الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تطوير خطابنا الديني بخطوات سبعة


الدكتورة أماني عبد الله الشريف، نبت أصيل من نبت أرض بلادنا الطيبة الطاهرة، ، تعمل أستاذة المناعة والميكروبيولوجي بكلية الصيدلة جامعة الأزهر، ونائب مدير مكتب جامعة الأزهر للتميز الدولي، نفخر وتفخر بها مصرنا، إذ تعد أول أستاذة أزهرية مصرية تنضم إلى فريق الخبراء المكون من خمسة عشر خبيرا دوليا في مجال جودة التعليم العالي الذي قام بأعمال التصنيف والتقييم للجامعات الإفريقية، الذى يمثل ثمانية خبراء من قارة إفريقيا منهم سيدتان إحداهن مصرية من جامعة الأزهر، وسبعة من قارة أوروبا، ضمن المشروع الدولى (HAQAA) الذى ينفذه الاتحاد الأوروبى بالتعاون مع اتحاد الجامعات الإفريقية.

وهي إحدى رائدات تطوير التعليم وخدمة المجتمع، كما أن لها إسهاما بارزا في مجال نشر الثقافة الصحية بين غير المتخصصين، وتيسير العلوم الطبية، نشرت لها الدوريات العلمية الدولية أبحاثها، فحصلت على ترقيم دولي كباحث عالمي، كما تم اختيارها كأول أستاذة عربية تُختار لعضوية تحرير إحدى كبريات المجلات الدولية لعلوم السرطان والعلاج المناعي، عن مصر والشرق الأوسط، كما شاركت في التحكيم الدولي بعدد من الدوريات العلمية المتخصصة في مجال العلوم الطبية، ومحكم دولي بالهيئة الألمانية للتبادل العلمي والثقافيDAAD، ومع كل ما سبق من معطيات علمية وأكاديمية، إلا أنها تمثل أيضا حالة فكرية مجتمعية ، نابضة بمحتوى مهتم ومثقل بعوامل تطوير مجتمعنا المصرى بأخلاقه وسلوكه وأيدولوجياته، وخطابنا الدينى المستنير المدعو إليه سادرا، عبر الكثير من المؤتمرات الدولية ، ومنظماتنا الإسلامية.

من أهم قيمها الفكرية الداعية إليها، فكرها الثاقب ونظرتها العميقة عبر دراستها (تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم) التي عرضتها أمام المؤتمر الدولي الأول لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، مقدمة بها منهجية تطوير الخطاب الديني في سبع خطوات، حيث تشير الى أنه يجب إسهام الخطاب الديني في خدمة المجتمع وتنمية وعي المواطنين بما ينعكس على حسن تسيير حياتهم وحسن تدبر أمورهم، مع الاستخدام الرشيد والأمين لموارد الدولة المختلفة من ماء وكهرباء وعربات مترو وقطار وغيرها من المال العام، عطفا الى احترام الحقوق والواجبات والمعاملات الطيبة، المنتشرة والمبجلة والمحترمة في الدول الغربية، دون بلادنا الإسلامية.

الدكتورة أمانى الشريف الأستاذة بصيدلة الأزهر، الخبيرة الدولية في جودة التعليم بالاتحاد الأوروبي والمحكم الدولي باتحاد الجامعات الإفريقية، ترى أيضا أنه ليس كافيا أن تكون الأفكار جيدة لضمان انتشارها، وما كان يصلح بالأمس لا يتناسب اليوم، مطالبة بأن يكون تطوير الخطاب الديني أحد مشروعات مصر القومية من خلال اتباع طرق ومنهج علمي وليس مجرد مؤتمرات وندوات لا تؤتي النتائج المرجوة، عبر منهجية علمية اقترحتها لتنفيذ مشروعها تطوير الخطاب الديني أولها: تحديد الأولويات، موضحة أن تدني الأخلاق تنعكس في الكثير من الممارسات اليومية مثل عدم احترام المرور، ضعف انتاجية الفرد، زيادة نسبة الطلاق، غياب النظافة والكثير من السلبيات يمكن أن تعالج بزيادة الوعي الديني والشعور بالمسئولية والعودة إلى مكارم الأخلاق، متسائلة، هل نريد من الخطاب الديني الرقي بالمجتمع أخلاقيا؟ أم نظل نتحدث عن إرضاع الكبير، والصلاة بالخف، وعدم جواز تهنئة المسيحي؟! مؤكدة أنه يجب أن يهتم خطابنا الديني بالمشتركات بيننا كما أمرنا الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".

ثانيها: دراسة اتجاهات وطبيعة المتلقي، إذ رأت أنه يجب تحديد الفئات المراد مخاطبتها، ودراسة اتجاهات كل فئة واحتياجاتها، فليس مقبولا أن نخاطب جيل الغد بلغة الأمس! فلكل فئة عمرية احتياجاتها الدينية، وتتمثل رؤيتها المنهجية الثالثة في تحليل البيئة المناسبة لكل فكرة لتعزيز انتشارها، فكما يقال لكل مقام مقال، فالخطبة التي تلقى بالجامع لا يليق أن تقال كما هي في النوادي أو المنتديات الشبابية، كما أنه لا يليق أن نجد إماما يناقش أمورا تتعلق بالعلاقة الزوجية في خطبة الجمعة مما يصيب الآباء بالإحراج والنفور، كما طالبت بضرورة استخدام الدراما في ترسيخ الكثير من القيم الدينية والأخلاق الحميدة مثلما كان يحدث في الماضي.

وفى منهجيتها الرابعة ترى ضرورة تحديد مواصفات للمحتوى المناسب لكل فئة، فشباب الفيس بوك لا يناسبه إلا الجرعات البسيطة والرسائل القصيرة التي يجب أن تكتب بعناية شديدة لتترك التأثير المطلوب، كما تشير الى وجوب العمل على تجديد اللغة ومفرداتها لتتناسب مع متطلبات العصر وتغيير الأسلوب المعمم القديم.

ثم اختيار شركاء النجاح لضمان نجاح تجديد خطابنا الدينى، في منهجيتها الخامسة، وفيها ترى أن المرأة شريك أكبر يمكن من خلالها رفع وعي الأسرة بأكملها، مناديا بوجوب الاهتمام بدورها كداعية وكفئة مستهدفة للخطاب الديني، لافتة أن المرأة الواعية المدركة لأهمية القيم الدينية تكون أكثر قدرة على تنمية وتطوير المجتمع، لما حباها الله من قدرة على الصبر والمثابرة والإبداع، لذا ترى أنه يجب الاهتمام بتثقيف المرأة، وعدم تركها فريسة للحلقات العشوائية المنتشرة في الكثير من مساجد القرى، و بعض النوادي التي تعتبر أحد بؤر زراعة التطرف، كما يجب تخصيص خطاب ديني يتناسب مع احتياجاتها المتطورة بتطور أدوارها في المجتمع من فتاة لزوجة لأم. وكذلك الاهتمام باختيار اللغة المناسبة لكل الفئات العمرية والثقافية المختلفة. 

كما ترى في منهجيتها السادسة ضرورة الاستخدام الأمثل للوسائل المتاحة، بوجوب الاعتراف بمتغيرات العصر والتطور التكنولوجي وعدم الجمود، ووجوب الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل الفيس بوك وتويتر والهواتف الذكية لإعداد برامج ومواقع تفاعلية لتلبية الاحتياجات والاستفسارات المختلفة، والاهتمام بالتعليم والإعلام والدراما للقيام بدورهم في كل ما سبق.

ثم يأتي سابعا وأخيرا رؤيتها بوضع معايير لاختيار القائمين على التطوير، فتقول ليس من المنطقي أن يتم الاستعانة بمن يتخذ من الفكر القديم منهجا، ولا يرضى بغير فكره وطريقته ولغته بديلا إما تكاسلا وعدم رغبة في بذل جهد للتعلم والتطور أو خوفا من الجديد.

ما سبق كان رؤية ثاقبة، هادفة، وورقة مباركة من شجرة طيبة وارفة الظلال والثمرات اليانعة اليافعة النافعة، لفكر عقولنا المصرية المختلفة النظر، والرؤى الصادقة المخلصة.. فاللهم بارك في مصرنا وعلمائها وعقولهم، وارزقنا تجديد خطابنا الدينى كما ترى وتدعو أستاذتنا الدكتورة أمانى الشريف .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط