الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العلاقة بين الإبداع والمنتج الصحفى


أعود إليكم من جديد لأستكمل معكم سلسلة مقالات "رحلتى فى بلاط صاحبة الجلالة" التى كنت بدأتها منذ شهور وتوقفت عن استكمالها بسبب الكتابة فى مواضيع أخرى كانت ذي أهمية فى وقتها.

واليوم سيكون تسليط الضوء ناحية السلبيات التى تتخلل المنتج الصحفى والصحفى نفسه, وأهم هذه السلبيات على الإطلاق هو عدم قدرة الصحفى على تحديد مساره الذى يجب أن يسير فيه وفقا لآليات وقواعد وضوابط إنسانية ومهنية وشخصية, فأكثر ما يفتقده الصحفى فى عصرنا هذا, عدم القدرة على تطوير نفسه ثقافيا واجتماعيا وإبداعيا.

فقد كنا نسمع ويتناقل لنا فى الماضى, أن الصحفى كان متعدد المواهب ولديه القدرة على توصيل إبداعه بسهولة ويسر ويقين وتمكن, ويمتلك قدرة على الإقناع, لأن لديه من الثقافة ما تكفيه لإيصال فكرته وتكوين شخصيته والمشاركة فى تحديد مسار المجتمع الايجابى, بل الأكثر من هذا لديه القدرة على تقويم المجتمع وتنظيفه من السلبيات التى تتداخل معه وفيه بشكل يومى.

ولأن رسالة الصحفى أقوى من أى رسالة على الإطلاق فيجب أن تتكاتف كل الجهود من الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات الأكاديمية التى تعمل على تخريج الصحفى لسوق العمل, بالإضافة إلى المؤسسات الصحفية التى يعمل بها الصحفى, ذلك لتخريج صحفى حقيقى قادر على المواجهة ولديه إمكانات أقوى من إمكانيات الذين سبقونا فى الغرب.

ولا أبالغ أن أقول إن تأسيس صحفى قادر على العطاء أهم من تأسيس أى شخص ينتمى لأى مهنة أخرى, وإن كنت لا أنفى أهمية الذين ينتمون إلى المهن الأخرى, ولكن وجهة نظرى أن الطبيب حينما يخطأ سيموت فى يده شخص واحد, وبعدها يتم تقديمه للعدالة على أن لا يمارس مهنة الطب من جديد, والمهندس حينما يخطأ ستقع العمارة التى بناها ويموت عدد محدود من الناس ويتم تقديمه إلى العدالة ولن يمارس مهنة الهندسة من جديد وسيكون عبرة لمن لا يعتبر أو يعتبر .. لكن الصحفى حينما يخطأ فى توصيل معلومة أو رسالة لن يقتل شخص أو عشرات الأشخاص ولكنه يقتل مجتمع بالكامل ولن يحاسبه أحد, ولن يكون لديه قدرة على المواجهة أو التصحيح بعد ذلك , فالخطر الذى يواجهه المجتمع من الصحفى المغيب والصحفى الجاهل والصحفى الفاشل سيكون أكثر ضررا ملايين المرات من أى خطر آخر مهما بلغت حدته.

ذلك لأن مهنة الصحافة هى وسيلة من وسائل الإعلام واسعة الانتشار والتأثير وتستهدف تنمية وتوعية المجتمع بالعلوم والثقافة والأدب والأخبار والمعارف العامة, فيجب أن توضح سير الحوادث المحلية والدولية مع إبداء الرأى بالملاحظات والتعليقات والانتقادات المجردة الهادفة لمصلحة الدولة كل هذا وفقا لمعايير الجودة التى يجب أن تكون تتربى فى قلب الصحفى قبل عقله.

كما يجب أن نسلط الضوء ناحية أن الصحافة تقوم على نزاعات إنسانية كثيرة لا يمكن تجاهلها, فالمعالجة يجب أن لا تكون من جاهل أو مغيب, ولكن يجب ان تكون من شخص قادر على العطاء, والعطاء لن يكون إلا بوجود المقومات التى ذكرناها فى السابق, ذلك لأن دور الصحفى لا يقتصر على نقل الخبر وتسجيل الأحداث وتدوين الوقائع, ولكن الدور الأكبر والمؤثر هو خلق التوعية الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وفى صقل المشاعر القومية والإنسانية وجعلها تصب فى المصلحة العامة والخاصة.

يا سادة ... الصحافة مهنة ورسالة وليست تجارة وإشعارات تتغير وتتبدل بتغير الظروف, لذلك فإن مقومات الصحفى يجب أن تكون خاصة ومختلفة عما يتخيله البعض, كما يجب إعطاء الصحفى الحقيقى فرصة على تطوير ذاته ومساعدته على الخروج من قالب الجمود المتكرر فى كل العصور.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط