الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر وألمانيا.. انطلاقة كبيرة في العلاقات الثنائية.. طفرة في التعاون على جميع المستويات وتوقعات بتدفقات سياحية غير مسبوقة

صدى البلد

  • العلاقات المصرية الألمانية
  • ألمانيا تهتم بتطوير العلاقات مع مصر لإدراكها حجم ومكانة مصر بالمنطقة
  • المُؤشرات القوية للاقتصاد المصرى سبب استئناف مرسيدس نشاطها في مصر
  • وضع حجر أساس أول جامعة تطبيقية ألمانية بالعاصمة الإدارية

بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارة إلى ألمانيا، وذلك تلبية للدعوة الموجهة إليه للمشاركة في أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن لعام ٢٠١٩.

وتشهد العلاقات المصرية الألمانية خلال هذه الفترة انطلاقة كبيرة، حيث مثلّت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأولى لبرلين فى 2015 اللبنة الأولى لإحداث تحول فى الموقف الألمانى السلبى تجاه "ثورة 30 يونيو"، ووضعت الأسس التى أدت لإتمام زيارة "ميركل" للقاهرة فى مارس 2017، وما أعقبها من زيارة أخرى للرئيس لبرلين فى يونيو 2017 بشكلٍ أحدث نقلة نوعية في طبيعة العلاقات بين البلدين إعادتها إلى مسارها الطبيعى الذي يتسق مع العلاقات التاريخية بين مصر وألمانيا.

ثم جاءت زيارة الرئيس إلى برلين فى أكتوبر 2018 لتعِّبر عن مستوى النُضج الذى وصلت إليه العلاقات بين البلدين وما أصبحت تقوم عليه من ركيزة للتعاون المشترك والمصالح المتبادلة.

ففى التوقيت الذى تسعى فيه مصر لجذب المزيد من الاستثمارات الألمانية ونقل وتوطين التكنولوجيا فى عدد من المجالات فى مقدمتها صناعة السيارات والارتقاء بمستوى التعليم فى مصر استنادًا إلى الجودة الألمانية سواء فيما يتصل بالتعليم الجامعى أو الفنى، فضلا عما أصبحت تمثله ألمانيا من أهمية كأكبر مصدر للسياحة الأوروبية لمصر، فإن ألمانيا من جانبها تهتم بتطوير العلاقات مع مصر لإدراكها لحجم ومكانة مصر بالمنطقة باعتبارها الركيزة الرئيسية لاستقرار الشرق الأوسط والخط الأول للتصدى للإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلاَ عن كونها نقطة إنطلاق للصناعات والصادرات الألمانية لمنطقتى الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقد تمخض عن زيارة الرئيس إلى برلين من ٢٨ إلى ٣١ أكتوبر ٢٠١٨ عدة نتائج هامة كان أحدثها زيارة وزير الاقتصاد الألمانى إلى مصر الفترة من ٢ إلى ٤ فبراير 2019، عقد خلالها الوزير الألمانى لقاءات هامة فى مصر فى مقدمتها استقبال الرئيس له، كما رافقه وفد ضخم يبلغ قوامه ١٢٠ شخصًا ويضم كبار المسئولين فى وزارة الاقتصاد والطاقة ووفد برلمانى من البوندستاج ورؤساء كبريات الشركات الألمانية، خاصة فى البناء والطاقة والطاقة المتجددة والنقل والبناء والتشييد والاتصالات وقطاعات السيارات من شركتى مرسيدس وبى ام دبليو.

وتشهد الفترة الراهنة انطلاقة كبيرة للعلاقات بين البلدين تبنى على الزخم الكبير الذى ولدته زيارة الرئيس الأخيرة لألمانيا، وعلى الطفرة الكبيرة فى العلاقات الثنائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة العلاقات المتميزة بين قيادتى البلدين سواء فى قطاعات السياحة أو الاقتصاد أو الاستثمار أو التعليم والتدريب الفنى.

ويشهد التعاون مع ألمانيا فى قطاع السيارات، خاصةً بعد عودة شركة مرسيدس إلى الأسواق المصرية، طفرةً نتيجة جهود مصر أن تصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا فى صناعة السيارات ليس فقط السيارات التقليدية ولكن تكنولوجيا المُستقبل فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية ووسائل التنقل الكهربائية الحديثة، وهو ما شجَّع الجانب الألمانى على الاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة فى مصر فيما يتعلق بصناعة السيارات وتجميعها ووسائل التنقل الحديثة.

ويُعدُ بيان شركة مرسيدس الذى صدر بشأن عودة واستئناف نشاط الشركة العملاقة فى مصر بداية ليس فقط لتصنيع السيارات وتجميعها فى مصر، بل هناك حديث عن تعاون بين الشركة العملاقة ومصر فيما يتعلق بالمدن الذكية والسيارات الكهربائية ووسائل التنقل الكهربائية وأنظمة القيادة الذاتية للحفاظ على البيئة.

كما تشهد الفترة الراهنة رغبة أيضًا من عديد من الشركات الألمانية للسيارات فى التعاون مع مصر نظرًا للثقة الكاملة فى القيادة المصرية وتوجهها لتذليل كل العقبات التى تعترض عملية الاستثمار وتوفير جميع الإمكانات والضمانات وحماية مناخ مواتٍ للاستثمار، فضلًا عن عدة عوامل اقتصادية، فى مقدمتها المُؤشرات القوية للاقتصاد المصرى وقانون الاستثمار الجديد ومعدلات النمو الإقتصادى السنوية المُستقرة والقوية التى تجاوزت ٥٪ ، التى كانت سببًا رئيسيًا فى اتخاذ الشركة قرار استئناف نشاطها فى مصر، خاصةً مع توافر الموارد البشرية المُتميزة فى مصر.

فى هذا السياق يعتزم وفد فنى من شركة مرسيدس زيارة مصر خلال الشهر الجاري لتفعيل قرار الشركة العملاقة استئناف نشاطها فى مصر ووضعه حيز التنفيذ وذلك على المستوى الفنى، أخذًا فى الاعتبار ما يوفره ذلك من فرص عمل، خاصة مع رغبة شركة مرسيدس فى المستقبل تدشين مركز هندسى بمصر فى قطاع السيارات للاستفادة من شباب المهندسين المصريين.

كما شهدت زيارة وزير الاقتصاد والطاقة الألمانى لمصر وضع حجر أساس أول جامعة تطبيقية ألمانية فى مصر يوم 3 فبراير 2019 بالعاصمة الإدارية الجديدة بمشاركة وزير التعليم العالى المصرى، والتى سبق التوقيع على إعلان النوايا الخاص بتدشينها خلال زيارة الرئيس الأخيرة لبرلين، ويشارك فى إقامتها تحالف مكون من عشر شركات ألمانية لتوفير احتياجات السوق المصرية من العمالة الماهرة والمُدربة، وسوف يكون بالجامعة أقسام وتخصصات تتسق وتتوافق مع احتياجات سوق العمل المصرية، وتمنح شهادات معتمدة من الجامعات الألمانية بما يسهم فى رفع جودة العملية التعليمية بمصر، ومن المقرر افتتاح الجامعة عام 2020.

ويُعدُ التعاون مع ألمانيا فى مجال إدارة وتدوير المخلفات أحد أهم المجالات التى بدأت السفارة فى متابعة سبل التعاون بشأنها مع الجانب الألمانى عقب زيارة الرئيس إلى برلين فى أكتوبر 2018، وقد قامت السفارة بعدة اتصالات مع الجهات والهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص الألمانى للتعرف عن قرب على التجربة الألمانية فى هذا المجال ومحاولة تحديد سبل الاستفادة منه فى مصر سواء من خلال نقل الخبرة الألمانية وتدريب الكوادر المصرية أو من خلال نقل التكنولوجيا المُستخدمة فى هذا المجال وتوطينها فى مصر.

كما قام رئيس الوزراء بزيارة ألمانيا خلال الفترة من 9-11 يناير 2019 شهدت لقاء رئيس الوزراء المصرى مع "أولاف شولتز" وزير المالية ونائب المستشارة الألمانية، حيث بحثا معا دفع العلاقات الثنائية بما فى ذلك المضى قدمًا فى تنفيذ برنامج مُبادلة الديون بين مصر وألمانيا.

فى هذا السياق، نظمت السفارة اجتماعًا لرئيس مجلس الوزراء أثناء تواجده فى برلين مع عدد من الشركات الألمانية العاملة فى هذا المجال.

