الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأمر جلل وخطير


ظاهرة كثرة انتشار الأحاديث المكذوبة على نبينا الحبيب والضعيفة، المكتوبة والصوتية، في مواقع التواصل الاجتماعى من فيس وتويتر ومنتديات وجروبات، باتت ملفتة للنظر، مقلقة للعقل، تقض المضجع، ولما لا وهى من الخطورة والخباثة بمكان، لسرعة تداولها وانتشارها الرهيب، بعمد من أعداء ديننا الاسلامى الحنيف ومن يريدون تشويهه، وبث ما هو مغلوط به، ومحو وطمس الصحيح منه، وبدون عمد وقصد من أصحاب القلوب الطيبة الذين يريدون أن يدعوا الى ربهم بهذه الأحاديث إخوانهم وأحبابهم.

أقول ما سبق لأننى فوجئت أول أمس بصفحة مشترك بها على الفيس، تنشر حديثا طويلا تروى فيه أن جبريل عليه السلام اتى نبينا الحبيب وأخبره عن النار ووصفها، وبدايته: روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها متغيّر اللون، فقال له النبي : (مالي أراك متغير اللون) فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، وأن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى يأمنها، فقال النبي : (يا جبريل صِف لي جهنم).... الحديث، فيبدأ جبريل في وصفها وصفا دقيقا، وما عليها من قسوة وغلظة و، أبوابها، وفريق كل باب منها من المعذبين، والباب السابع الذي سيكون فيه أهل الكبائر من أمته ، ووصف حالهم وهم يعذبون ويستغيثون، ورجوع جبريل اليهم ومحادثته لهم، الى آخر القصة.

وكعادتى دائما ما إن قرأت الحديث إلا وكشفت عن صحته في مواقع دعوية إسلامية نثق في أمانتها وموضوعيتها العلمية، كمواقع اسلام ويب والدرر السنية والإسلام سؤال وجواب وغيرها، فكانت فتوى اسلام ويب فيه أن هذا الحديث ضعيف، وأن يزيد الرقاشي متروك عند أهل العلم، فقد ضعفه شعبة كما قال الهيثمي في المجمع، وضعفه ابن حبان في المجروحين، وضعفه ابن حجر وابن كثير، وقد روى بعض فقرات الحديث الطبراني في الأوسط وضعف تلك الفقرة الهيثمي في المجمع، والسيوطي في الدر المنثور، وقال الهيثمي: فيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه، وقد نقل ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال عن أحمد وابن معين والنسائي أنهم ضعفوه، فالحمد لله حمدا كثيرا على أنه حديث ضعيف ليس ثابتا عن محمد صلى الله عليه وسلم، هكذا كانت الفتوى.

بعدها مباشرة أجدنى أقرأ في مجموعة أخرى، هو أنه "جاء إلى رسول الله رجل فقير من أهل القرية، بقدح مملوءةً عنبًا يُهديه له، فأخذ رسول الله القدح، وبدأ يأكل العنب، فأكل الأولى وتبسم، ثم أكل الثانية وتبسم، والرجل الفقير، يكادُ يطير فرحًا بذلك، والصحابة رضي الله عنهم ينظرون، وقد اعتادوا على أن يشاركهم رسول الله في كل شيء يُهدى لهُ، ورسول الله يأكل عنبة عنبة ويتبسم حتى أنهى العنب كله بأبي هو وأمي، والصحابة متعجبون! ففرح الفقير فرحًا شديدًا، وذهب، فسأله أحد الصحابة: يا رسول الله، لما لم تُشاركنا معك؟!فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد رأيتم فرحته بهذا القدح الذي أهداهُ لي، وإني عندما تذوقته وجدته حامض فخشيتُ إن شاركتكم معي أن يُظهر أحدكم شيء يفسد على ذاك الرجل فرحتهُ"، وعند بحثي عنه أيضا كان اجماع كل فتاوى المواقع الفقهية الأمينة أنه لم نجد هذا الحديث، فيما اطلعنا عليه، والذي يظهر أنه لا أصل له.

كذلك هناك أحاديث كثيرة وطويلة، كلها مكذوبة وموضوعة عن رسول الله باتت منتشرة ومتداولة بشدة، فنجدها في الفيس، ومطبوعة على ورق ومعلقة على جدران الحوائط، وتحت زجاج المكاتب في المصالح الحكومية وفى كثير من أماكن العمل، كحديث النبى مع الإمام على " يا على لا تنم قبل أن تأتى بخمس أشياء، وبالكشف عنه وجدت أن هذا حديث مكذوب وموضوع على نبينا الصادق المصدوق ، وغيره الكثير والكثير.

مما يثير اشمئزازى وحنقى وغضبى أيضا، أن أرى الكثير ممن يهنئوننى بقدوم شهر رمضان او العيد يرسلون رسالة أيضا تقول: قال رسول الله ان رمضان او العيد قادم يوم كذا، وانه قال من هنأ وبشر بها سيغفر له ويدخله الله جنته ونعيمه، ورسائل أخرى، ان من أخبر بها عشرا سيلاقى كذا وكذا من الفضل والنعيم والمثوبة، وللأسف تتداول وتنتشر تلك الرسائل والتهانى في الفيس وغيره انتشار النار في الهشيم.

فيا إخوتى الأحباب، أدعو نفسى وإياكم الى التريث في النقل والدعوة عن رسول الله، وأن نتبين صحة الحديث او المقولة عنه ، قبل كتابتها ونشرها، وهناك كما قلت، مواقع فقهية امينة ترشدنا الى ذلك ، لأن الأمر جلل وخطير، وكثير منا يحسبه هينا وهو عند الله عظيم ، وقد توعد رسولنا من يكذب عليه متعمدا بأشد أنواع العذاب، فتواترت الأحاديث في بيان عظم جريمة الكذب عليه ، فقَالَ : " من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار "، وفى رواية أخرى عن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رَسُول اللَّه يقول: " إن كذبا علي ليس ككذب على غيري، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط