الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مغالطات عن الإسلام


خلال محاضرته القيمة الناجعة المثمرة التي ألقاها بالمعهد السويدي بالإسكندرية بعنوان (التربية الإعلامية ودورها في بناء الحصانة الفكرية للشباب)، على هامش الندوة التي عقدها المعهد السويدي بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية تحت عنوان: (التعليم الإسلامي ودوره في تحصين الشباب من التطرف)، أكد الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن الكتب الدراسية في الغرب، خصوصا كتب التاريخ، تشتمل على مغالطات عن الإسلام تم معظمها عن سوء فهم، ومما يؤسف له أنها أسهمت في نثر الخوف من الإسلام والمسلمين وزرعه في نفوس النشء والشباب بل المجتمع الغربي، كما أدت إلى انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، مطالبا الغرب بضرورة تصحيح هذه المعلومات وبصورة عاجلة، بالتعاون مع الأزهر الشريف وغيره من المؤسسات المعنية.

نعم هم يستغلون كتاباتهم لتاريخنا تشويها لنا ولديننا ولعلمائه وقادته الفاتحين العادلين، وإن كنت أرى أن هذا التقصير الأزهري غير متعمد من أزهرنا الشريف، بدليل زيارات فضيلة شيخ الازهر رئيس مجلس حكماء الامة الدكتور أحمد الطيب للكثير من دول العالم الخارجي وعلى رأسها دولة الفاتيكان بروما، وجلوسه وتباحثه مع البابا فرنسيس الثانى ورجال دينه، ثم زياراته الأخيرة لسنغافورة واندونيسيا وغيرها، وقد وجدت فضيلة الدكتور سليمان يتفق معى فيما قلت آنفا في أن جولات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الخارجية أسهمت في إذابة الجليد بين الإسلام والغرب، ورسمت معالم السلام العالمي، مطالبا الغرب أن يخطوا خطوات مماثلة مع المسلمين، محذرا الغرب الحكم على الإسلام من السلوك السلبي لبعض المسلمين الأمر الذي أسهم في عمليات التباعد بين الحضارتين، مطالبا المسلمين الذي يعيشون في بلاد الشرق والغرب أن يؤدوا أداء حضاريا متميزا في أعمالهم، مسهمين في نهضة البلاد التي يعيشون فيها ويأكلون من خيراتها، بحيث يجعلوا الأنظار تُصوّب إليهم من سلوكهم الحضاري المتميز، كما توجهت من قبل في قديم الزمان إلى أسلافهم التجار الذين نشروا الإسلام في أصقاع كثيرة بحسن أخلاقهم وسلوكهم؛ منبها أن ذلك كفيل برسم الصورة الحقيقية عن الإسلام وعن نبي الإسلام الذي جاء لإصلاح الإنسان والكون والحياة.

ما سبق من طرح للدكتور احمد على سليمان كنت قد دعوت اليه أيضا وعبر مقالتى ببوابة الاهرام أمس الجمعة، وتحت عنوان "كراهية الإسلام"، في أن كثيرا من سلوك المسلمين للأسف هناك بالغرب لا تتماشى مع أخلاق ديننا الإسلامي، وأن هذا لا يعيب ولا يشين اسلامنا، بل يشين من يأتون بتلك الأخلاق المعيبة البعيدة كل البعد عن إسلامنا. 

الدكتور أحمد على سليمان أشار في محاضرته القيمة الى ظاهرة الإرهاب، وكيف أنه عُقدت مئات الندوات والمؤتمرات حول العالم، وكُتبت آلاف الكتب والأبحاث والمقالات حول هذه الظاهرة الخطيرة، ولم تسفر هذه الجهود عن محاصرة ظاهرة الإرهاب أو إسكات أصواتها، بل كانت المعالجات الأمنية السريعة هي الحلول المتبعة والمسيطرة، على تعاطي المؤسسات المعنية مع هذه الظاهرة محليا وإقليميا ودوليا، ومن ثم طالب بوجوب أن تتعاضد الجهود من أجل القضاء على الإرهاب من خلال حلول ثقافية وتربوية -تتوازى جنبا إلى جنب مع الحلول الأمنية- وإيجاد تعليم حديث في بلادنا ينمي مهارات التفكير العليا ويُكوّن الحصانة الفكرية والمناعة السلوكية للمتعلم بحيث لا تنطلي عليه حجج وأفاعيل المتطرفين، لافتا إلى كيفية تحصين شتى فئات المجتمع التعليمي ووقايتها من خلال تجويد منظومة التعليم ورفع وعي المؤسسات التعليمية بمخاطر الغلو والتطرف والإرهاب؛ من أجل حماية الأجيال داخل هذه المؤسسات، مشددا أن هناك اتجاها يذهب إلى استقطاب الشرائح العمرية الصغيرة واستغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية وعمل غسيل للمخ عن طريق تلقيها مجموعة قيم من هؤلاء المتشددين وكأنها من صميم الدين!.

