الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

توقيت الصمت


هذا اليوم ما تنتظره من كل عام لتمارس فيه طقوسها المعتادة فيه ؛ فبعد ان تنظر فى النتيجة المعلقة على واحدة من جدران منزلها الخاوى من كل شىء الا هى وقلبها الملىء بالكراهية والالم ..بعد ان تتأكد من ان هذا اليوم قد جاء تقوم من مخدعها وتتناول فطورها المكون من فنجان قهوة وقطعة خبز مدهونة بقليل من الجبن السويسرى اللذيذ كما كان تسميها ؛ تكمل افطارها وترتدى ملابسها وتتزين كما لو كانت ذاهبة الى حفل فخيم تنتظرها فيه عدسات المصورين ؛ تضع فى حقيبتها زجاجة مياه وقليلا من الفستق ذلك النوع من المكسرات الذى كان يعشقه هو ..

تنزل درجات سلم بيتها العتيق الذى ورثته عن ابيها وعمها الذى اصر ان يجبر اباها على عدم كتبه باسمها واجباره على اشراكه فيه على الرغم من معرفته بأن امها من اشترت ارضه وبنته ولانها من بيت اصول كتبته باسم زوجها حتى تعفيه احراج ان يعيش فى بيت من اموالها لانها كانت تحبه وتخشى عليه من ملامة الاحراج وانكسار النفس ، وكأن الاقدار كانت فى صفها فقد مات عمها وعاد اليها ملك امها كاملا مكملا لان ابناء عمها وامهم ماتوا فى حادثة مريعة تركت عمها حزينا حتى لقى ربه .. 

بعد ان تنتهى من نزول سلم العمارة تتوجه الى الجراج وتجد البواب كعادته فى هذا اليوم بصفة خاصة وكافة الايام بصفة عامة قد نظف السيارة وتركها كما لو كانت جديدة ، تقود سيارتها الفارهة وتصل اليه وتجلس على بابه وتلقى عليه السلام وقليل من المكسرات وتسأله كيف حالك منذ الوداع منذ خمس سنوات وحتى الان ؟ وتسطرد وتقول له انت سعيد اليس كذلك ؟ ام انك حزين لوحدتك؟ اما انا فسعيدة ايما سعادة وكلما اردت ان تزداد سعادتى اعيد طريقة تخلصى منك ، واذا اردت ان ابرر مافعلت اعيد شريط ذكرياتى معك ومعاملتك غير العادلة معى وبى ..

الحياة بدونك اكثر جمالا والامور تسير سيرا غير المعتاد معك ، صدقنى كل عام يمر وتحل ذكرى افتراقنا اعيش يوما فارقا فى عمرى، لاتحدثنى عن حياتك وسنينك الخمس البعيدة عنى فأنا على يقين بأنك حزين ويائس بدونى وتبحث عنى كى تزيدنى قهرا وذلا فلاتجدنى فتزداد الما وبغضا من وحدتك وبعدى عنك ؛ اعلم ان سنينك الخمس بدونى تمر مر السحاب على الجبال وانت منتظر ان اطرق بابك وارقد بجوارك كى تقتص منى ولكنى لن اعطيك هذه الفرصة اطلاقا ولن اعيد عمرى معك وسأواصل الابتعاد عنك على مدى العام وسأراك واحادثك فقط فى يوم واحد هو يوم ذكرى افتراقنا..صف لى شعورك وانا منتصرة عليك وحدثنى عن وقع اعترافى لك بما فعلته بك وانت فاقد النطق ولا تستطيع ان تتكلم وتخبر الدنيا كلها عما فعلته بك؟ 

هل تدرك كم سعادتى وانا ارى دموعك تنساب على خدك وتذكرنى بدموعى التى كانت انهارا من ظلمك وانت غير مبالٍ بى وبها. حدثنى عن انكسارك وتقييدك عندما اخبرتك بأنه لن يعرف احدا فى الدنيا ما قمت به لاتخلص منك فأنا دكتورة واعلم من الطرق ما يوصلنى الى ما  اردته دون ادنى خطأ..حدثنى ولا تخشَ شىئا فلا يوجد من يسمعنا فقط انا وانت ، حدثنى كما احدثك عن سعادتى بدونك وتمتعى بكل اشياءك واموالك وشماتتى فى كل من خنتنى معهم وبأننى حرمتهم منك وجعلتك وحيدا صامتا هادئا .. اراك ممتنعا عن الحديث وانا لابد ان ارحل لاستكمال طقوس حياتى ..

اشارك العام القادم فى موعد ذكرى وفاتك وعلى نفس باب القبر احدثك واضف لسعادتى بدونك وتركك وحيدا عاما جديدا .. الى اللقاء الذى لا اريده قريبا ولا اريده معك...

من مذكرات مريضة نفسية فى اجندة حياتها التى انتهت فى عيادة دكتور مانويل صديقى هولندى الجنسية..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط