الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واحد.. اتنين.. تلاتة.. هنصور!


وكأن حياتها معه كانت فى وضع الاستعداد لالتقاط صورة النهاية التى ظلت تترقبها ولكن اختلفت حساباتها، فقد وضعت نهاية جميلة بأن ينصلح حاله ويعود إلى رشده ويتوب عن ماضيه ويعوضها عنه خيرا وينسيها ما ذاقته معه من مر وهوان.

ولكن وبعد سنين طوال قدمت فيها كل ما لم تقدمه سيدة على وجه الأرض لمن تحب وتناست ونست من أجل استمرار حياتها كل أخطائه وكل ما سببه لها من تراجع وظيفى من أجله هو، من أجل أن يصبح نجما وعلما، لأنها كانت على قناعة بأن الأبناء يفتخرون بالتصاق اسمهم باسم أبيهم، وعليه لابد ان يصبح أبوهم منارة افتخار وهذا يكفيها ويجعلها تتوارى من أجله حتى يصنع ما لم يحققه ذووه ممن عاش وهو يضع نصب عينيه إسعادهم هم فقط، بينما هى كان يركز كل جهوده لإتعاسها وتحطيمها.

ووقفت أمام كاميرا الزمان وأخذت وضع "واحد"، وكانت البداية والعلم بأخطاء جسام؛ أولها وأهمها عدم الوفاء، ولكنها توهمت أنها مرحلة وستنتهى وبأنه مسكين غرته النقلة من اللاشىء إلى الشىء.

وتواصلت وتأقلمت مغصوبة على هذه المرحلة، لتبدأ مرحلة "اتنين" وفيها سمعت ورأت وعاشت ما ظنت أنه فيلم وخيال، ففيه كان كل شىء يندرج تحت مسماه هو وذويه ومن بعدهم الطوفان، ولم تكن تتخيل كم التغيرات للأسوأ ولكنها لا تزال تحيا بالأمل بأن هذه المرحلة امتداد لمرحلة الشبع وتعويض مراحل الحرمان، وعليه فقد أقنعت نفسها بالمزيد من التحمل، خاصة أنها تحمل له معاني جميلة رغم تعاليه وتكبره وتباعده عنها.

وجاءت مرحلة "تلاتة"، وفيه سمعت الكثير عن شخصية متسلقة تأخذه منها، وفى مرحلتها أيضا بعد قطبى حياتهما وظهرت مساحة من مجاهرته باحتقارها والبعد لأطول فترة عنها، ومواجهتها بأنه يكرهها ويكره النظر إليها، أعقب هذا التطور وربما زامنه إعلانه عن حائط وتراكمات تفصله عنها واتهامها بأنها أفسدت كل ما يربطه بها ومنها وإليها.

واكتملت المرحلة بالانفصال عنها لتدخل بعدها مرحلة "هنصور"، وهى المرحلة المستمرة لأجل غير مسمى، وفيها بالطبع تعلمت من درس عمرها كل ما عجزت عنه كتب الحياة عن تعليمها إياه، وفى هذه المرحلة أيضا تيقنت أن مجتمعا كالذى تعيش فيه طبعا يرمى شباكه وسمومه على النساء الذين على شاكلتها وعليها أن تتسلح بأسنان حديدية وأظافر فتاكة لتحمى نفسها من كل من تسول له نفسه الاقتراب منها.

وفى مرحلة هنصور أيضا بالطبع تسمع عن حياتها ما لم تعرفه هى عنها، وأيضا فى بيتها عليها أن تعترف طواعية وكرها لأبنائها بأنها فى نظر أبيهم أتفه من أن يحتفظ بإطلاق اسمها أمامهم أو حتى بالحديث عنها لأن حياته الحالية لا تتسع ولا تسمح بمجرد تذكر حرف من حروف من وهبت حياتها له وإليه، وأيضا عليها أن تعيش بروحين إن لم يكن أكثر فى بيتها من أجل أن تملأه وتعيد ترتيبه وتجعله يمضى لما هو مقدر له ولما سيصير عليه.

نسيت أن تذكر أن عليها البحث عن مصادر رزق إضافية لتستطيع استكمال ظهورها بما ينبغى أن تصبح عليه، وما اشتملت عليه مرحلة "هنصور" أيضا هو الانتظار والترقب لما ستأتى به الأيام، وأيضا التساؤل والسؤال هل هى فعلا أخطأت فى حقه وهل كان من الصواب أن تسلم وترضى بحقيقة أن مؤلف القلوب أنهى فترة تآلف قلبه معها واستبدلها بقلب أخرى وكانت تجلد نفسها لأنها لم تفعل مثله وتنفض عنها كل ما يمد جذورها إليه، وبين سطور مرحلة "هنصور" كانت على يقين أبدى بأن ما عاشته لم يكن يستطع كتابة تفاصيله أعظم سيناريست ولم يكن ليخرجه أروع مخرج، ومع أن لفظة النهاية متوقعة إلا أنها تأبى أن تكتبها بيديها لا لتكاسل منها ولا ضعف ولا خوف، ولكن لأنها تدرك أن الظالمين يكتب العادل من فوق سبع سموات نهايات لهم يعجز العقل عن فهمها وتوقعها وكتابتها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط