الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر إصرار السيسى على تجديد الخطاب الديني


الأزهر الشريف من أهم مرتكزات ودعائم الدولة المصرية.وأحد أهم مؤسسات القوى الناعمة لمصر على المستوى العالم والعدوان على الأزهر كمؤسسة وطنية ومنبر للإسلام الوسطي حول العالم هو عدوان على شعب وسيادة الأمة المصرية.

لكن من حق الدولة التي تنفق على الأزهر من ميزانيتها ان تنتقد أي سياسات إدارية خاطئة تكشف أي خطأ في هذا الصرح العظيم لأجل تطويره ومواصلة إصلاحه لأنه أحد أهم مرتكزات ودعائم الدولة المصرية التى تتعرض حاليا لحرب رهيبة من اخطر و أشرس تنظيم إرهابي عالمي في التاريخ الإنساني و يستخدم الإسلام السياسي لتحقيق أهدافه الخبيثة فى تقسيم المنطقة والسيطرة على ثرواتها وحل أزمة إسرائيل على حساب مصر وتشويه صورة الإسلام أمام العالم.

إصرار الرئيس السيسي على تكليف الأزهر بتجديد الخطاب الدينى وإحداث تنقية شاملة للأفكار المغلوطة، المنسوبة للإسلام، وبناء رؤية جديدة تتواكب مع العصر ومواجهة الذين يسيئون للدين الإسلامى الحنيف والمتاجرة به وتفكيك الأفكار والتفسيرات الشاذة التى يستخدهما أئمة الفتنة و المتوضئون بالدم فى تبرير العمليات الإرهابية واستهداف الدولة الوطنية يمثل اقتناع وتقدير لمكانة الأزهر وقدرته على تجديد الخطاب الديني وفق الفهم النبوي المحمدي الصحيح لأحكام الشريعة، ونصوص القرآن وأهداف الرسالة المحمدية وتقديمها للناس بمفاهيم مفردات العصر وبلغة وأسلوب بسيط وسهل يستوعبه عامة الناس بعيد عن التقعر والفذلكة اللغوية والاستغراق فى الماضى.

ان تجديد الخطاب الدينى ينفى عنه تحريف المغاليين وانتحال المبطلين و يبصر الناس بكتاب الله وسنة رسوله الثابتة ، ويجنبهم البدع ، ويحذرهم محدثات الأمور ، ويردهم عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم الموجود فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسمى ذلك : تجديدًا بالنسبة للأمة ، لا بالنسبة للدين الذي شرعه الله وأكمله ، لإن التغير والضعف والانحراف إنما يطرأ مرة بعد مرة على الأمة ، أما الإسلام نفسه فمحفوظ بحفظ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبينة له ، قال تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" " ,ويقول سبحانه وتعالى:" فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ".

والأزهر يحتاج الى وقفة كبيرة أمام المناهج التعليمية المليئة بأفكار إرهابية متطرفة تحض على القتل والإرهاب والحرق والتطرف ومُعاداة المختلف في الدين وحتى المختلف في المذهب داخل الدين الواحد؛ وللعلم هي أفكار بعيدة كل البعد عن الإسلام وسماحته ووسطيته ، وهي أفكار لفقهاء يصيبون ويخطئون وليسوا آلهة منزهة عن الآثام والشرور.

فقدنا ربط الدين بالسياسة وعلوم العصر التى تتطور لحظيا فأصبحنا نفكر بعقول العلماء السابقين وفقدنا الإبداع والتطور وتفسير العلوم الدينية بطريقة تواكب العصر.. لو أن عالم الدين لديه علم السياسة لأفهم الناس أن تجمع بلاد العالم علي الوطن العربي من أجل الغاز ما هو إلا المعني الحرفي لقول الصادق الأمين:"ستتداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة علي قصعتها".. فلا أكل ولا قصعة إلا بنار الطهي .. ولا نار يطهي بها بدون الغاز

لو أن علماء الأزهر تعلموا العلوم السياسية لما كانوا صيدا سهلا للإعلاميين الذين أساؤوا لهم وأساءوا لازهرنا الشريف.. و لو تعلم رجال الأزهر العلوم السياسية والحداثة وربطوها بما لديهم من مخزون ديني.. لما أستطاع الذين تدربوا في جامعات عالمية الانتصار عليهم في المبارزات الحوارية.

أنني أطالب فضيلة العالم الجليل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بمحاصرة الفكر الإخواني المعادى للدولة المصرية والمتشدد في المؤسسة الأزهرية وتعديل المناهج التعليمية لتكون معبرة عن سماحة الإسلام ووضع وتحديد تعريف لــ " الجهاد والتكفير" من منظور الإسلام وليس من منظور فقهاء التطرف والتشدد وترجمة هذا التعريف إلى جميع اللغات وتخصيص عدة خطب في يوم الجمعة لعرض تعريف هذين المصطلحين على البسطاء والمصلين كي لا يقعون فريسة للاستقطاب والتشدد والغلو ، وكذلك مراقبة المبعوثين من دول أخرى ، وتتبع منابع الصرف والإنفاق على هذه المؤسسة العريقة التي تمولها ميزانية الدولة المصرية.

وفي رأيي أن أي مسئول في الأزهر أو الأوقاف يخطئ أو يثبت تورطه في اعتناق فكر متشدد ومتطرف أو يثبت انتماؤه لجماعة مضادة للدولة المصرية ووحدة وصورة الإسلام الصحيح سواء من هيئة كبار العلماء او من الطلبة أو هيئة التدريس يجب أن يلاحق بالقانون وبلا هوادة لأنه ليس أحد فوق النقد أو المحاسبة.

ولابد أن يواجه الأزهر ودعاة الأوقاف محاولات مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان فى تشويه الإسلام ووصولا إلى فهمٍ مشتركٍ، يقوم على رؤية موضوعية وأسس علمية، بعيدًا عن النظرة الاتهامية التى تروجها بعض وسائل الإعلام لربط التطرف والإرهاب بالإسلام.

كما يجب أيضا محاسبة ومراقبة شيوخ التطرف والإرهاب والتكفير والدم ووقفهم عن الخطابة ومحاسبتهم بالقانون لتحريضهم على الفتنة وإثارة النعرات الطائفية والتكفيرية والتحريض على قتل المختلفين معهم ، والأهم هو التصدي وبلا هوادة للفتنة المذهبية التي تعتبر أحد أهم مخططات التقسيم والتفتيت والتأكيد على وحدة المسلمين في مصر.

لا يمكن أن ينسى من قرأ تاريخ مصر الحديث الدور الوطني الأصيل للازهر الشريف في ثورة 1919 وكيف وقف أبيًا شامخًا ضد الاحتلال وكيف حافظ بكل قوة على وحدة وترابط النسيج الوطني بين المسلمين والأقباط ، وكيف خطب القساوسة على منابر المساجد والشيوخ في الكنائس في مشهد عجيب لا يحدث سوى في مصر لمناهضة العدوان والاحتلال الأجنبي ، ولا يمكن أن ننسى أيضًا دور الأزهر الشريف في ثورتي 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013وكيف دعم الأزهر وشيخه وعلماؤه الأجلاء الدولة المصرية وجيشها وشرطتها حتى الآن.

ومطلوب من الأزهر والأوقاف والدعاة المحبين لمصر الآن أن يحاربوا الفكر المنحرف الذي تستغله الأطراف المعادية فى إقناع جماعات الإرهاب بمقاتلة الدولة المصرية وإنهاكها بالتفجيرات والعمليات الإرهابية..وذلك دور عظيم للأزهر و الدعاة المستنيرين كسلاح لا يقل عن رباط الجيش والشرطة فى حرب الوجود التى تتعرض لها مصر حاليا ولا أحد يعلم متى تنتهي.

.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط