الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"عايزة تتطلقى تدفعى كام" شعار أزواج 2017.. إحصائيات: "63% من المتقدمات بطلبات خلع وطلاق تعرضن للابتزاز المادى والمعنوى على يد أزواجهن".. طالبة الدكتوراة رفضت أن تدفع لزوجها فطلبها في بيت الطاعة

صدى البلد

زوجات في قبضة الابتزاز
نجلاء تتخلص من مساومة زوجها بقضية خلع "قالى هاتى 50 ألف جنيه وأطلقك ياما أسيبك متعلقة"


زوجات وقعن فى قبضة رجال يجيدون فن الابتزاز والمساومة، كل شىء عندهم بثمن حتى أبغض الحلال لم يسلم من عبثهم، مستغلين أن القرار بأيديهم، لتجد تلك السيدات أنفسهن فى النهاية عالقات بين مطرقة أزواج يحاصروهن دائما بالتهديدات واللعب على أوتار خوفهن خشية ضياع "المصلحة" منهم، وسندان البقاء كزوجات مع إيقاف لسنوات طويلة أو اختيار التمسك بحبال المحاكم الطويلة، واتباع سياسة النفس الطويل لإنهاء حالة الابتزاز التى يتعرضن لها بأقل الخسائر.

وقد عكست الأرقام الصادرة عن محاكم الأسرة بزنانيرى ومصر الجديدة والجيزة وحلوان لهذا العام تلك الأزمة، حيث كشفت إن  63% من السيدات المتقدمات بطلبات خلع وطلاق للضرر تعرضن للابتزاز المادى والمعنوى على يد أزواجهن، وللاقتراب أكثر من تلك المشكلة انتقل "صدى البلد" إلى ساحات محاكم الأسرة ورصد تجارب حية وقصص لسيدات ساومهن أزواجهن مقابل الطلاق.

"يا تدفعى يا تروحى بيت الطاعة"
داخل غرفة مظلمة جوها معبأ براحة العطب وجدرانها متساقطة الدهان بمحكمة الأسرة بمدينة نصر، وقفت "د. م" الزوجة الثلاثينية تقبض بإحدى راحتيها على يد طفلها الذى يخطو نحو عامه الثالث، وبالاخرى تمسك صورا فوتوغرافية لمسكن فقير وأثاث بالى، فى انتظار أن يفرغ الموظف الخمسينى، من أعماله الكتابية كى تقدمها له ليرفقها ضمن أوراق دعوى إنذار الطاعة التى أقامها ضدها زوجها الموظف بأحد البنوك الأجنبية، بعدما رفضت أن تخضع لابتزازه وتدفع له ثمن تحريرها من قيود حياة بائسة ذاقت فيها مرارة الخيانة كدليل إثبات على عدم صلاحية المسكن المذكور فى إنذار الطاعة.

بعبارات متحفظة بدأت المهندسة الثلاثينية رواية قصتها: "تزوجته بطريقة تقليدية منذ سنوات ليست ببعيدة، كان زميل لى فى العمل، ورغم الفارق الاجتماعى والمادى الكبير بينى وبينه وافق والدى عليه، بعدما انخدعا بطيب سيرته وكلمات زملائى فى الشركة عنه، والتى وصفته بالملاك المتجسد فى صور بشر، والشهم الذى يخصص وقته لخدمة الناس ولقضاء حوائجهم، والعالم بتعاليم الواجب والأصول، وظنا أنه الرجل المناسب الذى سيصون ابنتهما الوحيدة اذا حدث لهما مكروه، قد لا يصدق أحدا بأن الرجل الذى كانت تحسدنى قريناتى على الارتباط به هو نفسه الذى يطلبنى الآن فى بيت الطاعة، لأننى رفضت دفع ثمن حريتى، المهم تمت الزيجة فى شقة إيجار جديد بالتجمع الخامس ولضيق حال العريس تكفل والدى بثأثيث شقة الزوجية بأفخر قطع الأثاث وزين جوانبها بالتحف الثمينة، وتحملت والدتى تكاليف شهر العسل.

تتخلى الزوجة الثلاثيينة عن تحفظها وتفصح عما أثقل صدرها لسنوات بعد أن اطمأنت لمحدثها فحكايتها مؤلمة واسترجاع أحداثها أشد ألما: "ولم يمر سوى 7 أيام بالتمام والكمال على الزواج حتى سقط القناع عن زوجى وظهر وجهه القبيح المشرب بالطمع ونواياه المحملة بالانتهازية، وأفصح عن حاجته لمبلغ مالى بحجة أنه لا يملك من حطام الدنيا سوى 7 جنيهات فقط، وتكررت الوقائع وزاد زوجى فى طلباته وسحبه لمبالغ مالية منى، وبعدما استغنت الشركة عن خدماتى أنا وآخرين فى إطار تخفيضها للعمالة، أصيب بصدمة فراتبى الكبير الذى كان ينصب شراكه حوله دائما ذهب مع الريح، وتحول لشخص عنيف وعصبى لكنى تحملته بسبب الجنين الذى ينبت فى رحمى".

تواصل الزوجة الشابة روايتها بنبرة منكسرة: "انتقل للعمل فى أحد البنوك الأجنبية، وبدأت تنشأ بينه وبين احدى زميلاته علاقة لم أكتشف تفاصيلها إلا مصادفة، بعدما عبث ابنى بحاسب ابيه المحمول وظهر صندوق محادثتهما على "فيس بوك" وما حواه من عبارات غرام وهيام، حينها تخليت عن صمتى وصبرى وتركت له البيت عائدة الى منزل والدى، ولم يكلف خاطره من وقتها أن يتقصى خبرى أو يسأل عن ابنه، وكاننى كنت حملا ثقيلا على صدره أو مجرد مصلحة وانتهت".

تختتم الزوجة حديثها قائلة: "طلبت الطلاق من زوجى أكثر من مرة لكنه كان دائما يرفض ويقول لى بنبرة متبجحة: "عايز تمن الأيام الى قضيتها معاكى"، فأقمت ضده دعوى نفقة للصغير وحكم لى بـ200 جنيه فقط، فاستأنفت الحكم لتصبح 300 جنيه رغم أن راتب زوجى يصل الى 5000 جنيه فى الشهر، ثم فوجئت به يطلبنى للدخول فى طاعته، وليتغلب على مشكلة المسكن اتفق مع صديقه على كتابة عقد إيجار صورى للشقة التى تعيش بها والدته كى يقدمه للمحكمة، فى المقابل أقمت أنا دعوى طلاق للضرر وقدمت صورا فوتوغرافية للمسكن المذكور فى إنذار الطاعة والتى تثبت أنه مسكون وليس كما ادعى زوجى، لا أعرف كيف هداه تفكيره الى تلك الحيلة الشيطانية؟!، كل ما اتمناه أن أنجو من هذا الرجل لأكمل حياتى بهدوء مع ابنى وأنهى رسالة الدكتوراة".

"هسيبك زى البيت الوقف"
بخطى مترددة، وأنفاس متسارعة، تخطت" نجلاء "أبواب غرفة صغيرة محاطة بألواح زجاجية، وبهدوء سحبت -ذات الثلاثين عاما- كرسيا يقاوم السقوط مثلها، قابع بأقصى مكان بالغرفة الكئيبة، وسريعا سقطت عليه بجسدها المنهك من عناء التنقل بين أروقة وساحات المحاكم، وظلت تنتظر المحكم الخمسينى حتى يفرغ من أعماله الكتابية، لتلقى على مسامعه أسباب طلبها الخلع من زوجها بعد 13 عاما، وتقر بتنازلها عن كافة حقوقها المالية والشرعية ورد قيمة مقدم الصداق المبرم فى عقد الزواج مقابل حصولها على الطلاق خلعا ليدونها فى تقريره الذى سيقدمه إلى المحكمة الجلسة القادمة.

وبصوت مرتعش تسرد الزوجة الشابة حكايتها: "تزوجته ولم أكن قد أتممت عامى الـ17 بعد بطريقة تقليدية، فقد كان قريبا لأحد معارفنا، وظننت وقتها أنه ربما يعوضنى عن رحيل والدى وأمى، ويكون لى سندا فى هذه الحياة بعدهما، ولم أبالى بضيق حاله فقد كان لدى ما يكفينى من مال، ووقفت إلى جواره كأى زوجة مخلصة ومنحته إرثى من والدى حتى يبدأ مشروعا يكفيه عن التنقل بين الوظائف ويحسن دخله ويبنى مستقبل لصغاره، ويا ليته حفظ لى معروفى بل كافأنى بالزواج من أخرى بعد 6 سنوات من الصبر معه والتعب والتحمل".

تنتزع الزوجة من شفتيها الجافة ابتسامة حزينة وهى تواصل روايتها: "ولأننى كنت أخشى من أن أحظى بلقب مطلقة فى مجتمع لا يرحم من حملته يوما، فليس لدى أخ أو قريب يحمينى ويحمل مع هذا الحمل الثقيل، أو مصدر دخل ثابت أنفق منه على أولادى،ارتضيت أن تشاركنى امرأة أخرى في زوجى، وقبلت بتلك الحياة البائسة، وكرست حياتى لتربية الصغار، بينما هو أخذ يتمتع بمالى هو وعروسه، ومرت السنوات وأنا صامتة حتى بدأ زوجى يسيئ معاشرتى، وينهال على بالضرب بسبب وبدون سبب، ويتعمد إهانتى وسبى أمام العالمين، حينها أسقط من صدرى كافة المخاوف، وقررت أن أنهى صبرى الذى دام لأكثر من 13 عاما، وطلبت منه أن يطلقنى بشكل ودى بعيدا عن ساحات المحاكم".

تحافظ الزوجة الشابة على ابتسامتها الباهتة وهى تنهى روايتها: "وقبل زوجى أن يطلقى بشرط أتنازل عن كافة حقوقى ومبلغ 50 ألف جنيه، ولأننى أريد أن أخلص منه قبلت بشروطه رغم ظلمها لى، لكنه تراجع أمام المأذون، وقال لى بنبرة متحدية: "لا أنا هسيبك كدة متعلقة"، ربما كان يريد مبلغا أكبر، فهو يجيد فن المساومة والضغط على ضحيته حتى يحصل على ما يريد، فلم أجد سبيلا آخر أمامى سوى اللجوء إلى القانون، وطرقت أبواب محكمة الأسرة بزنانيرى، وأقمت ضده دعوى طالبت فيها بتطليقى طلقة بائنة للخلع مقابل تنازلى عن كافة حقوقى المالية والشرعية".