الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أشرف الطرابيشى يحافظ على صناعة الطرابيش برغم انتهاء زمن الأفندية

صدى البلد

فى منطقة شعبية قديمة لا تقل فى أهميتها التاريخية عن الطرابيش التى كانت جزءًا من التراث المصرى قبل ثورة يوليو 1952، ما زال "محل المرحوم حسنى الطرابيشى" يأبى أن يغلق أبوابه رغم اختفاء زبائنه التى كانوا يقبلون على شراء الطرابيش في الماضى، ولكن يظل هناك طلب ضئيل عليها من قبل طلاب الأزهر ومشايخ الأوقاف الذين يأتون إليه من مختلف مدن الصعيد قاصدين محله الذى يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1938.

منطقة السوق التى تقع بوسط مدينة قنا، ما زالت زاخرة بعشرات المحلات التى يعود تاريخ بعضها إلى قرن من الزمان يأبى أصحابها إغلاقها حرصًا على بقاء مهن وحرف توارثوها عن آبائهم وأجدادهم مازالت تُخلد ذكراهم رغم رحيلهم عن الدنيا، من بينهم أشرف الطرابيشى الذى رفض تغيير نشاط المحل الذى توارثه عن والده، ورفض أيضًا كافة المحاولات لبيع ماكينة النحاس "مكبس الطرابيش" التى تصنع منها الطرابيش رغم تلقيه عروضًا بآلاف الجنيهات للاستفادة من النحاس الخالص الذى يحويه المكبس.

أشرف الطرابيشى، يعد آخر واحد يمتهن صناعة الطرابيش الأزهرية فى قنا، بل صعيد مصر بالكامل، بعدما أصبحت الطرابيش حرفة تقاوم الاندثار ولا يقبل على شرائها إلا طلاب المعاهد الأزهرية الذين يتناقصون عامًا بعد عام، لكن هذا الأمر أصبح مثار فخر له جعله يتمسك بمكان حرفة والده وأجداده.

وقال "الطرابيشى" البالغ من العمر 48 عامًا، "منذ صغرى وأنا هنا فى المحل مع والدى الذى علمنى صناعة طرابيش الأزهر على المكبس النحاس، لكنى أتقنت صناعتها منذ 20 عامًا، ورغم أننى لم أعمل فى صناعة طرابيش الأفندية التى كانت سائدة قبل ثورة يوليو لكننى تعلمت صناعتها من والدى الذى ورثها عن جدى، فالمحل فى بدايته كان مخصصًا لصناعة طرابيش الأفندية والأزهريين، لكن بعد الثورة تركز العمل فى الطرابيش الأزهرية وأصبح محل جدى مقصدًا للباحثين عن طرابيش مميزة".

وأضاف الطرابيشى: "الطربوش له قيمة كبيرة لا يعرفها الطلاب الحاليين لكن يقدرها كبار المشايخ الذين يعلمون ما يعطيه الطربوش من هيبة ووقار لمن يرتديه"، لافتا: "مقدرتش أفرط فيه.. ناس كتيرة حاولت تشترى مكبس الطرابيش المصنوع من النحاس الخالص لكن لن أبيعه أو أفرط فيه لأنه تراث وتاريخ لن يعوض".

وأشار إلى أن الصين حاولت تقليد هذه الصناعة، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا، فكبار المشايخ ما زالوا يأتون لشراء الطرابيش الأزهرية التى تميز المحل بصناعتها عبر سنوات القرن الماضى، وطلاب الأزهر لا يفضلون الطرابيش الصينية ويتجهون دائمًا إلى خان الخليلى لشراء الطرابيش من صناعها الحقيقيين.

وعن أسعار الطرابيش قديمًا قال إنها كانت تتراوح بين 7 إلى 10 جنيهات، لكن الطربوش يصل فى بعض الأحيان إلى 300 جنيه، فمنذ سنوات كنا نشترى دستة الخوص بـ 15 جنيها، لكن سعرها حاليًا أصبح 75 جنيها وتكاد تكون نادرة وليست بنفس جودة الخوص الذى كنا نستخدمه من قبل، إضافة إلى أن خيط الحرير فى الطربوش الذي يزن بالجرام ويصل سعره إلى 6 جنيهات.

أما مراحل صناعة الطربوش التى تستغرق حوالى 5 ساعات من العمل المتواصل، فأوضح الطرابيشى، أنه يعتمد على المكبس النحاس والمخرطه والتضليعة وموقد نار مخصص لهذا الغرض، وتبدأ عملية الصناعة بإحضار الأدوات اللازمة من القاهرة والبدء بتجهيز قوالب القش والخوص ووضعها حول قالب نحاسي، ووضع الصوف عليها والذي يتم تثبيته والضغط عليه بالمكبس تحت درجة حرارة معينة لنحو ساعتين أو أكثر حتى يتشكل الطربوش بوضعه الأخير، بعدها يتم تركيب الزر المصنوع من خيوط الحرير السوداء فى منتصف الطربوش لكى تتدلى للخلف وهو ما يعطى لمسه جماليه رائعه ووقار للطربوش، بعدها يكون جاهزًا للاستخدام.