الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأسيس مدرسة الحب الواقعية


أحلم من فترة طويلة بتأسيس مدرسة حقيقية للحب بعيدا عن الإفتراضية العشوائية والإفتراضية المدروسة .. الهدف الأول والأخير من إنشاء هذه المدرسة نشر الحب بين الناس بكل أطيافهم وإتجاهاتهم وأشكالهم وثوابتهم ومتغيراتهم تحت مظلة السلام الإجتماعى بين الناس , والذى ينشأ فى الأساس من الرضا , فيترتب عليه التسامح من الجميع للجميع , وينشأ عنه حالة حب حقيقية بين الأفراد والمؤسسات , فيصلح حال المجتمع كله لصلاح أفراده , فالسلام الداخلى ينشأ عنه تسوية نفسية للأفراد.

وأتخيل أن البيئة التى يغلب عليها الهدوء بعيدا عن الصراعات , والحب بعيدا عن الكراهية , والمعالجة النفسية بعيدا عن المرض النفسى , حتما ستكون بيئة خصبة لإنبات زرعا مثمرا , وهذا الثمر سيكون نبتا مختلفا فى الشكل والمضمون والطعم والرائحة , بل سيعزز وجوده وجود بيئات أخرى أفضل من مثيلاتها لمجرد أن الطيب لا ينتج عنه إلا طيب, والخير لا ينبت إلا خيرا , والحب لا ينتج عنه إلا الجمال الحقيقى , الداخلى والخارجى , كما سينتج عن الحب حياة هنيئة أهم ثوابتها الاستقرار والرضا النفسى.

فالإنسان بطبعه مهما ساء خلقه لا يحب الصراعات والكراهية بل يحب الهدوء والسلام النفسى , على الأقل داخليا , وإن كان يظهر البعض عكس ما يضعون فى قلوبهم ـ المهم ـ أن فكرة إنشاء مدرسة للحب هى فكرة قد يتعجب منها البعض , وقد ينتقدها البعض وقد يراها الكثيرون أنها فكرة مجنونة , ولا أظن أن الكثير سيثنى عليها , من باب أن قيمة الحب قيمة متأصلة فى الإنسان فطريا , ولا يحتاج من يعلمه الحب , لأن المشاعر لا يمكن أن يحركها أحد فى أحد إلا إذا أراد صاحبها .. ذلك سيكون المبرر لإنتقاد إنشاء مدرسة للحب.

ولكن الطبيعى الذى تعيش فيه المجتمعات الآن هى فقدان الإحساس بالآخر وفقدان الشعور يترتب عليه كراهية وعناد وتأفف, بل الأكثر من هذا أن الأمر يصل فى أغلب الأحيان الى سخط على الواقع والحياة عموما , ليصل الجميع الى النهاية الحتمية التى لها طريقين فقط لا ثالث لهم.

فالطريق الأول الذى يفكر فيه الشخص الذى تقع على رأسه الدنيا وما فيها من وجهة نظره , الإنتحار , وإن كان يرفض التنفيذ بعقلانية شديدة لدواع كثيرة , والطريق الثانى ’ أنه يبدأ فى أخذ موقف عدائى من الجميع , بل من نفسه أولا , فيصبح مصدر قلق وضجر للجميع وأولهم نفسه وبالتالى تتكاثر الصراعات بينه وبين البيئة المحيطة به وإن كانت أقرب الأقربين , ولكثرة هؤلاء , ستجد أن الصراع الذى نحيا فيه زاد عن المعقول حد الجنون , وتتبادر أسئلة كثيرة إلى أذهاننا من باب التعجب , أهم هذه الأسئلة : لماذا يتبرع أهل الصراع بالصراع دون داعى ؟!! , ولماذا يستمرون فى صراعهم وتخريبهم للواقع برغم محاولات إرجاعهم ؟!! , ولماذا تزداد نسبة الجريمة يوما بعد يوم؟!! , ولماذا نبتسم فى وجوه بعضنا البعض مع أننا ندرى حجم الطعنات الأتية من الخلف ؟!! , ولماذا تستمر الكراهية ولا تموت إلا بموت صاحبها ؟!! , ولماذا لا ننجز أعمالا فى سنوات طويلة نستطيع إنجازها فى أيام قليلة ؟!! , وأسئلة أخرى كثيرة منطقية ومرتبطة بهذا السياق.

والواقع يجيب على كل هذه الأسئلة , فالإجابة المنطقية لكل هذه الأسئلة , "أن ضياع الحب بين الأشخاص سينتج عنه سلبيات لا حصر لها , ومعالجة هذه السلبيات يجب أن يبدأ بتعليم الناس الحب غير مرتبطين بسن معينة , ولا مرحلة معينة , ولا فئة مجتمعية بعينها , فالجميع يحتاج أن يجدد دماء قلبه ليستوعب الآخرين , والجميع يحتاج أن يتعلم الحب كالأتيكيت , فبعض الناس يعلمون أن لديهم مشاعر طيبة كثيرة ولكن لا يستطيعون أن يترجموا هذه المشاعر , ويتفاعلوا من خلالها مع الآخرين.

ولهذا ستتضمن أهداف مدرسة الحب , كيفية التعبير عن الذات , وكيفية ترجمة المشاعر الإيجابية مع الواقع الذى نعيشه , ومحاولة إستبدال المشاعر السلبية بأخرى إيجابية تساعد فى نشر السلام المجتمعى بين الأفراد , ووضع حدود وضوابط منضبطة ما بين الصواب والخطأ , فهل يتبنى أحدا هذه الفكرة المجنونة ويبدأ فى تنفيذها من باب تغيير الواقع للأفضل ؟!! , أظن من الممكن.

ياسادة .. إن الحب هو القيمة العليا فى الحياة , فالذى لا ينشر ولا يحب الناس لا يحيا من الأساس , كما أن الحب هو السلاح الأقوى فى محاربة الظواهر السلبية , فالإرهابى مثلا ينشأ على الكراهية ويموت ولايدرى ما معنى الحب , فإنقذوا ما تبقى من إيجابيات بنشر ثقافة الحب ومحاربة الكراهية .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط