الثورجيون الجُدد

قدّمت لنا ثورة 25 يناير المباركة نموذجًا رائعًا من الثورجى الحق، هؤلاء الشباب الذين خرجوا فى أول الأمر يوم 25 يناير، اتفقوا فيما بينهم على ملامح ثورتهم السلمية الرائعة، والتى كانت بالفعل ثورة خاصة سيظل التاريخ الإنسانى يتناولها بكل تقدير واحترام، وتعرض الثوار خلال ثورتهم إلى الكثير من أشكال العنف القهر والسحل والقتل أيضًا، ومن عاد بشريط أحداث تلك الثورة لرأى ذلك بعينه دون الحاجة إلى دليل على سلمية هذه الثورة .
فكان هؤلاء هم الثوار الحقيقيون الذى جذبوا اليهم باقى طوائف الشعب، فبسرعة هائلة انضم اليهم الكثيرون من أبناء الشعب المصرى، والذى ادرك بحسهم الوطنى بأنهم أمام ثورة شعبية حقيقية، وهو ما جعل الثورة فى نهاية الأمر تحقق الهدف الذى انطلقت من أجل وسقط النظام الفاسد.
كان الرصاص والخرطوش وأدوات كثيرة تم استخدامها ضد الثوار الحقيقيين، وقد تحملوا.. واستشهد منهم أعداد كبيرة، زينوا عنق وطنهم المحرر من الفساد والمفسدون ، الا انهم لم يدنسوا ثورتهم البيضاء بأن شىء من تلك الاشياء التى حدثت به ذلك على ايدى الثورجيين الجدد .
فلقد دعاد الثوار الحقيقيون الى ثكانهم .. وظهر عند الثورجيين الجدد ، والذى نصبوا أنفسهم المتحدثين باسم الشعب المصرى ، واصبح الاعتصام لديهم وظيفة ومهنة، وتساءل احد منهم ما هى وظيفتك؟ فيقول ثورجى .
اصبحت الثورة مهنة لها من يمتهنها ، والتى ابعدت الثورة المصرية كثيرا عن أهدافها ، فهؤلاء المضربون والمعتصمون والثورجيون الجدد ، قد أضروا بالثورة المصرية الرائعه ضررًا كبيرًا، وتأكد وبما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء لا يهم هذا الوطن وسلامته وأمنه، ولو أدركوا أن حريتهم تبدأ من حرية الاخرين، ما فعلوا كل الذى فعلوه .
ومن يتابع وبعمق الاحداث التى حدثت بعيدا عن ثورة مصر الحقيقية ، وثوار مصر الحقيقيين، فى مسرح البالون، وماسبيرو والعباسية وشارع محمد محمود، واخيرا محيط مجلس الوزراء لادرك على الفور أن هناك مخططًا منظمًا يهدف ليس فقط إلى إفساد الثورة المصرية ولكن بهدف النيل من مصر ، ومن حضارتها ، وأنا لا يمكننى ان اتصور ان يقوم مصرى بحرق المجمع العلمى ، وان ارى تلك الفرحة ورفع علامات النصر على من قام بذلك .فهل هؤلاء ثوار .
انهم الثورجيون الجدد هؤلاء الذين ظهروا على السطح ، وقد قسموا أنفسهم بشكل منظم ورائع ومدرسون .
منهم من يقيم بصفة دائمة فى الاستديوهات والفضائيات ، ويظل يتحدث ويهاجم ، ولا أعرف من أين يأتى بالمعلومات التى يتناولها ، الا من خلال من يمد بها .
واذا كان يوجد لدينا ثورجية اللسان ، فهناك ثورجية الاقلام ، ثم ثورجية الشوارع ، ولكل ثورجى من هؤلاء الثورجيين الجدد له مواصفات خاصة ، والطريف أن كل منهم يعرف بالتمام والكمال مهام وظيفته .
لقد خلا الميدان من الثوار الحقيقيين ، والذى يبكون الآن لانهم يروا من يحاولون ان يسرق ثورتهم ، وكنت على يقين عندما كتبت قصيدتى "المترو لا يقف فى ميدان التحرير" والتى نشرت فى اليوم السابع يوم 8 فبراير وهى اسم ديوانى الجديد بهيئة الكتاب .
أنا لست أدرى من يدق الحزن فى قلبى ومن يخط الموت فى دربى ومن يراهن بأن النهر سوف تجف مياهه لنعود نبحث عن ماء ليروينا ويهد أبنية المعابد والكنائس والمساجد لكى يضيع الله من بين أيادينا من يا صديقى يربى الخوف فى وطنى وطنى الذى عشنا به والعين ترقص فى سماء الحلم لتصحو فجأة وبساحة الميدان وجه عابث يلهو بخوفى أنا لن أعود إلى ديارى مرة أخرى فلقد تسور الظالمون مداخل الميدان حل العابثون ملابس الشجعان
راح الصوت يعلو والكل يأكل قلبك المسجى يا وطنى أنا لن أعود إلى ديارى مرة أخرى والخوف فى وجهى
أخاف إذا رأته صغيرتى لا تعرف الأحلام بعد اليوم أو حين تسألنى من ذا الذى باع المدائن لحظة الميلاد لحظة
كان فيها النور يولد من رحيق الصمت يولد نافضا عن كاهليه مرارة الأيام إلا أنهم سرقوا البراءة ساعة الميلاد
هل لى حين أبحث عن شباب هزهم حزن المدائن سطوة السجان فانكسرت سياج الخوف إلا أنهم وجدوا لصوص الحلم يفتشرون ساحة الميدان لينقضوا على وطنى.