الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد مساندة ماكرون للشرطة ضد السترات الصفراء.. سياسي فرنسي يخص صدى البلد بكواليس انتفاضة الفرنسيين

تعامل الشرطة الفرنسية
تعامل الشرطة الفرنسية مع انتفاضة السترات الصفراء

صرح الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، خلال المؤتمر الصفحي مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال زيارته للقاهرة، بأن 11 شخصا فقدوا حياتهم منذ بدء الاحتجاجات في الشارع الفرنسي المعروفة إعلاميا بـ«انتفاضة السترات الصفراء»، معربا عن أسفه لذلك، إلا انه أكد أن أيا منهم لم يكن ضحية رجال الشرطة، في محاولة منه للدفاع عن الشرطة الفرنسية.

وحول تفاصيل أكثر عن «انتفاضة السترات الصفراء»، تحدث خالد شقير، السياسي الفرنسي، رئيس جمعية «مصر فرنسا 2000»، ناقلا صورة حقيقة لما يحدث على أرض الواقع في الشوارع الفرنسية، نظرا لأنه عايش هذه الانتفاضة منذ بدايته.

مفاجأة فوز ماكرون بالرئاسة
قال خالد شقير، السياسي الفرنسي، رئيس جمعية «مصر فرنسا 2000»، إن فوز الرئيس إيمانويل ماكرون بالرئاسة الفرنسية في 2017 كانت ضربة قوية جدا لأكبر معسكرين في فرنسا هما المعسكر الاشتراكي والمعسكر الديجولي، وماكرون كان وزير اقتصاد صغيرا في حكومة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولاند، وبعد استقالة أولاند بدأ ماكرون يضع عينه على قصر الإليزيه، ولكن في البداية لم يتوقع أحد أن يفوز ماكرون بالانتخابات الرئاسية لأنه كان ينافس فرنسوا فيون رئيس وزراء فرنسا السابق في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، وكان هو المرشح الأكثر حظا في الفوز، وزعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان.

فضيحة تقرِّب ماكرون من الرئاسة
وتابع أن تهمة استخدام السلطة التي لاحقت المرشح فرنسوا فيون بتعيينه زوجته وأولاده كمستشارين له وأنهم يتقاضون أجرًا لهذا، كانت سببًا في إقصائه من الانتخابات وحصوله على المركز الثالث في الجولة الأولى، وبما أن الجولة الثانية كانت بين ماكرون الذي يمثل الحزب الليبرالي وماري لوبان ممثلة اليمين المتطرف، فكان الطريق ممهدا امام ماكرون، لأن كل الأحزاب أيدت ضرورة التصويت ضد اليمين المتطرف وممثلته ماري، وهو ما حدث.

وأكد أن الرئيس ماكرون رئيس ذكي جدا، وبدأ فترة ولايته بحكومة تكنوقراط ممثلة من حزب اليمين والنصف الثاني من حزب اليسار، في محاولة منه لعمل توليفة وسطية للحكومة؛ لأنه جاء عن طريق حزب الوسط الفرنسي.

وأوضح أن الرئيس ماكرون استطاع خلال عامه الأول في الحكم، من خلال سياسة التقشف، أن يصل إلى تحقيق معدل كبير في خفض نسبة البطالة، وأيضا تقليل خسائر الميزانية الفرنسية، والمسموح به هو 3% واستطاع أن يصل بها إلى 2.7%.

سيدة بدأت انتفاضة السترات الصفراء
وحول انتفاضة السترات الصفراء، قال خالد شقير إن تحرك السترات الصفراء في الشارع بدأ بدعوة من سيدة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، واقترحت هذه السيدة ارتداء السترات الصفراء؛ لأن حكومة ماكرون كانت قد فرضتها على سائقي السيارات، ودعت لارتدائها في إشارة للتعبير عن رفض قرار رفع أسعار الوقود.

وتابع أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون اتخذت قرار رفع أسعار الوقود بهدف محاربة التلوث البيئي؛ إذ إن فرنسا من أكبر المهتمين بالمناخ.

هدف سياسي من السترات الصفراء
وأوضح أن غالبية المشاركين في انتفاضة السترات الصفراء من العمال والطبقة الوسطى والفقيرة، وتم استغلال هذه المظاهرات لإظهار الرئيس الفرنسي على أنه رئيس ضعيف وضعف مكونات الشعب الفرنسي، وراهنوا على وقوع صدامات في الشارع الفرنسي، واستغل اليمين المتطرف هذا الوضع وأخذ يروج له، وبعد خطاب ماكرون الأول زادت حدة الأوضاع في الشارع، ووصلت مطالبات المتظاهرين إلى رحيل الرئيس الفرنسي.

بينالا يشعل الشارع الفرنسي ضد ماكرون
وأكد السياسي الفرنسي أن هناك 3 عوامل أدت إلى اشتعال انتفاضة السترات الصفراء الفرنسية، التي بدأت بمسيرة للعمال في مايو الماضي تقودها مسيرات العمل المدني ومنظمات حقوق العمال، وتهور أحد مساعدي ماكرون وهو «أليكسندر بينالا»، وهو حارس شخصي لماكرون وبالتالي تحولت المسيرات إلى رفض نوع من أنواع استغلال النفوذ والسلطة والقهر، وتم تفعيل الواقعة إعلاميًا، وكانت أول ضربة قاضية ضد الرئيس ماكرون، الذي كان يعلن دائما أنه ضد استغلال السلطة وضد الفساد، وكانت هذه هي الخطوة الأولى من النيل من شعبية الرئيس الفرنسي الشاب.

أمريكا تدعم السترات الصفراء
وأضاف أن الأمر الثاني الذي دعم تلك الاحتجاجات هو الصدام الخارجي مع الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران، ففرنسا وألمانيا وأوروبا تضررت كثيرًا من هذه الخطوة، لأن أمريكا استغلت سلطتها بفرض عقوبات على الشركات التي ستتورط في التعامل مع إيران، وفي المقابل فقد بدأ ماكرون يتخذ بعض الإجراءات التقشفية ضد الفقراء والطبقة الوسطى، وبدأ يرفع الضرائب، وألغى ضريبة على الأغنياء الذين هربوا من فرنسا بسبب الضرائب، في محاولة منه لاستعادة رأس المال الهارب، وبالتالي اتسعت رقعة الاحتجاج، لافتا إلى أن هذا الإجراء من الرئيس الفرنسي كان بهدف فتح سوق العمل للتوظيف وإعادة قوة ومتانة الاقتصاد الفرنسي مرة أخرى.

ماكرون يسعى لبناء جيش أوروبي
وتابع أن الأمر الثالث كان بسبب اقتراح ماكرون لإنشاء جيش أوروبي جديد، هنا كانت صيحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومحاولة إظهار فرنسا بأنها دولة ضعيف، وبالتالي دعم الانتفاضة، مع دعم آخر روسي، وكذا سقوط إيطاليا في يد اليمين المتطرف، وبالتالي تكالب اليمين المتطرف في الداخل والخارج مع تأييد أمريكا وروسيا، وبدأ التحرك في الشارع.

وأشار إلى أن فرنسا كانت رقم 5 عالميًا من حيث قوة اقتصادها، لكنها تراجعت إلى المركز الـ6 مؤخرا بسبب أزمتها الاقتصادية الأخيرة، لكن المجتمع الفرنسي مجتمع واعٍ جدا يدرك مصلحة بلده، صحيح هم يعانون اقتصاديا لكن انتفاضة السترات الصفراء لن تكون بذرة ربيع أوروبي في فرنسا.

مستقبل السترات الصفراء
وأكد أن انتفاضة السترات الصفراء تمثِّل مرحلة مهمة جدًا لسماع صوت الشارع وسماع صوت المواطن المصري، الذي يعيش بالكاد كي ينهي الشهر على قدر ما يملكه من أموال؛ إذ إنها يمكن أن تثمر حركة السترات الصفراء عن تأسيس حزب سياسي جديد في فرنسا يعبر عن صوت الشارع المصري، كما أنه من المؤكد أن الشعب الفرنسي سيحافظ على تماسك دولته وهذه الحركة ستنتهي قريبًا.

ماكرون يحتوي غضب الشعب
حول مستقبل انتفاضة السترات الصفراء في فرنسا، توقع السياسي الفرنسي أنها ستجبر الحكومة على الاستماع إلى صوت الشارع، ولكن لن يحدث إسقاط البرلمان أو حله، ولكن يمكن إجراء تعديل حكومي لإجراء الشارع فقط ولن يتطور الأمر لأبعد من ذلك، إذ إن بنسبة كبيرة يمكن القول إن ماكرون استطاع امتصاص غضب الشارع الفرنسي، وثقافة الشعب الفرنسي وخوفهم على بلدهم هي التي ستنقذ ماكرون من هذا المأزق الذي هز صورة فرنسا في العالم.