الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من السعودية إلى اليونان.. حكاية أول مهندس مصري مع توسعة الحرمين الشريفين

صدى البلد

كان أصغر من حصل على الثانوية في تاريخ مصر، وأصغر من دخل مدرسة الهندسة الملكية الأولى، وأصغر من تخرج فيها، وأصغر من تم ابتعاثه إلى أوروبا للحصول على شهادة الدكتوراه في العمارة، كما كان أول مهندس مصري يحل محل المهندسين الأجانب في مصر، وكان أيضا أصغر من حصل على وشاح النيل ورتبة البكوية من الملك. إنه المهندس المصري وشيخ المعماريين محمد كمال إسماعيل.

اطلع الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، على مجلدات موسوعة مساجد مصر والتي صنفها المهندس المصري محمد كمال إسماعيل ليقرر على أثرها الملك استدعاءه وإسناد مهمة توسيع الحرمين له.

بالفعل بدأ المهندس المصري أعمال التوسعة والإنشاءات في الحرم المكي وأصبح العمل قائما على قدم وساق حتى اقترح في يوم من الأيام استيراد نوع معين من الرخام يعمل على امتصاص الحرارة، لتخفيف المشاق على الحجاج والمعتمرين وضيوف الرحمن، فقوبلت فكرته بترحاب شديد.

كان هذا النوع من الرخام موجودا في جبل صغير في اليونان، فقرر السفر بنفسه والإشراف على عملية استيراد الرخام، فكانت رحلته شاقة وصعبة ولكنها تكللت بالنجاح واستطاع استيراد الكمية المطلوبة من هذا الرخام لأرضية الحرم.

الكمية التي تعاقد عليها المهندس المصري للحرم المكي الشريف هي تقريبا نصف الكمية الموجودة بأكملها في هذا الجبل الصغير باليونان، وبعد حوالي 15 عاما طلبت المملكة من المهندس ذاته توسعة الحرم النبوي وتركيب نفس نوع الرخام في أرضيته، فسافر لليونان مجددا والشكوك تدور برأسه لأنه قد اشترى نصف الكمية الموجودة بالجبل ومن المستحيل أن يتبقى النصف الآخر كل هذه السنوات.

حين وصل المهندس المصري إلى الشركة وسأل عن الرخام، وجد أن الكمية المتبقية قد بيعت بعدها بأيام لإحدى الشركات، أي ما يقرب من 15 عاما، فأصابه الإحباط والحزن، وسأل السكرتيرة عن المشتري الذي اشترى هذا النوع من الرخام، لترد قائلة: هذا الموضوع مر عليه 15 عاما ومن الصعب الوصول لهذا المشتري، لكنه أصر أن تحاول إيجاده وأخبرها بأنه يتبقى له يوم آخر في اليونان وأعطاها رقمه في الفندق.

بالفعل اتصلت به السكرتيرة في المساء لتخبره بأنها عثرت على اسم الشركة التي اشترت الكمية المتبقية من الرخام، لتصدمه المفاجأة بأنها شركة سعودية.

عاد مسرعا من اليونان إلى المملكة وتوجه مباشرة إلى هذه الشركة لمقابلة رئيسها وسؤاله عن الرخام، لتشاء الأقدار أن الرخام بأكمله موجود في مخازن الشركة منذ 15 عاما كما هو، فقص المهندس على رئيس الشركة قصة توسعة الحرم النبوي ليقرر الأخير التبرع بالرخام بأكمله دون درهم واحد!!

صممت يداه العديد من الهيئات، منها دار القضاء العالي، مصلحة التليفونات، مجمع المصالح الحكومية الشهير بمجمع التحرير الذي أنشئ عام 1951 بتكلفة 200 ألف جنيه بالنسبة للإنشاءات، ومليون جنيه، بالنسبة للمباني التي بلغ ارتفاعها 14 طابقا، وكان لتصميم المبنى على شكل القوس دور في تحديد شكل ميدان التحرير، وما تفرع منه من شوارع، على حد وصف المعماريين، في تلك الفترة.