في الثمانينيات في فترات الكساد والفساد، لافتة إلى حادثة قتل رجل لأفراد أسرته بعدما خسر أمواله في البورصة.

وأوضحت أن إصرار المجتمع على مظاهر البذخ رغم الأزمة المالية أحد أسباب انتشار القتل الأسري، ففي كوريا الجنوبية خلال ثمانينيات القرن الماضي ضربتها أزمة اقتصادية قوية، فقامت النساء بالتبرع بحليها للحكومة لمساندة بلدهم، أما نحن مازلنا نتمسك بتراثنا الذي يحثنا على البذخ.

وأكدت أن تنمية النواحي الإيجابية في تراثنا والاستغناء عن مظاهر البذخ وتعديل المفاهيم المتعلقة بالثروات من شأنه أن يقضي على هذا السلوك المشين نوعًا ما.

من جانبها، قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن هناك مجموعة من العوامل المتصلة والمتفاعلة مع بعضها البعض وراء تزايد معدلات الجريمة بين أفراد الأسرة الواحدة داخل الشعب المصري، خاصة أن صورها أصبحت أكثر بشاعة.

وأوضحت "فايد"، فى تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الضغوط والتوترات التى تقع على كاهل الإنسان سواء على المستوى المحلي والإقليمي أو على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي تخرج الأمراض النفسية الباطنة للخارج مع تصوير لهم الأفكار المرضية بأنها واقع طبيعي يتعايش معه يدفعه لتنفيذ الجريمة دون أن يشعر لذلك نرى أغلب الجناة بعد تنفيذ جرائمهم يقولون "معرفش عملت كده إزاي".

وأضافت أستاذة علم النفس السياسي، أن هناك مجموعة من العوامل الأخرى والتي تعد أكثر خطرا فى رفع نسب الجريمة بين الأفراد وهي الإدمان وانسحاب القيم من المجتمع دون وجود رادع والتباطؤ في أخذ الإجراءات القانونية السريعة للاقتصاص والردع، بالإضافة لشبكات التواصل الاجتماعي التي تعرض الصور الدامية والتي تعد ضمن مدخرات ذهن الإنسان.