الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد نبيوة يكتب: الإمام والبابا.. قمة التسامح

صدى البلد

رسائل مهمة أطلقها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال كلمته بلقاء الأخوة الإنسانية الذي عقد في أبو ظبي عاصمة الإمارات دولة التسامح ، بمشاركة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، في الفترة بين 3 إلى 5 فبراير، بحضور العشرات من قادة الأديان والسياسة والفكر ، ليكون الشخصية الأزهرية الأبرز الداعمة لنشر ثقافة التحاور والتعايش المشترك بين كافة بني الإنسان، دون النظر لدين أو لون أو جنس. 

وهذه الأسس والمعايير التي يسير على خطاها شيخ الأزهر في التعامل مع غير المسلمين والواضح في لقاءاته وخطاباته بجميع المحافل المحلية والدولية، هي نفسها المعايير التي أرساها الشرع الحنيف، وهو أيضا منهج الأزهر التي يسير عليه منذ أكثر من ألف عام، والشيخ الطيب منذ أن تولى مناصب قيادية وحتي توليه منصب شيخ الأزهر، وهو يستمدها من الآيات القرآنية والسنة النبوية المستفيضة في احترام الأخوة الإنسانية والسمو بها، كونها تبني ولا تهدم وتجمع ولا تفرق وتقطع دابر الإرهاب والتطرف والتعصب والتشدد والتنطع وتوقف الحروب وتؤلف القلوب وتتقدم بها الإنسانية والشعوب.

وهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على التسامح والتقارب والتوادد مع المسلمين وغير المسلمين حيث قال تعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، وقوله تعالى :" وقولوا للناس حسنا "، ومن الأحاديث الواردة أن قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس لآدم وآدم من تراب"، كما أن الشريعة الإسلامية أكدت على ضرورة الحفاظ على دماء وأعراض وأموال جميع الناس وضمنت لهم حياة مستقرة سليمة، حيث قال صلى الله عليه وسلم "الآدمي بنيان الرب ملعون من هدم بنيان الرب".

وما يخفى على الكثير ممن امتهنوا الهجوم على الأزهر الشريف وعلمائه، أن شيخ الأزهر الدكتور الطيب استند في منهجه على التأكيد على قيم التسامح والأخوة التى تدعو إليها تعاليم الأديان، إلى مسيرة أزهرية طويلة فى هذا المضمار، وهو ما يعكس النهج الوسطى المعتدل للمؤسسة الدينية الأكثر تأثيرًا فى العالم الإسلامي، والتى تحمل على عاتقها نقل تعاليم الإسلام، وفقًا لمنهج تعددى معتدل، إلى ربوع العالم أجمع.

والقارئ الجيد للتاريخ ، يجد أن الأزهر الشريف سباقًا فى الدعوة لخروج أتباع الأديان من ضيق "الجدل العقائدي"، الذى لا يجلب إلا التشاحن والصراعات، إلى سعة "المشتركات الأخلاقية والإنسانية"، حيث تبنى الشيخ المراغي، شيخ الأزهر الراحل، خلال مشاركته فى "مؤتمر الأديان العالمي" فى لندن عام 1936 الدعوة إلى اعتماد "الزمالة الإنسانية"، كرابطة تجمع بين البشر على اختلاف أديانهم وأعراقهم.

والمنصف للتاريخ ولشيخ الأزهر الإمام الطيب العالم الزاهد، يعلم تمام العلم أنه سعى من خلال إطلاق مبادرة "الحوار بين حكماء الشرق والغرب" فى عام 2014، وتنظيم مؤتمر الأزهر العالمي للسلام خلال 2017 ، في القاهرة بحضور بابا الفاتيكان، وانشاء بيت العائلة المصرية، وتدشين وثيقة المواطنة، وإعادة الحوار مع الفاتيكان بعد تجميده لسنوات ، إلى تشييد المزيد من جسور الحوار والتعاون بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية فى الغرب، وهو ما شهد نقلة غير مسبوقة، تجسدها العلاقة الأخوية المميزة التى تجمع بين شيخ الأزهر وقادة الأديان وفي مقدمتهم البابا فرنسيس.

والناظر في العلاقة الأخوية بين الإمام الطيب والبابا فرنسيس يجد أنها تتصف بطابع خاص، كونها تستند إلى ما يجمع الرجلين من خطاب دينى منفتح، يعلى من شأن القيم الأخلاقية والإنسانية التى جاءت بها تعاليم الأديان، ويسعى لجعلها واقعًا معاشًا، يداوى آلام المحرومين، ويأخذ بيد الفقراء والمشردين، وتقود البشرية فى طريق صنع السلام والتسامح.

وبالتوازى مع تحركه على المستوى العالمي، تحرك الأزهر أيضًا بقوة لرفض أى دعوات للتفرقة أو التمييز بين أبناء الوطن الواحد، على اختلاف أديانهم وأعراقهم، حيث شدد "إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك"، الصادر فى عام 2017، على ضرورة تبنى مصطلح "المواطنة" باعتباره مصطلحًا أصيلًا فى الإسلام، وأدان الإعلان كل التصرفات التى تقوم على التمييز وتتعارض مع مبدأ المواطنة والمساواة، كما دعا لضرورة إقامة شراكة متجددة بين المواطنين كافة تقوم على التفاهم والمواطنة والحرية.