الداعية الإسلامي الشاب الدكتور احمد على سليمان استطاع بفكره المتجدد النابه الرائع أن يضع حلولا ناجعة مبدعة فريدة لعلاج ما سبق، فشدد على أن التربية الإعلامية في المجتمعات العربية والإسلامية تكتسب أهمية كبرى، بعدما هيمنت وسائل الإعلام على الساحة الدولية، وأصبحت تشكل خطورة على الجمهور المتلقي، في عصر ثورة المعلومات والمعرفة التي يعيشها العالم بفضل التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال، حيث أشار ان هذه الوسائل تزج الغث أو سمين أمام النشء والشباب، في ظل الفوضى السائدة في المجال الإعلامي الخارجي، بعد أن فقدت الدول السيطرة الكاملة على البث المباشر، وفقدت قدرتها على التصدي للبث الإعلامي الخارجي والاكتساح الثقافي الأجنبي، مشيرا ان من هذه المخاطر مشاهد العنف المبثوثة في الدراما والكرتون وغيرهما، وترويج الشائعات والأفكار العنصرية، وتيسير الجرائم وتجارة الدعارة، وتسهيل الوصول إلى ممتهنيها، ونشر الأنشطة المحرمة التي تحملها الأفكار المنحرفة، والتشكيك في الثوابت الدينية والحضارية، وزعزعة الأمن الفكري والعقدي لدى الشباب المسلم، ونشر قيم أصحاب الأعمال العدوانية بفعل غريزة التقليد والمحاكاة.

سليمان نوه إلى أن أبرز القضايا المعاصرة التي تعنى بها التربية الإعلامية، هي تثقيف النشء والشباب بسبل فهم الأمور وتقديرها، وسبل التعايش مع الآخرين، واستيعاب مقتضيات العصر الحديث، وآليات التفاعل مع العولمة، وفهم قيم الانتماء الصحيح وتعزيزها، واحترام الآخر، والحرية العادلة، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الفكر المتطرف والمنحرفين والانحرافات الفكرية والشذوذ السلوكي.

منوها ولافتا أن التربية الإعلامية بشكل عام تستهدف فئات ثلاث: الأولى: تربية الإعلاميين والعاملين في الحقل الإعلامي تربية علمية أخلاقية وسلوكية، ليكونوا قدوة في نشر القيم النبيلة وإحياء دور العقل وتكوين التفكير الناقد والتفكير التأملي لدى المتلقي والابتعاد عن بث الخرافات وغيرها، والثانية: تربية الوالدين تربية إعلامية بما يساعدهم على تنمية أولادهم في شتى الجوانب: العقلية والمعرفية والوجدانية والنفسية والسلوكية والعملية، والثالثة: تربية النشء والشباب المسلم تربية إعلامية تساعدهم على عمليات الفرز والانتقاء والغربلة والاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام الجديد، وتمكنهم من حماية هُويتهم، وتحصنهم من الأفكار الضالة، وتشجيع الأبناء على إنتاج المضامين الإعلامية ونشرها وبثها، للتعبير عن وطنيتهم وثقافتهم وحضارتهم، واهتماماتهم...إلخ، ومن ثم تحصينهم ضد عمليات الاستقطاب من أصحاب الفكر الظلامي الذي يريد أن يعود بنا وبالعالم إلى الوراء حيث عصور الظلام.

كما اقترح الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ضرورة ربط المسلم بهويته الدينية والثقافية والحضارية من خلال برامج عملية تطبيقية (إعلامية وثقافية وتربوية)، مع التركيز على التعليم الحديث الذي يُكَوِّن التفكير الناقد لدي الطلاب وبما يمكنهم من عمليات الفرز والغربلة، والتمكين لمنظومة القيم في المجتمع الإسلامي، والتي تتمثل في إعلاء قيمة العقل في المجتمع، وإعداد استراتيجية تربوية إعلامية تستهدف الحفاظ على معطياتنا الحضارية وتوجهاتنا التربوية، المؤكدة على عمليات التواصل الإنساني مع شتى دول العالم، وترسيخ قيم التشاركية لدى الشباب المسلم، وتفعيل التربية الإعلامية في المؤسسات التربوية والإعلامية، وذلك يستدعي المصالحة والمصارحة بين الإعلاميين والتربويين.
 
وغيرها من حلول مبتكرة مثمرة ناجعة من فضيلته إذا ما أخذ بها، وهكذا رأيتم معى قرائى الاحباب، أن اسلامنا بخير طالما وجد مثل هؤلاء الدعاة له المخلصون، المجددون، المطورون فكرهم لخدمته، وخدمة قضاياه ومعتنقيه في الداخل والخارج، ولا يفوتنى أن أوجه شكرى وتقديرى لفضيلة الداعية الإسلامي الشاب النابه الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية على طرحه الرائع السابق، متمنيا ان يؤخذ بعين الاعتبار والتفعيل الحثيث ما جاء به من طرح.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط