الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضائح أردوغان في الإعلام العربي


يومًا بعد يوم تتكشف حقيقة النظام التركي وأردوغان المعادي لكافة شعوب المنطقة بشكل عام والكرد على وجه الخصوص، وآخر هذه الفضائح ما نشرته إحدى الفضائيات المصرية TEN tv من محضر جلسة لأجهزة المخابرات التركية ومكتوب عليه "سري للغاية"، موجه للأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية في كيفية تعاملها مع المعارضين لأردوغان والقضاء عليهم بشكل مباشر وترهيبهم وزرع الخوف في داخل كل من يفكر بمعارضة نظام الحكم التركي. 

وخلال هذه الوثيقة هناك عشرات التعليمات الموجهة لكافة الأجهزة الأمنية والعسكرية في كيفية تصديها للنشطاء الكرد السياسيين بغية شلّ حركتهم الجماهيرية وتحجيم دورهم وحتى تصفيتهم جسديًا أو اعتقالهم وزجهم في السجون، كل ذلك من أجل أن يبقى أردوغان وحده فقط في الساحة السياسية والتغطية على سياساته المعادية للكرد. 

وحسب ما قاله نشأت الديهي في برنامجه "بالورقة والقلم" أنَّ تلك الوثيقة تم الحصول عليهم من داخل تركيا، وأن هذه الوثيقة بحد ذاتها يمكن أن تكون فضيحة بكل معنى الكلمة ودليلًا كافيًا لتقديم أردوغان إلى محكمة الجنائية الدولية لمحاكته كمجرم حرب، حيث الكثير من التعليمات المباشرة للأجهزة الأمنية تم توجيهها لهم لتصفية كوادر حزب العمال الكردستاني بشكل بعيد عن قوانين الحرب والنزاعات وقتل الأسرى منهم وحتى قتل المدنيين المتعاطفين معهم بحجة أنهم من كوادر العمال الكردستاني، وكذلك تضمنت الوثيقة الاستيلاء على البلديات التي فاز بها حزب الشعوب الديمقراطية بحجة أنهم يدعمون الارهاب، وأن هذه التعليمات حسب ما جاء في الوثيقة هي تعليمات غير قابلة للنقاش وأنه على كافة العناصر الأمنية والعسكرية أن يوجهوا نار أسلحتهم بشكل مباشر لكل من يشتبهون به وألا يعيرون أو يخافون من الملاحقات القانونية، لأنه حسب الوثيقة أيضًا سيتم موائمة كافة القوانين لتكون لصالح القوات الأمنية ولن يتم اعتقالهم.

طبعًا، هناك الكثير من التعليمات الأخرى المباشرة والتي توحي بما لا مجال للشك فيها أنَّ أردوغان وبعد الانتخابات الرئاسية واستيلائه على كافة مفاصل الدولة، أصبح هو الآمر الناهي والحاكم المطلق في تركيا في عهدها الثاني بعد الأتاتوركية القوموية وهي الآن في مرحلتها التأسيسة الثانية للمرحلة الأردوغانية الاسلاموية.

أردوغان الذي بات يعيش حالة من الداء العضال للعظمة والذي يعتبر كل من يخالفه هم من الإرهابيين والكفرة والخوارج والعملاء، بات لا يرى غير نفسه على الساحة وأن الحزب لم يعد سوى وسيلة لوصوله لمبتغاه في اعتلاء كرسي السلطنة العثمانية ثانية ولو بعد قرن من الزمن.

ربما تعتبر هذه الوثيقة التي حصلت عليها الفضائية المصرية وكشفتها هي واحدة من بين مئات الآلاف من الوثائق التي تأمر كل أجهزة الدولة على القضاء على الكرد في أي مكان وزمان ولو كانوا خارج حدود تركيا. إذ إن تشكل تركيا منذ بدايات القرن العشرين كان على المجازر الدموية المباشرة بحق الأرمن والأشوريين والتي لم يكشف النقاب عنها في معظمها مع ترشح القليل منها. الآن يعمل أردوغان على استنساخ نفس تجربة مصطفى كمال أتاتورك حينما شكل الجمهورية التركية عام 1923. إذ، عمل أتاتورك على استلطاف الكرد ووعدهم ببعض الحقوق إن همّ آزروه ودعموه لتثبيت أركان الجمهورية ومنعها من الانهيار، وبعد أن وصل لمبتغاه تنصل أتاتورك عن كافة وعوده وراح يقتل وينكل بكل من وعدهم من الكرد ببعض الحقوق. الآن على نفس الخُطى يسير أردوغان يسعى على احتضان بعض الكرد المستسلمين له والخاضعين لسلطانه والذين ارتضوا ببعض المناصب أو الهبات المالية على حساب شعبهم وقضيتهم ويستغلهم أردوغان اعلاميًا وفي المؤتمرات على أنه ليس عدو الكرد بل هو يحارب المارقين منهم. هي نفس سياسة اتاتورك في تشكيل الجمهورية الأولى على انقاض الخلافة العثمانية، ويطبقها أردوغان ثانية ولكن هذه المرة كي يستعيد ما تم إهداره والتخلي عنه وارجاع السلطنة العثمانية مجددًا وبنفس الطريقة.

ثمة الكثير من الفضائيات المصرية الأخرى وكذلك العربية أيضًا تكشف عن الكثير من الانتهاكات التركية بحق الكرد إن كان في تركيا أو في الدول الأخرى وخاصة سوريا وخاصة بعد احتلال عفرين وكذلك العراق وما حصل في أحدى القواعد العسكرية في قرية شيلادزة حينما أحرق الكرد المعسكر التركي هناك رافضين تواجدهم على أراضيهم واستباحة دمائهم، بعد أن قامت الطائرات التركية بقتل بعض المدنيين.

أردوغان همّه الأول والأخير هو الكرد أينما كانوا ويأمر كافة أجهزته بأن يفعلوا ما يحلوا لهم من أجل ألا يحصل الكرد ولو على حق واحد من حقوقهم وإن كانوا في كوكب آخر. ولهذا وصل لمرحلة الجنون وبالرغم من كل ما قدمه للمرتزقة المعارضين في سوريا للنيل من التجربة في الشمال السوري، إلا أن هذه التجربة أثبتت نفسها في التعايش الأخوي لبناء مجتمع سياسي جديد في مستنقع الشرق الأوسط الغارق في وحل التعصب القوموي والديني.
ربما يكون بعض الاعلام العربي قد استفاق من غفوته التي كان ينعم بها ولو متأخرًا وأن الكشف عن مثل هذه الوثائق أمر ايجابي لنزع القناع عن أردوغان وإظهاره على حقيقته وأنه ليس كما يظنه البعض على أنه الخليفة الاسلاموي، بل هو لم ولن يتعدى أن يكون خرافة اسلاموية كما أدواته في دولة الخرافة الاسلامية "داعش". 

وكيف أن قوات سوريا الديمقراطية التي يصفها اردوغان بأنها ارهابية، قد أنهت هذه الأسطورة ودكت عاصمتها في الرقة وهم الآن في مرحلتهم الأخير للقضاء على داعش في دير الزور، كذلك حزب العمال الكردستاني الذي يعتبره أردوغان ارهابي، هو من سيضرب المسمار الأخير في نعش اردوغان الدكتاتوري وينهي قرنٍ من الظلم والخراب، ويعيد للشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرون رونقه الجميل ثانية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-