الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

متى يصنع رجال الأعمال أول سيارة مصرية؟


سيندم رجال الأعمال في مصر أشد الندم لو واصلوا إهدار الفرصة الذهبية السانحة أمامهم بتخليد أسمائهم من خلال تصنيع أول سيارة مصرية في وقت تتهيأ فيه أمامهم كل الظروف لتحقيق هذا الإنجاز القومي. وفي حال إصرارهم على إهدار هذه الفرصة الثمينة، فعليهم ألا يلوموا إلا أنفسهم، لو بادرت القوات المسلحة بتسليح الاقتصاد المصري بأول سيارة "صنع في مصر" تتمتع بالسعر التنافسي الذي سيعجز الوكلاء عن منافسته بالسيارات المستوردة في السوق المحلي.

فللمرة الأولى، تتوافر كل الظروف أمام العاملين في قطاع السيارات في مصر، من مجمعين ، و وكلاء ، وتجار ، لإقامة بنية تحتية لمكونات السيارة كشرط أساسي لتصنيع أول سيارة مصرية . فقانون الإستثمار الجديد قدم لرجال الأعمال كل التسهيلات لتلبية كل مطالب المستثمر المحلي و الأجنبي على حد سواء ، مع توفير كافة الضمانات اللازمة لاستثمار آمن . كما قدمت الدولة منطقة اقتصادية على محور قناة السويس ، مسلحة بموقع إستراتيجي ، و مجموعة موانئ ، و طرق ، قادرة على تسهيل تصدير ما يصنعون ، سواء من مكونات السيارة ، أو تصدير السيارة نفسها للأسواق الخارجية أو تسويقها في السوق المحلي الذي يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة.

فعلى الرغم من شكوى وكلاء وتجار السيارات من تراجع مبيعات السيارات في مصر بنسبة 40 في المائة بسبب ارتفاع الأسعار بعد تعويم سعر الجنيه المصري أمام الدولار، لم نرى أي رجل من رجال الأعمال العاملين في مجال السيارات في مصر، بادر بإقامة صناعات جديدة مغذية لصناعة السيارات، لرفع المكون المحلي في السيارات المجمعة محليا لتمهيد الطريق ،في مرحلة لاحقة ، لتصنيع أول سيارة صنع في مصر . المعروف أن أي شركة لصناعة السيارات لا تستطيع أن تصنع سيارة بمفردها من دون صناعات مغذية ، مثل الصناعات المتخصصة في تصنيع المحركات ، و أخرى تتولى تصنيع الحساسات ، و ثالثة تصنع ناقل الحركة ، و رابعة متخصصة في تصنيع الإطارات و خامسة للردياتيرات .... إلخ إلخ.

والسؤال هو ، لماذا لا يتواجد في مصر حتى الآن ، رجال الأعمال الذي يمتلكون الطموح لتخليد إسمهم في ذاكرة التاريخ بتصنيع أول سيارة مصرية مثلما خلد فورد، إسمه بالسيارة فورد ، و هوندا، بالسيارة هوندا ، و بيجو نفس الشيء ، فيما خلد مرسيدس إسم إبنته بإطلاق إسمها على واحدة من أفخم السيارات في العالم . الإجابة هي أن رجال الأعمال في مصر ليس لديهم طموح دخول التاريخ مثلما طمح فورد في دخوله ، لأن أقصى طموحهم هو الإحتفاظ بتوكيل السيارة العالمية، ليساهموا بذلك بكل أسف في إدارة عجلة الإنتاج في المصانع الكورية و اليابانية و الأوروبية و الأمريكية و كل ذلك من أجل ضمان تحقيق المكاسب السهلة ، و السريعة، و العالية . و لو سألت أي وكيل سيارات ، لماذا لا تبدأ في التفكير في الدخول في شراكة مع تجار و ووكلاء آخرين لتصنيع أول سيارة مصرية ؟ سيكون رده أنه في حال إتخذت هذه الخطوة ستسحب مني شركة السيارات العالمية التوكيل، و تعطيه لغيري، و سأفقد بذلك مع أحققه من مكاسب بالملايين .

كما يزعم البعض الآخر بأن سوق السيارات المصري سوق صغير لا يتحمل تصنيع سيارة مصرية خالصة ...و الرد على ذلك هو كيف إستطاعت ماليزيا التي لا يزيد سكانها عن 30 مليون نسمة أي ربع سكان مصر تقريبا من تصنيع السيارة من طراز " بروتون " في وقت يزيد فيه السوق المصري عن 100 مليون نسمة علاوة على أن مساحة مصر تزيد عن ثلاثة أضعاف مساحة ماليزيا .

و كثيرا ما وجه في السابق كثير من رجال الأعمال إنتقادات حادة لشركة النصر لصناعة السيارات و كثيرا ما طالبوا بضرورة تصفيتها لتدني المكون المحلي فيها و فشلها في تصنيع سيارة مصرية طوال 25 سنة .

فلو عقدنا مقارنة ، بعد مرور أكثر من 30 سنة على دخول رجال الاعمال في مجال تجميع السيارات في مصر، بين المكون المحلي الذي تواجد في سيارات شركة النصر ، و بين المكون المحلي في السيارات المجمعة حاليا في مصانع القطاع الخاص سنجد أن هناك تساو في نسبة المكون المحلي بين الإثنين بل ربما نرصد ميلا لصالح شركة النصر التي كانت تستخدم إطارات " نسر" محلية الصنع في حين أن السيارات المجمعة محليا تستخدم إطارات مصنعة في الخارج . و يبقى السؤال ماذا لو بادرت القوات المسلحة بإنتهاز الفرصة الذهبية و سلحت مصر بأول سيارة صنع في مصر؟ الإجابة هي ... ستتعرض القوات المسلحة للإنتقادات بزعم أنها تقحم نفسها في صناعات خارج إطار تخصصها و تنافس القطاع الخاص ... إذن لماذا لا يتولى رجال الأعمال هذه المهمة القومية بتصنيع أول سيارة مصرية رغم كل الظروف المواتية أم أنهم باللغة العامية " لا يرحمون و لا يسيبون رحمة ربنا تنزل" .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط