الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: نواب.. ونوائب

صدى البلد

يبدو أن بعض أعضاء مجلس النواب، لا يرغبون أن يتركوا المجلس والفترة الزمنية له أوشكت علي الانتهاء، يمضي إلي حال سبيله، دون مواصلة نوادرهم التي بدأت منذ اللحظات الأولي لاعتلائهم الكراسي ولَم تنته حتي الآن، نواب بات الأمل فيهم ضائع من قبل المواطنين الذين اقدموا علي انتخابهم ثم ندموا علي ما فعلوه تجاه كل نائب لم يكن أهل لما وكل وانتخب من أجله، برلمان شعب لا يعبر عن الشعب أو يعمل علي مصلحته.

وتتوالي النوائب من تحت قبة البرلمان، ولَم تقتصر علي عجزهم عن تلبية احتياجات المواطنين، واستغلال البعض منهم حصانته وقوة علاقاته فى تحقيق أغراض شخصية ومصالح ذاتية، الأمر الذي أفقدهم دورهم الشرعي وسحب من رصيدهم عند الجميع، فقامت البرلمانية غادة عجمي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في برنامج "النقاش"، المذاع على قناة "فرانس 24"، بالهجوم علي الناشطةَ الحقوقية الفرنسية كلير تالون، بأسلوب لا يرتقي بنائبة تمثل شعب أو تنوب عنه امام الإعلام العالمي، وبصرف النظر عما قالته تالون تلك الناشطة الفرنسيّة، وإن كنت لا أتفق معها في العديد من الأمور.

ولكن ما أحزنني ليس إدعاءات تالون، فهي في مناظرة ولديها وجهة نظر كانت أو إتهامات توجهها إلي الضيف الآخر، وفِي نفس الوقت المفترض ان هذا النظير يدافع أو يجيب بموضوعية وحجة ومنطق ودلائل بأسلوب يليق بأهمية الحلقة وقيمة الحوار والمشهد العام ككل وخصوصًا أنه موجه للعالم وليست قناة محلية، في حلقة كانت تناقش أهمية زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وآفاقَ الشراكة بين البلدين، وملف حقوق الإنسان في مصر، فما كان للعجمي إلا أن ترد بوصلة "ردح" من الدرجة الأولي بمرتبة امتياز، وتتحدث بعبارات فرنسية غير سليمة، وهو ما أثار سخرية واسعة وسخرت منها الباحثة الفرنسية التي قالت: "كنت أظن أني سأحضر حلقة من النقاش بالقناة، لكني اكتشفت أني أشارك في مسرحية! وأنتِ لا تتكلمين بأدب، ولا احترام، لذلك لن أتكلم معكِ باحترام".

ولَم تفكر العجمي لحظة ان تعدل عن مسار حديثها وتتكلم بالمنطق لتقنع المشاهدين، بل رفضت كلام الناشطة الفرنسية واشتبكت معها لفظيًا على الهواء، قائلة: "حقوق الإنسان عند ماما"، أي "عند أمك"، جملة لا تليق بنائب برلمان أو مناظرة تليفزيونية أو حتي مسؤول عن "طاحونة عيش" أن يتفوه بمثل هذه الألفاظ النائية التي تتداول في الشوارع والحارات، في حين كان من الأفضل ان توضح حقيقة الإرهاب الذي تواجه مصر، وانها دولة تحترم حقوق كل مواطن مصري يعيش فيها، ان تجيب علي كل الإدعاءات الكاذبة بالحجة والمنطق، حتي نخرج من هذا اللقاء بشكل مشرف وليس بمردود سلبي.

وما خطر علي بالي وقتها عند سمّاعي الحوار وكنت اتمني ان تقوله العجمي، أين هي فرنسا من حقوق الانسان جراء التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها باريس مؤخرًا، وعدد من المدن الفرنسية الأخرى والتي بدأت في أواخر عام 2018، وخرجت أعداد كبيرة من الفرنسيين للتظاهر في شوارع العاصمة، وما نتج عنها من قمع واستخدام مفرط للقوة من قبل الشرطة الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من القتلى، وإصابة المئات، واعتقال أكثر من 1500 متظاهر من أصحاب "السترات الصفراء " احتجاجًا على رفع الضرائب وأسعار الوقود؟!

ولكن المشهد أشعرني بالغثيان، من حوار غير مٌجدي يتصدره نائب مصري لا يستطيع أن يدافع عن قضيته وينتصر علي النظير دون سب وردح وعبث، إن دل لا يدل غير علي سوء الإختيار مرتين، الاولي تأتي من مجلس النواب الذي لم يختار بعناية ودقة من يقود ذلك المشهد، والمرة الثانية في إنتخاب مثل هؤلاء النواب، والسؤال إذن أين دور المجلس في مثل هذه المواقف ألم يعلم أن العجمي عضوة البرلمان ستخوض هذا اللقاء التليفزيوني، ألم يستطع أن يمدها بالمعلومات إن كانت لا تعلمها أو يؤهلها أكثر لتكون افضل مما كانت عليه، أو يختار غيرها ممن يكون علي قدر المواجهة، وأين دوره والإعلام الأجنبي والمعادي للدولة يسخر منها ومن المجلس وأعضائه!!؟

في حين أن معايير اختيار النواب للقاءات التي تذاع عبر القنوات الإعلامية تحتاج الي أشخاص لديهم الخبرة والكفاءة والمهنية ليكون قادرا علي تحليل ما يتحدث به دون الوقوع في اخطاء، وأن يكون علي وعي وفهم بكافة الملفات التي يتحدث بها، كما ان مثل هذه المناظرات لابد أن تكون لها معايير جديدة وعليها يتم إختيار الشخص المناسب لقيادة الجولة ممن هو علي علم كامل بكافة أبعاد موضوع المناظرة، وان يمتلك الحجة والبرهان والإقناع وإمكانية تفنيد آراء الطرف الآخر والرد بالحجة والبرهان فيما يتحدث، خاصة وإن كان الأمر يتعلق بعلاقات وسياسة دول.

وكما أن الأصل فى النيابة، أن ينيب المواطن، المرشح الذى ينتخبه ليكون عضوا فى البرلمان للدفاع عن حقوقه، أن يمثله أيضا امام وخارج القبة وعلي شاشات التلفاز المحلي والدولي، أن يكون منطقي الفكر وعلي قدر كبير من الثقافة واللباقة وحسن الحديث، و"الردح الإعلامي" لا يأتي بنتيجة، بل يكشف جهل وقلة حجة صاحبه، في حين اننا بحاجة إلي مناظرة عاقلة متزنة تستند علي تحليل ورؤية ومعلومات وقدرة علي الاقناع.

أما عن نائبة "عند ماما"، كان أفضل لها أن تظل في منزلها عند "ماما"، ولا تفكر في مشروع عضو بالبرلمان، طالما كانت المسؤولية كبيرة.. وعليه اقترح أن يخصص داخل كل هيئة في الدولة وعلي رأسهم مجلس النواب عدد من الأشخاص يتم إختيارهم للحديث الإعلامي فقط، من هم مؤهلين للتعامل في البرامج ومع الشاشات وليس كل من " هب ودب" يتم استضافته ونقع في أخطاء نحن في غني عنها.. وكفانا نواب ونوائب.