ثم تم البناء على نتائج تلك الزيارة من خلال تنظيم زيارة وزارية مشتركة لوزراء الدولة للإنتاج الحربى والبيئة والتنمية المحلية ورئيس الهيئة العربية للتصنيع خلال الفترة من 20-24 يناير 2019 لمدينتى "برلين" و"كولون" شملت مقابلة مع وزيرة البيئة ووزير الدولة بوزارة الاقتصاد والطاقة وزيارات ميدانية لعدد من الشركات فى مجال إدارة وتدوير المخلفات، حيث حرصت السفارة على إعداد جدول مُتكامل يضم تدوير الورق- المحارق- تدوير المخلفات العضوية– تدوير المُخلفات الخطرة.

واطلع الوزراء عن قرب على تجربة ألمانيا حيث تبين من تلك الزيارة وبعد التعرف عن قرب على تفاصيل التجربة الألمانية، أن النموذج الألمانى لا يمكن نقله لمصر حرفيًا، خاصةً نتيجة اختلاف طبيعة المُخلفات فى ألمانيا كمجتمع صناعى متقدم يعتمد على إدارة وتدوير المخلفات الصلبة فى الأساس فى حين تزداد نسبة المخلفات العضوية فى مصر، فضلًا عن اختلاف الظروف المناخية بين البلدين، ومن ثم ضرورة دراسة النظام الأمثل لتدوير المخلفات فى مصر، حيث تعتمد ألمانيا على سبيل المثال على نظام المحارق لاستخدام ما ينتج عن تلك التكنولوجيا من طاقة فى التدفئة.

كما تبين أن منظومة إدارة المخلفات بأكملها ينظر إليها كخدمة عامة تقدمها الحكومة إلى المواطنين، من خلال رسوم سنوية تعمل الحكومة على تقليصها من خلال بعض الحلقات المربحة به وتحميل القطاع الخاص تكلفة إعادة تدوير مُنتجاته، وأنه رغم انتشار فكرة وإقتصاد تدوير المُخلفات فى ألمانيا، إلا أن الأمر يتطلب جهدًا لتوعية المواطنين بأهمية تدوير المخلفات وفوائدها بما فى ذلك تقديم خدمات مباشرة كجزء من الواجب الاجتماعى تجاه المواطنين.

وفى هذا السياق بدا واضحًا أهمية دور الحكومة ووزارة البيئة فى إدارة هذه المنظومة بأكملها باعتبارها الجهة المُتخصصة التى يخضع لها الأجهزة المعنية بالحفاظ على البيئة، وتأسيس جهاز وطنى يتولى بشكلٍ متكامل الإشراف على إدارة وتدوير المُخلفات، أو توحيد الجهة التى تقوم ببعض تلك المهام حاليًا فى مصر، أخذًا فى الإعتبار أن الحكومة الألمانية احتكرت هذا المجال مدة 20 عامًا قبل السماح للقطاع الخاص بالدخول فى إدارته.

كما قام رئيس الهيئة العربية للتصنيع بزيارة برلين فى يناير 2019 أيضًا ونظمت السفارة له عدة اجتماعات مع عدد من الشركات الكبرى لدراسة سبل التعاون مع تلك الشركات فى مجالات مختلفة من بينها صناعة السيارات ومساندة الخدمات بالمشروعات القومية الكبرى مثل إقامة الأنفاق، وغيرها من مجالات التعاون من خلال إقامة شراكات مع الشركات الألمانية والهيئة العربية للتصنيع بهدف نقل وتوطين التكنولوجيا الألمانية لمصر وتوفير فرص عمل.

وفى مجال السياحة، من المتوقع أن يشهد العام الراهن طفرة كبيرة فى مجال السياحة تبدأ بمشاركة مصر بشكل متميز فى بورصة السياحة ببرلين فى مارس ٢٠١٩، أخذًا فى الاعتبار أن عام ٢٠١٨ شهد أكبر تدفق سياحى ألمانى إلى مصر هو الأكبر على الإطلاق فى تاريخ العلاقات بين البلدين .

كما شهدت الدورة الأخيرة من أكبر معرض فى العالم للخضر والفاكهة الطازجة "فروت لوجستيكا" مشاركة أكثر من 8٠ شركة مصرية فى هذا المعرض المتميز وبحضور وفد برلمانى مصرى رفيع المستوى لدعم هذه المشاركة وتذليل أي عقبات، أخذًا فى الاعتبار تواجد الخضر والفاكهة الطازجة المصرية بالسوق الألمانية، بالإضافة للأعشاب الطبية والعطرية والمواد الغذائية المُصنَّعة.