الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مجرمون يحرقون الحضارة.. وباريس


أي صاحب عقل لا يمكن أن يقبل أبدًا بالتظاهرات الإجرامية التخريبية التي تجوب باريس منذ أسبوعين وينظمها مجهولون يقال عنهم أصحاب السترات الصفراء.

فلا مطالب حقيقية ذات معنى لهؤلاء المخربين، ولا هى باريس التي تحرق بهذا الشكل الإجرامي وتستحق ما ينفذ فيها الآن من أعمال بربرية.

والحقيقة أنني وعلى مدى الأيام الطويلة الماضية تتبعت مسار هذه التظاهرات وتطورها. علني أجد أسبابًا حقيقية يمكن أن تبرر لقادة هذه التظاهرات المخربة استمرارهم في الشوارع، أو أعمالهم المشبوهة مثل حرق السيارات والإطارات ونهب المتاجر وتشويه قوس النصر وتحطيم الممتلكات العامة والخاصة في شوارع باريس وغيرها من الضواحي الفرنسية المختلفة ولم أجد.

كانت في البداية تجمعات من أجل المطالبة بإلغاء الضرائب المفروضة على الوقود. وعندما وجد الرئيس الفرنسي ماكرون، الأمور تتجه للتخريب والعنف والفوضى لم يتوان بعد عودته من الأرجنتين عن تعليق هذه الضرائب أو بالأصح إلغائها حتى تستقر الأمور.

لكن المخربين ومن وراءهم، والذين يريدون الانتقال بالتظاهرات من فرنسا إلى باقي أنحاء أوروبا رفعوا سقف المطالب ولم تقف عند حدود أسعار الوقود ولكنها وصلت إلى المطالبة بإسقاط النظام الفرنسي ورحيل ماكرون!

-الهمج هؤلاء- الذين يديرون التظاهرات المخربة في شوارع فرنسا- نسوا أو تناسوا متعمدين، أنهم يتظاهرون في واحدة من قلاع الديمقراطية الغربية. وأن ماكرون ومن قبله وقبله جاءوا إلى مناصبهم بانتخابات حقيقية ديمقراطية لا مجال فيها لذرة تزوير، وأن الديمقراطية الموجودة في باريس ولندن وواشنطن، هى أقصى أقصى أحلامنا نحن العرب في أن نحققها يومًا ما أو نصل إليها.

إنهم يتظاهرون في قلب باريس، ويحرقون متاجرها وشوارعها، وكأن ماكرون قد قفز بالبراشوات على منصبه أو كأن فرنسا هذه بلد تنتمي إلى بلدان العالم الثالث الفاسدة والمتخلفة.

إن فرنسا التي يحرقونها الآن، تعد خامس أقوى اقتصاد على مستوى العالم، وصل عدد السياح الذين يزورون فرنسا سنويًا للتمتع بحضارتها وجمالها نحو 83 مليون سائح عام 2012. فرنسا لديها نحو 37 موقعًا مدرجًا على قائمة اليونسكو للمزارات السياحية ذات الاهمية الثقافية العالمية.

ثالث أكبر مصدر في العالم للمنتجات الزراعية. عضو بمجموعة الدول الصناعية الكبرى. برج ايفل وقصر فرساي ومتحف اللوفر يزورها سنويًا ما لايقل عن 15 مليون سائح.

كانت فرنسا ولا تزال مركزًا للتنمية الثقافية الغربية على مدى عدة قرون. ولا يزال الفنانون الفرنسيون هم الأكثر شهرة وخلودا في العالم. 

ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا وتحتل المرتبة رقم 18 على مستوى العالم من حيث دخل الفرد، والذي يصل إلى نحو 48 ألف دولار سنويا. رغم ان عدد سكانها يصل إلى 70 مليون نسمة. فرنسا قوة نووية ومصدر رئيسي للسلاح في العالم.

وهذه معلومات لا تذكر عن فرنسا القوة والتاريخ والحضارة والامبراطورية الراسخة.

ورأيي، أن من يحرقون باريس ومنذ اللحظات الأولى لهذه الاحتجاجات المخربة، ليسوا فرنسيين على الإطلاق ولا يعرفون قيمة بلادهم. وانما عناصر مأجورة ومرتزقة من مهاجرين غير شرعيين، قدرتهم وزارة الداخلية الفرنسية بنحو 31 ألف عنصر يخربون فرنسا ويحاولون أن يطمسوا وجه الشمس عن واحدة من قلاع الحضارة الغربية.

وصدقت شرطية فرنسية قالت لهم في فيديو شهير متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، أنا أمامكم اقتلوني.. لكن لا تحرقوا فرنسا كما حرق العرب بلادهم.

إنه لا مبرر ولا مطلب شرعي لهذه التظاهرات داخل فرنسا.

فلا فساد ولا استبداد ولا ديكتاتورية ولا تخلف ولا اقتصاد متدنيا ودخول منعدمة.. فلماذا يتظاهرون؟!

يكفي هؤلاء المخربون شرفًا أنهم يعيشون في فرنسا ويحيون حرياتها ومدنيتها.

إننى أعتبر مقالي هذا انحيازًا واضحًا للحضارة الغربية في كل تجلياتها. ورفضا لكل أنواع التخريب والفوضى سواء كانت في بلاد عربية أو غربية.

أما بخصوص بعض المتطرفين فكريًا، والذين ينظرون إلى هذه التظاهرات باعتبارها بداية لزوال الحضارة الغربية أو انهيارها بدءًا من فرنسا فهم واهمون ومرضى. لا أكثر من ذلك ولا أقل.

.. سلام عليك يا باريس يا قلعة الحضارة الغربية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط