الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: الحق في الحضانة .. لمن ؟

صدى البلد

تعديل قانون الحضانة الذى يناقشه مجلس النواب، وكذلك قانون الاستضافة من وجهة نظري الشخصية أن القانون الحالي هو الأفضل بالنسبة للحضانة وأن زواج الأم لا يكون سببا في انتقال الحضانة إلى الأب وذلك لعدة أسباب سنوجزها بعد تعريف الحضانة وعرض نص القانون الحالي، حيث عرف الفقهاء الحضانة بأنها التزام الطفل وتربيته والقيام بحفظه وإصلاحه في سن معينة ممن له الحق في الحضانة .

كما أن المحكمة الدستورية العليا عرفت الحضانة في أحد أحكامها بأنها ولاية للتربية، غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته . واشترط القانون والفقه أن مصلحة الصغير المحضون حيث هى الأولى بالرعاية وليست مصلحة الحاضن، فجعل للأم الحق في تربيته لأنها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوثق اتصالا به وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبرا – مضرة به . إبان الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره والتي لا يجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن يأكل من نفقته، ويطعمه نزرا، أو ينظر إليه شزرا". وقد جعل الفقه والقانون ترتيبا لانتقال الحضانة في حالة وجود مانع للأم كالمرض أو غيره أو في حالة زواجها بآخر فنص القانون أحقية الأم فأم الأم وإن علت، فأم الأب وإن علت، فالأخوات الشقيقات، فالأخوات لأم فالأخوات لأب، فبنت الأخت الشقيق فبنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، فالخالات بالترتيب المتقدم، فالأخوات، فبنت الأخت لأب، فبنت الأخ بالترتيب المذكور، فالعمات بالترتيب المذكور، فخالات الأم بالترتيب المذكور ، فعمات الأب بالترتيب المذكور . فإذا لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء, أو لم يكن منهن أهل للحضانة انقضت مدة حضانة من هؤلاء النساء أو لم يكن منهن أهل للحضانة أو انقضت مدة الحضانة انتقلت الحضانة إلى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق فى الإرث مع مراعاة تقديم الجد الصحيح على الاخوة .

وبذلك جعلت الأم في المرتبة الأولى من الحاضنات، وهو ما قضى به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والصحابة من بعده دون أن يخالف أحد منهم في ذلك . ولكن ما العمل إذا ما توفيت الأم أو صارت غير مستوفية لشروط الحضانة، هل يمكن في هذه الحالة أن تنتقل حضانة الصغير إلى غير الأم؟ . نعم يجوز فقد نظمت الشريعة الإسلامية هذه الحالة وذلك حرصا منها على مصلحة المحضون من الضياع لذا نجد أن الحضانة تنتقل في مثل تلك الأحوال إلى محارم الصغير من النساء الأقرب فالأقرب على ترتيب معين لأنهن الأكثر شفقة على الصغير من غيرهن، كما أن عاطفة الشفقة لدى النساء أوفر منها في الرجال فالقرابة التي تكون من جهة النساء أعظم من القرابة التي تكون من جهة الرجال، فإن لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء، أو وجدت ولكن لا تتوافر فيها شروط الحضانة، انتقل الحق فى الحضانة إلى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق فى الإرث، وفي حال لم يوجد أي من هؤلاء أو وجد غير مستوف لشروط الحضانة انتقل الحق في الحضانة إلى محارم الصغير من الرجال غير العصبات، وذلك كله إلى أن يبلغ الصغير سنا معينة تنتقل به حضانته إلى الرجال .مع مراعاة المقصود من الحضانة وهي رعايته وحفظه، فإن كان الحاضن لا يراعي مصلحة الطفل ولا تعليمه دينه ولا تربيته أو كان يهمله أو يشجعه على الفساد، فإنه يسقط حقه في الحضانة وقد نص في القانون رقم (4) لسنة 2005 على أن حضانة النساء للصغير أو الصغيرة تنتهي ببلوغ أى منهما سن الخامسة عشرة ، ثم يكون على القاضى أن يخيرهم بعد بلوغ هذه السن في البقاء بيد الحاضنة دون أجر حضانة وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد والصغيرة حتى تتزوج .

وقد تغيا المشرع من ذلك تحقيق الرعاية الواجبة للصغار وإتاحة الاستقرار النفسي اللازم لنموهم وتربيتهم ونشأتهم ومنع الخلاف بين الأب والحاضنة على نزع الحضانة في سن غير مناسبة . وتحتسب سن الحضانة طبقا للتقويم الهجرى، وفي حال أن اختار المحضون البقاء في يد الحاضنة بعد بلوغه سن الخامسة عشرة، فإن امتداد الحضانة في هذه الحالة لا يعتبر امتدادًا للحضانة الإلزامية، لذا فقد نص القانون هنا على أن بقاء الصغير يكون بغير أجر حضانة. ويكون للأب الإشراف عليه والعناية بحفظه وصونه، كما أن له ولاية التربية والتعليم والتوجيه والتهذيب والتأديب والمطالبة بكل الحقوق التي تتعلق بنفس المحضون، أى أن ولي النفس هو الذى يختار نوع التعليم الذى يوجه إليه المحضون .

أما في حالة تعارض بين حق الحاضن والمحضون يقدم حق الصغير لأنه أقوى الحقين ، لأن الأصل والأساس في الحضانة هو مصلحة ونفع الصغير، لذلك لا يجوز لحاضنة أبعد في ترتيب الحاضنات المستحقات أن تأخذه من حاضنته، كما لا يجوز ذلك للأب أو العاصب في حالة عدم وجود الأب، ولا يجوز لعاصب أبعد في الترتيب ضم المحضون طالما تواجد عاصب أقرب تتوافر فيه أهلية الضم . وكذلك لا يجوز للحاضنة أن تتنازل عن حقها في الحضانة إذا لم توجد حاضنة أخرى تتوافر فيها شروط الحضانة تحل محلها ، وذلك حتى لا تفوت على الصغير حقه ، فإذا لم توجد حاضنة أخرى أو وجدت ورفضت فلا يجوز تنازل الحاضنة الأصلية بل تجبر على الحضانة، وإذا حدث وأن تنازلت الحاضنة عن حضانتها للصغير، فإنه يجوز لها الرجوع عن تنازلها هذا وأخذ الصغير مرة أخرى – حتى لو صدر حكم بتنازلها – لأن حق الصغير هو الأقوى، فإن كانت الحاضنة أسقطت حقها فلا تقدر على اسقاط حق الصغير أبدا. 

وقد تُخالع المرأة زوجها مقابل التنازل عن حضانة الصغير، فالخُلع صحيح وجائز إلا أن شرط التنازل يكون باطلا، لأن حق الصغير يتعارض مع شرط التنازل، وحتى إذا صالحت المرأة زوجها على إسقاط حقها في الحضانة مقابل دين عليها، كان الصلح أيضا باطلا لأنه يترتب عليه اسقاط حق الصغير وهي لا تملك ذلك .

ويكون من حق الحاضنة الحصول على أجر مقابل حضانتها للصغير، وهو يجمع بين النفقة من جهة والأجرة من جهة أخرى، يشبه بالنفقة لأنه جزء من نفقة الصغير، حيث أنه يجب في مال الصغير أو فى مال من تجب عليه نفقته، وله شبه بالأجرة لأنه يعطى للحاضنة نظير عمل تقوم به، حيث إنها تقوم بحفظ الصغير وتربيته وتحبس نفسها من أجل حضانته، وأجر الحضانة لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء على خلاف نفقة الصغير، كما أنه لا يستحق إلا بعقد أو حكم باستثناء الأم . ويجب أجر الحضانة في مال الصغير إن كان له مال، فإن لم يكن له مال وجب في مال أبيه أو من تلزمه نفقة الصغير بعده، فإن كان الأب معسرا عاجزا عن الكسب فرضت الأجرة على من تجب عليه نفقة الصغير عند عدم الأب ويؤديها في الحال إلى الحاضنة . وتستحق أجرة الحضانة من تاريخ الاتفاق عليها أو صدور حكم بها ، لأنها كسائر الأجور لا تستحق إلا بالاتفاق أو القضاء، إلا الأم فإنها استثناء من هذا الأصل تستحق أجر الحضانة من التاريخ الفعلي للحضانة دون اتفاق أو قضاء.

وأجر الحضانة يسقط ببلوغ الصغير أقصى سن الحضانة، لأن أجر الحضانة يستحق للحاضنة نظير تربية الصغير ورعايته، فإذا بلغ الصغير أقصى سن الحضانة فقد زال سبب الأجر . والحاضنة تستحق مسكنا للحضانة أو أجر مسكن الحضانة إذا لم يكن لها مسكن مملوك لها تقيم فيه مع المحضون ، فإذا كانت تملك مسكنا لا تقيم فيه مع المحضون أو كانت تقيم مع المحضون في مسكن أحد أقاربها أو تستأجر مكانا تقيم فيه فإنها تستحق مسكن الحضانة أو أجر مسكن الحضانة . ويكون أجر مسكن الحضانة من مال الصغير إن كان له مال ، فإن لم يكن له مال فإن الأجر يكون على أبيه أو من تجب عليه نفقته، أما من وجهة نظري الشخصية فأنه في حالة زواج الأم لا يجوز أن تنتقل الحضانة للأب حتى ولو كان معه زوجة أو إحدي النساء القريبات وذلك لعدة أسباب أولها أن زوجة الأب لن تكون بنفس قدر الجدة لأم في تحمل الصغير أو الصغيرة . فهي تريد الاهتمام بنفسها وبأولادها وخاصة في حالة حياة أم الأطفال والتي هي مطلقة زوجها وما يدفعها من الغيرة لسلوكيات قد لا يتحملها الصغار أو لإهمال متعمد أو قسوة . ولأنه كذلك الأب دوما خارج المنزل فانتقال الحضانة للأب هو انتقال بالأسم فقط فهو غير متواجد مع الصغار ولا يستطيع تربيتهم وربما يمر اليوم دون أن يراهم فعندئذ تتضرر مصلحة الصغير . 

أما السبب الثالث فهو التضييق علي الأم وحرمانها من حقها في حياة سوية أو الارتباط بزوج آخر خوفا منها على مصلحة الأولاد بانتقالهم إلي الحياة مع أبيهم وزوجته فتضحي بنفسها وقد تكون شابة تحتاج الإحصان, وفي ذلك إخلال بالشرع . أما حق الاستضافة فهو حق شرعي طالما الصغير يستطيع الحركة والبقاء بعيدا عن والدته يوما مثلا, فمن حق الأب المبيت مع ابنه يوما فى الأسبوع, وقضاء بعضا من أيام الأجازات الصيفية أو أحد أيام العيد وذلك لو كان بالغا أربع سنوات من العمر وليس قبل ذلك .

ومع شرط أن يكون الأب مؤهلا للاستضافة ، حتى ولو كان صدر ضده حكما بالحبس, طالما لا يسلك سلوكا مشينا كأعمال البلطجة أو لا يمتلك مسكنا أو صدر ضده حكم في قضية مخلة بالشرف حيث أن الأبوة هي شعور مثل الأمومة ولا يجوز حرمان الطفل منها ، ولتنشأ نفسية الطفل سوية مع أخذ الحيطة الكافية بألا يسافر بأبنه أو ابنته خارج البلاد ويحرم الأم نهائيا من أولادها.

أما بعد بلوغ سن الصغير الولد إلى خمس عشر سنة فمن الأفضل أن تكون حضانته مع والده لينشأ منشأ الرجال ويتعلم من والده ..سواء تزوجت الأم الحاضنة بغير أبيه أو لم تتزوج مع الاحتفاظ بحقها في أن يبيت معها يومين بالأسبوع وأن يكون معها في الإجازات الدراسية .