وائل غنيم تعقيبا على نتيجة الاستفتاء: منحنى قبول الشعب للسلطة الحالية في نقص مستمر .. والغربية تستحق التآمل

قدم الناشط السياسي وائل غنية قراءة حول إحصائيات نتائج الاستفتاء على الدستور، وقال تعقيبا على النتيجة إن منحنى قبول الشعب للسلطة الحالية في نقص مستمر
١) كانت نتيجة استفتاء مارس 2011 هي: 73% لـ "نعم" مقابل 27% لـ "لا" لمحافظات المرحلة الأولى من استفتاء ديسمبر 2012، مقابل 56.5% لـ "نعم" و 43.5% لـ "لا" في استفتاء ديسمبر. وبذلك يكون حجم الزيادة في الكتلة الصوتية لـ "لا" قد اقترب من الضعف وهو مؤشر هام آخذين في الاعتبار الانحياز الكامل لكل قوى التيار الإسلامي المنظمة (الحزبية والحركية) تجاه التصويت بـ "نعم".
ومع الأخذ أيضا في الاعتبار بأن الكثير من المصريين قد صوّت بـ "نعم" بحثا عن الاستقرار والتخلص من المرحلة الانتقالية بكل عيوبها. ولذا فإنه وبالرغم من أن "نعم" نالت النسبة الأكبر من الأصوات إلا وأنه بشكل موضوعي يتضح لكل باحث أن منحنى قبول الشعب للسلطة الحالية في نقص مستمر. وأعتقد أن أحد أهم أسباب ذلك هو اللغة المسيطرة على الكثيرين من تيار الأغلبية في وسائل الإعلام أنهم هم من يمثلون الشعب المصري وأن غيرهم لا شعبية لهم سوى في استديوهات الإعلام وقد عبر الكثير منهم عن إيمانه بأن نسبة نعم ستتجاوز الثمانين بالمائة بسهولة! وهو ما قرر الشعب المصري عدم حدوثه!
٢) كتلة غير بسيطة (ولكن يصعب تحديد قيمتها) ممّن صوّتوا بـ "نعم" صوّتوا تأييدا للإخوان أو التيار الإسلامي بشكل عام أو بحثا عن الاستقرار، وكتلة غير بسيطة ممّن صوّتوا بـ "لا" أصواتهم كانت بالأساس ضد سياسة السلطة الحالية ممثلة في الرئيس وحزبه وما حدث من تيار الأغلبية في الجمعية التأسيسية. والمشترك بين المؤيدين والرافضين من هاتين النوعيتين هو أن مواد الدستور نفسها كانت خارج حساباتهم سواء قبولا أو رفضا.
٣) تصويت العاصمة بـنسبة 57% لـ "لا" مع الأخذ في الاعتبار الحملة المضادة التي كانت تروّج ضدها بزعم أن "لا" تعني عدم الاستقرار هو دلالة على أن السلطة الحالية في أزمة حقيقية مع المواطن العادي. قليلة هي الاستفتاءات في العالم كله والتي تنتهي بـ "لا" ولذلك يجب أن يُنظر للأمر على أنه مفاجئة! والأهم هو أن العاصمة تحدد بشكل كبير المزاج العام لمؤسسات الدولة الكبيرة وينتقل هذا المزاج ببطء لغيرها من المدن والمحافظات الأخرى.
٤) محافظة الغربية ظاهرة تستحق التأمل، ففي استفتاء مارس اختار 79% من ناخبي الغربية "نعم" بينما لم يرفض التعديلات الدستورية سوى 21% من المواطنين. وفي مجلس الشعب اختار 63% من أبناء الغربية القوائم التابعة لحزبي الحرية والعدالة والنور، وقد بدأ التغير الواضح على الناخبين يطرأ بداية من انتخابات الرئاسة بمرحلتيها الأولى والثانية، حيث لم يحصل المرشحيْن المحسوبان على التيار الإسلامي (د. مرسي و د.أبو الفتوح) سوى على ثلاثين بالمائة من أصوات ناخبي المحلة. وحصل شفيق في المرحلة الثانية على 66% من الأصوات. والآن تحولت نسبة 79% الموافقة على التعديلات الدستورية في مارس 2011 إلى 48% فقط.
٥) بشكل عام نسبة المشاركة في هذا الاستفتاء أقل بكثير من حجم الإقبال في انتخابات الرئاسة بمرحلتيها وبانتخابات مجلس الشعب، بل وحتى مقارنة باستفتاء مارس. فإجمالي المصوّتين على استفتاء مارس 2011 في كل من القاهرة والإسكندرية وأسوان وشمال وجنوب سيناء والغربية والشرقية والدقهلية وأسوان وسوهاج وأسيوط بلغ: 9.5 مليون ناخب. بينما بلغ عدد الناخبين المشاركين في استفتاء ديسمبر أكثر قليلا من 8 مليون ناخب. وهذه النسبة تستحق الدراسة ومعرفة السبب في نقص الاقبال خاصة وأن الاستفتاء الأول كان استفتاء على تعديلات دستورية مؤقتة بينما الاستفتاء الآن على دستور دائم للبلاد. أحد الأسباب والتي ظهر جليا في نسب المشاركة في القاهرة وجنوب سيناء هو منع الوافدين من التصويت في غير محافظاتهم المسجلة في بطاقات الرقم القومي.
٦) من أصل 25 مليون و800 ألف ناخب مصري يمثلون إجمالي عدد الناخبين في محافظات المرحلة الأولى، شارك في الاستفتاء 8 مليون مواطن فقط. مما يعني أن نتيجة الاستفتاء في مرحلته الأولى هي: من كل 100 مصري له حق التصويت: 69 لم يشارك في الاستفتاء، 18 موافق على الدستور، 13 غير موافق على الدستور. هل تتغير هذه النسبة في المرحلة الثانية؟ لا أعتقد.
٧) محافظات الصعيد كانت هي المحافظات ذات الأغلبية بالتصويت بـ "نعم". ويتضح بشكل كبير الفارق بين التواصل والعمل على الأرض بين التيارات المؤيدة والداعمة لمشروع الدستور والتيارات المعارضة له. ويُلاحظ أيضا أن محافظة "أسيوط" هي أكثر محافظة كبيرة شهدت انخفاضا في نسبة الحضور مقارنة باستفتاء مارس 2011 حيث أنه من كل ثلاثة ناخبين شاركوا في استفتاء مارس تخلّف أحدهم عن استفتاء ديسمبر.
٨) اتضح للجميع مؤيدين ومعارضين أن هناك بالفعل خلافا كبيرا في المجتمع، وأن التوافق المزعوم الذي تحدث عنه الرئيس أو أعضاء الجمعية التأسيسية أو قيادات حزب الحرية والعدالة لم يكن حقيقة. ظهر هذا واضحا في نتيجة الاستفتاء التي كانت أقل بكثير من توقعات تيار الأغلبية، وفي نفس الوقت كانت النتيجة معبرة عن حالة الاستقطاب الشديد الذي تورّطنا فيه جميعا منذ عدة أسابيع بدءا بقرار الرئيس لإصدار إعلانه غير الدستوري. استمرار تجاهل هذه الحالة سيؤدي لتفاقم الأزمة لا علاجها، والحل الآن بكل وضوح هو الحوار والاتفاق على أن مصر لن يقودها تيار بعينه. وأن الثورة التي قامت لم تقم لتمكّن فصيل من السلطة لينفرد بها بل لإقامة أسس لدولة جديدة عصرية تستطيع مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.
٩) المرحلة الثانية ستكون أكثر صعوبة لمؤيدي "لا"، لأنه وبلغة الأرقام فمحافظات هذه المرحلة كانت نتيجة تصويتهم في استفتاء مارس 2011: 81% نعم و19% لا (مقارنة بمحافظات المرحلة الأولى والتي كان تصويتها: 73% نعم و27% لا). وهذا يعني أن النتيجة ستتغير لصالح "نعم" إذا لم يفاجئنا الشعب المصري (كما فاجئنا جميعا في المرحلة الأولى). والحسابات التي تفترض أن يسلك الناخبون نفس سلوك ناخبي المرحلة الأولى ستؤدي إلى أن نسبة "نعم" النهائية ستكون 60% ونسبة "لا" ستكون 40%. والذي قد يغير هذه المعادلة هو حجم الجهد الذي سيبذله فريق "لا" في المحافظات الستة التي بها ثلثي عدد الناخبين لمحافظات المرحلة الثانية الـ 17 وهي محافظات: الجيزة - البحيرة - المنيا - القليوبية - المنوفية - كفر الشيخ. التركيز على محافظات الصعيد هام جدا لمجموعة "لا" لأن الفارق الكبير بين تصويت "نعم" و"لا" في محافظات الصعيد تسبب في اتساع الهوة بين "نعم" و"لا".
١٠) شكرا شعب مصر. شكرا سيدات مصر اللائي أصررن على المشاركة وبعضهم وقفن بالساعات الطويلة لإبداء رأيهم في مستقبل أبنائهن