كيف تتحقق العدالة الإعلامية؟

كما أن هناك ما يسمى بـ«العدالة الاجتماعية» القائمة على احترام خصوصيات المواطن والتزامه بتطبيق القانون بما يضمن حقوقه وواجباته، هناك أيضًا ما يسمى بـ«العدالة الإعلامية» القائمة على المساواة في المعاملة بين العاملين بالوسط الإعلامي، ومُحاسبة المخطئ منهم دون استثناء بالشكل الذي يضمن الوصول إلى النموذج الأمثل للوجبة الإعلامية التي تقدم إلى ملايين المشاهدين.
ولا شك أن البدايات المبُشّرة التي تبنتها أجهزة الدولة بالتنسيق مع النقابة العامة للإعلاميين، موفقة، بعد أن أصدرت مؤخرا العديد من القرارات الحاسمة ضد عدد من الإعلاميين المتجاوزين في حق أنفسهم أولا، ثم في حق المواطنين، الأمر الذي يعكس يقظة أجهزة الدولة في حماية أمنها القومي والحفاظ على السلم الاجتماعي من التكدير، خاصة في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب الاختيار الدقيق للمادة الإعلامية المقدمة للمشاهد والقارئ أيضًا حتى ولو كان على حساب السبق أو الانفراد.
لكن.. بهذه القرارات هل تحققت العدالة الإعلامية؟، ربما هذه الإجراءات هي بوادر مبشرة، ويمكن أن تتحقق بالشكل المطلوب عندما أيضا يتم محاسبة كل المخطئين والمتجاوزين ممن يظهرون أمامنا يوميًا عبر الشاشات، سواء من ضيوف البرامج الذين يتبنون حملات تشهير وسب ضد آخرين، ويوجهون اتهامات لشخصيات كبيرة دون أدلة، أو من المُذيعين غير المؤهلين بالأداء المهني.
يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية بالتشديد على ظهور من تتطابق فيه فقط صفات «الكاتب» القادر على توصيل المعلومة للقارئ بشكل مباشر، و«المُذيع» المُلم بمشكلات وقضايا البلاد، ولديه القدرة والعلم على تناول موضوعاته بمهنية واحتراف، ومنع ظهور غير المؤهلين على الشاشات، والذين فرضوا أنفسهم على المشاهد دون وجه حق، إما بالعلاقات وإما بالأموال.
يمكن أن تتحقق باحترام ميثاق الشرف الإعلامي، وسرعة إصدار قانون الإعلام الموحد الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام، الذي وافق عليه مجلس الوزراء وأحاله إلى مجلس الدولة لمراجعة صياغته تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب لإقراره نهائيا، والذي يحدد حقوق الصحافيين والإعلاميين وواجباتهم وملكية المؤسسة الصحافية، وكيفية مزاولة المؤسسة لنشاطها، وملكية الوسيلة الإعلامية وكيفية مزاولتها لنشاطها.
يمكن أن تتحقق بوضع حد لمهزلة المُنتحلين لمهنة الصحافة والإعلام في مصر، ومحاسبة القائمين على الكيانات الإعلامية الوهمية التي تسيء إلى مظهر الوسط الصحفي والإعلامي، وتتناول المادة الإعلامية على منابرها دون مهنية ولا احترام، الناتج من غياب التخصص وعدم الإلمام بآليات العمل الإعلامي.