قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الدكتور عادل عامر يكتب : فلسفة قانون الاستثمار الجديد في مصر


إذا كانت فلسفة القانون تتميز بأمر معين فهو أنها تبحث عن غاية للقانون لان الفترة الماضية شهدت مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تستهدف دفع عجلة الاستثمار، وأن هذه المؤشرات تقوم على الخطوات والإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة على عدة مراحل من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد المصري وتحسين قيمة الجنيه في مقابل العملات الأجنبية الأخرى.

فتأتي أهداف الاستثمار ومبادئه وفق احكام القانون يهدف الاستثمار في جمهورية مصر العربية إلي رفع معدلات النمو الاقتصادي للبلاد وزيادة معدلات الانتاج المحلي وتوفير فرص العمل وتشجيع التصدير وزيادة التنافسية بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وتعمل جميع أجهزة الدولة المختصة علي جذب وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. ويحكم الاستثمار المبادئ الآتية:

1- المساواة في الفرص الاستثمارية ومراعاة تكافؤ الفرص بغض النظر عن حجم المشروع ومكانه ودون تمييز بسبب الجنس.

2- دعم الدولة للشركات الناشئة وزيادة الأعمال والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لتمكين الشباب وصغار المستثمرين.

3- مراعاة جميع النواحي ذات البعد الاجتماعي وحماية البيئة والصحة العامة.

4- حرية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك.

5- اتباع مبادئ الحوكمة والشفافية والإدارة الرشيدة وعدم تضارب المصالح.

6- العمل على استقرار السياسيات الاستثمارية وثابتها.

7- سرعة إنجاز معاملات المستثمرين والتيسير عليهم بما يحقق مصالحهم المشروعة.

8- حق الدولة في الحفاظ على الأمن القومي والمصلحة العامة.

وتسرى مبادئ الاستثمار المشار إليها علي المستثمر والدولة كل فيما يخصه.

وكما نعلم جميعا أن من أخطر العيوب التي كانت موجودة في قانون الاستثمار القديم هو بطء الإجراءات والفصل في النزاعات، لا شك أن مشكلة تضخم الجهاز الإداري للدولة، والبيروقراطية، وتعقد الإجراءات، أحد أهم مشكلات مصر المزمنة، وهى الأمور التي لا تحبها بالتأكيد مجالات الأسواق ورؤوس الأموال، في عصر ثورة التكنولوجيا والعولمة، وهذه البيروقراطية وتضارب القرارات هي سبب رئيسي في اضطراب بيئة الاستثمار.

من هنا جاء الطلب الملح على قانون موحد للاستثمار، والذى جاء ليتصدى للمشكلات والمعوقات التشريعية، والمعوقات الإجرائية فجاء صدور قانون الاستثمار الجديد تتويجا للجهود المبذولة، لتهيئة المناخ لإحداث انطلاقة اقتصادية، وزيادة معدلات النمو، ونشر التنمية في كل ربوع مصر.

وتقوم فلسفة قانون الاستثمار الجديد على تشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، وقد سبق صدور القانون حزمة القرارات الاقتصادية التي استهدفت علاج الاختلالات الهيكلية، وتحقيق الاستقرار في سوق الصرف، وفي هذا الإطار جاء قرار تعويم الجنيه لمواجهة السوق السوداء والمضاربات على الدولار، فاستقرار سوق الصرف أحد أهم العوامل في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة أن برامج الإصلاح الشامل التي يجري تنفيذها حاليا تأتي في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يساند البرامج الإصلاحية.

منذ سبعينيات القرن العشرين ظهرت الحاجة في مصر إلى قوانين استثمار، خاصة بعد أن قرر الرئيس السادات اتباع ما أسماه حينها بسياسة الانفتاح، بصدور القانون رقم 43 لسنة 1974 والذي عد وقتها أول قانون استثمار في مصر، عدل القانون بعدها بالقانون رقم 1977، والذي صمد لمدة 12 عاما، قبل أن يصدر القانون رقم 230 لسنة 1989 والذي أضاف حوافز إلى القانون السابق، ثم صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1977 والذي أعقبه صدور عدد من القرارات التكميلية.

ظل قانون الاستثمار الموحد موجودا، إلى ثورة 25 يناير، ومع الحاجة الملحة إلى تنمية الاقتصاد عقب الكبوة الاقتصادية التي شهدتها مصر بسبب الاضطرابات التي تلت الثورة، وإبان المؤتمر الاقتصادي المنعقد سنة 2015 في شرم الشيخ، صدر القانون رقم 17 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 1997، ولكن ظلت الحاجة ملحة لقانون استثمار جديد، ليبدأ العمل بعدها على قانون الاستثمار الجديد التي صدر مؤخرا وفي استنظار صدور لائحته التنفيذية حتى يصبح قانونا نافذا ومطبقا علي ارض الواقع.

قدم القانون في صورته الايجابية توحيد المفاهيم، والقضاء على أي تضارب فيها. لان اللائحة التنفيذية سيكون لها دور كبير وملموس في تنظيم هذه الأمور لأنها تحدد هذه الإجراءات بشكل دقيق للغاية بالإضافة إلى أنها ستفسر وتوضح آلية الفصل في المنازعات حال حدوثها.

ولا شك أن هذا الأمر مهم جدا لأنه عندما يستشعر المستثمر الجدية في المكان الذي يرغب أن يستثمر به، وعندما يستشعر وجود إجراءات سريعة وناجزة لخروج الاستثمار الى حيز الوجود وتوافر منظومة صحيحة لحل المنازعات، فإن هذه التعديلات سوف تشجعه على زيادة الاستثمارات في كافة الوزارات في الفترة المقبلة.

وقد بدأت القرارات الاقتصادية في تحقيق أهدافها، من خلال الاستقرار النسبي في سعر الصرف الذي يدور حاليا حول 18 جنيها، إلي جانب بوادر التحسن في تراجع معدلات التضخم التي ارتفعت بالتزامن مع قرار تعويم الجنيه والجهود المبذولة لمحاصرة التضخم وتهدئة الأسعار والتخفيف عن الطبقات من محدودي الدخل، من خلال إجراءات الحماية الاجتماعية وتنظيم التجارة الداخلية، ومواجهة الممارسات الاحتكارية الضارة بالمنافسة.

أيضا تحسن أداء الصادرات المصرية التي حققت زيادة ملموسة في الربع الأول من عام 2017 بلغت 3٫٥١٪ إلي جانب التحسن في السياحة، حيث بدأت الأفواج السياحية في التدفق علي مصر وهذه كلها مؤشرات تؤكد أن الاقتصاد المصري علي الطريق الصحيح وقادر علي النمو بمعدلات مرتفعة وهذه كلها مؤشرات تجذب أنظار المستثمرين الأجانب للسوق المصري خلال المرحلة القادمة!

كما قدم القانون أهداف ومبادئ لرفع معدلات النمو في البلاد، وزيادة معدلات الانتاج المحلى، ولم يهمل في أهدافه الالتزام بالقوانين واللوائح ومراعاة معايير الجودة والكفاءة، وحماية الالتزام بحرية المنافسة.

فقد أحكم تأسيس الشركات والمنشآت وخدمات ما بعد التأسيس التي تلتزم الدولة بتقديمها. وألزم القانون الهيئات بالدولة على ميكنة خدماتها وتوحيد إجراءاتها، واتخاذ كافة الإجراءات لتوفيق أوضاعها لتقديم نظام الخدمات الإلكترونية، وفسر بشكل واضح نماذج العقود، ورسوم التأسيس، ومقابل الخدمات التي تستحقها الدولة، وذلك لمنع أي حالات تلاعب.

وكذلك نظم القانون بشكل واضح في مواده من (35 إلى 46) بشكل واضح النافذة الاستثمارية (الشباك الموحد)، وقدم دليلا لإجراءات الاستثمار الذي يتضمن الشروط والإجراءات والمواضيع المقررة لتخصيص العقارات وإصدار الموافقات والتصاريح، وكيفية طلبها، وتوقيتات فحص الطلبات والموافقة عليها، وتوضيح إجراءات تراخيص الأراضي. ونظم القانون في المواد من (47 إلى 61) اجراءات تخصيص العقارات، وأحكام التصرف في هذه العقارات وصورها، وإجراءات الترخيص بنظم حق الانتفاع والإيجار، وأحكام التصرف والبيع وأحوال التزاحم. وألزم القانون الهيئات الاستثمارية بالبت في طلبات تأسيس الشركات خلال يوم عمل على الأكثر. وفى مقابل هذا، ألزم الشركات بتقديم بياناتها وتحديد رأسمالها وإعداد ونشر قوائمها، بتأسيس قواعد بيانات واضحة.

اشتمل القانون على مجموعة من الضمانات والحوافز، ونص بشكل واضح على معاملة المستثمر الأجنبي كالمستثمر الوطني، وكذلك منحه حق الإقامة في مصر، وقدم ضمانات واضحة بحماية المشروعات الاستثمارية من التأميم ونزع الملكية، والقرارات التعسفية، مثل إلغاء التراخيص أو وقفها، أو سحب العقارات الخاصة بها.

والأكثر من هذا أن القانون وضع قيود على الدولة في مسألة إصدار القرارات التنظيمية العامة، وذلك في مواده من (17 إلى 22)، حيث أقر بشكل واضح عدم جواز إصدار قرارات تضيف أعباء مالية أو إجرائية أو فرض رسوم على المشروع القائم بالفعل، وينظم استخدام العمالة الأجنبية.

كما يعطى الحق في الحصول على البيانات والمعلومات. سيعطى القانون عددا من الحوافز الخاصة بالاستثمار، والتي تم تقسيمها إلى حوافز عامة، وحوافز خاصة، وحوافز إضافية، اما الحوافز العامة فهي الممنوحة لكل المستثمرين، عن طريق إعفاءات من ضرائب، وتوحيد الضريبة جمركية واحدة، والحصول على إعفاءات للقوالب والاسطمبات اللازمة للتصنيع، وكذلك أعطى إعفاءات جمركية مؤقتة على الاستيراد.

في حين قدم حوافز خاصة جغرافية وقطاعية، حيث قسم مناطق الاستثمار إلى 3 مناطق (أ، ب، ج)، مع ضمانات ألا يتجاوز الحافز الاستثماري 80 % من رأس المال المدفوع.

أما الحوافز الإضافية فتوضح أنه يجوز بقرار من مجلس الوزراء منح حوافز إضافية للمشروعات. تفادى مشروع القانون فوضى المناطق الحرة المخصصة للتصدير للخارج التي شهدتها مصر من قبل، ونظمها، وحظر بعض الأنشطة بها، مثل مجال تصنيع البترول، وصناعة الأسمدة والحديد والصلب، والغاز الطبيعي، والصناعات كثيفة استخدام الطاقة، والتزامات المستثمر بالتأمين الشامل على المباني.

ولم ينس المشروع حقوق العاملين والمزايا العينية والاجتماعية للهم، وكيفية مزاولة المناطق الحرة. لكنه لم يقف عائقا أمام المناطق الحرة، فوضع ضوابط لاستكمال وتطوير بنيتها الأساسية، وإنشاء الشركات الأجنبية، ويفسر في مواده من (70 إلى 78) قواعد الاستيراد والتصدير وحركة الدخول والخروج، وأحكام ضرائبها ورسومها الخاصة. أنشأ المشروع عدد من المجالس والهيئات لتنظيم الاستثمار، أهمها المجلس الأعلى للاستثمار، والذي يختص بتحديد أولويات مشروعات الاستثمار، ومتابعة تنفيذ أجهزة الدولة للخطط والبرامج، وتحديث الخريطة الاستثمارية.
كما أنشأ هيئة الاستثمار المصرية، والتي عرفها بأنها هيئة عامة اقتصادية لها أحقية اعتبارية، والمختصة بتنفيذ خطط الترويج للاستثمار، ونظم شكلها ودورها الرقابي.

هذه المنازعات والتي أخافت الكثير من رؤوس الأموال، جاء القانون الجديد ليوضع اجراءات تسوية تلك المنازعات، حيث أمر بتشكيل لجنة للتظلمات، ونظم إجراءات التظلم أمامها، وكذلك نص على إنشاء لجنة وزارية لفض منازعات الاستثمار، ونظم اختصاصات اللجنة، وإلزامية قراراتها. كما نص على إنشاء مركز للتحكيم والوساطة في منازعات الاستثمار التي تنشأ بين المستثمر والدولة أو أي من الجهات التابعة لها.

نظم القانون بشكل واضح على كيفية التصالح في بعض الجرائم التي ترتكب في المشروعات الاستثمارية، ومسؤولية الشخص الاعتباري عنها، وقيود تحريك الدعوى الجنائية، وكذلك قيود تحريك الدعوى في الجرائم المالية.
لم ينس المشروع المسؤولية المجتمعية للمستثمرين، ففي الباب السابع من القانون نص على حدود المسؤولية الاجتماعية، وكيفية تخصيص المستثمر لنسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها في إنشاء نظام للتنمية المجتمعية، ونظم المعاملة الضريبية لهذه النظم المجتمعية. لذلك ان المشكلة الحقيقية في آلية تنفيذ القوانين على أرض الواقع.

وكيفية رفع وعى القائمين على إنفاذ القانون بروح القانون وكفاءة تنفيذه على الأرض بصفة أساسية، وتدريب كافة الموظفين وإعطائهم كافة الصلاحيات اللازمة لمواقعهم ورفع وعى الأطراف المعنية بمحتوى القانون. لان الأسواق الخليجية متفائلة بنتائج الإصلاح الاقتصادي في مصر.