الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المرتزقة العراقيون في الطريق للقتال باليمن


إذا صح ما قاله المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى العراقية، مزاحم الحويت، عن وجود مكاتب سرية تابعة لميليشيات الحشد الشعبي في العراق تقوم بإجبار العرب السنّة من سهل نينوى وديالى على الانخراط في صفوف الميليشيات والحرب معهم في اليمن ضد قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف العربي، فإنها كارثة بكل المقاييس وتطور جديد في ماكينة الحرب اليمنية ينبغي أن تؤخذ في الحسبان.

وبحسب رواية الحويت، فإنه تم رصد مكاتب سرية تابعة للواء الثلاثين من ميليشيات الحشد الشعبي، تُجبر الشباب من أهالي سهل نينوى وديالى على الاختيار ما بين الالتحاق بصفوف الحشد مقابل مبالغ مالية تبدأ بدفع 9000 دولار دفعة أولى ورواتب شهرية، أو إلصاق تهمة الانتماء لتنظيم داعش الإرهابي لهم ولعوائلهم في حال رفضهم الذهاب للحرب في اليمن عن طريق سوريا ومنها إلى لبنان، حيث تقوم ميليشيات حزب الله بتدريبهم!

الحقيقة أن الدفع بعناصر العرب السنّة العراقيين إلى طاحونة الحرب في اليمن ينطوي على أسئلة خطيرة وتداعيات أخطر، في مقدمتها مصادر تمويل هؤلاء المرتزقة العراقيين، خصوصا أن الاقتصاد الإيراني ينهار فعلًا نتيجة العقوبات الأمريكية، وطهران تتحايل للوقوف على قدميها مرة ثانية؟ فمن يقوم إذن بتمويل هؤلاء المرتزقة للذهاب لليمن؟

إن اسم قطر يبرق أمام عيون الجميع، خصوصًا أن العلاقات الآن بين النظام القطري الحاكم في الدوحة والنظام الإيراني أوثق من كل الفترات السابقة، كما أن هناك تحركات قطرية مريبة على الساحة اليمنية خلال الفترة الأخيرة.

اما التساؤل الثاني، فهو عن الأسباب التي تدعو إيران وهى المتحكم في حرب اليمن ومن تقود الحوثيين على الجهة الأخرى إلى طلب الاستعانة بالمرتزقة العراقيين السنّة، إن التفسير الوحيد لذلك، أن هناك خسائر بشرية مروعة في صفوف الحوثي وعناصره، وإيران لا تريد أن تخسر الحرب هكذا، لذلك تقوم بجذب مرتزقة عراقيين سنّة وإجبارهم على القتال في اليمن.

أما عن تداعيات هذا القرار الإيراني على الساحة اليمنية والجميع يعرف الارتباط العضوي بين ميليشيات الحشد الشعبي وإيران، وأن هذا كله يتم بتخطيط إيراني فستكون تداعيات محلية وإقليمية، ففى داخل اليمن سيطول أمد الحرب وستطول معاناة اليمنيين والذين يقوم الحوثي بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية والأممية المقدمة لهم، علاوة على المعاناة الرهيبة جراء امتداد الحرب ذاتها في مدن ومحافظات عدة داخل اليمن.

أما على الصعيد الإقليمي، فإن إيران تريد أن تحول اليمن إلى عراق جديد أو أفغانستان أخرى أيا كان المسمى، حيث تتعاون في البداية فرق وميليشيات سنية وشيعية مأجورة لمواجهة قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف العربي وإفساد أي خطط سياسية للتسوية، ثم بعد ذلك تواجه هذه الميليشيات بعضها البعض، حتى قبل انتهاء الحرب للصراع على الأرض والغنائم، ويتحول اليمن إلى مفرخة جديدة لجيل جديد من الإرهابيين ورجال العصابات والميليشيات.

الحل في رأيي لا يمكن فقط في إثارة هذه الفضيحة دوليا ومتابعة فصولها وكشف المكاتب السرية للحشد التي تقوم بتجنيد السنّة داخل العراق وتحويلهم إلى مرتزقة يقاتلون على الأرض اليمنية، ولكن في ملاحقة معسكرات ميليشيات حزب الله في لبنان والتي تقوم بتدريب هذه العناصر وإرسالها لليمن، ومطالبة الحكومة اللبنانية بتوضيح أبعاد الدور الذي تقوم به هذه الميليشيا على أرض لبنان.

إن دور حزب الله أخطر من دور الحشد الشعبي – رغم أن كليهما تابع لإيران- والسبب أن حزب الله هنا ليس مقاول أنفار ومرتزقة فقط، ولكنه موجه لعقول هؤلاء المرتزقة وصانع لأجنداتهم العسكرية والعقائدية داخل ميادين القتال.

كما ينبغي على الدول العربية وبجانب قوات التحالف العربي ألا تخرج أبدا من صنعاء وتتكامل جهودها في اليمن إلى جانب جهود التحالف العربي، فعلى الدول العربية التحرك سياسيا وعسكريا لليمن.

ولا يجب تكرار الخطأ العربي في سوريا إلى خطأ جديد في اليمن، فقد تركت سوريا لأجندات إقليمية ودولية وإيرانية وروسية وتركية ولا يجب أبدا أن يكون اليمن مصيره كذلك.

فالحرب في اليمن تطول، وهذا المكان أخطر من سوريا لأنه مكان التقاء جميع طرق التجارة العالمية ويمس الأمن القومي الخليجي والسعودي والمصري.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-