الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على طريقة مذبحة القلعة.. كيف قُتل ابن محمد علي باشا غدرًا على يد ملك بالسودان؟

محمد علي باشا
محمد علي باشا

في الأول من مارس عام 1811، خطط محمد علي باشا للانفراد بالحكم، والقضاء على ما تبقى من المماليك، فأعد عدته، وجهز رجاله، ونصب الفخ، ودعا أمراء المماليك إلى حفل بالقلعة بمناسبة تنصيب ابنه طوسون على رأس حملة مصرية في الحجاز، لكن نية الباشا كانت مبيتة: القضاء على المماليك وفلولهم.

اجتمع المماليك في القلعة، وهناك أمر محمد علي باشا رجاله بغلق جميع الأبواب، تفاجأ المماليك، وأحسوا بالمؤامرة، وقبل أن يتداركوا الموقف، كان قضاء محمد علي نافذ، قُتلوا جميعًا بالرصاص في أشهر مذبحة في التاريخ، وهكذا انفرد محمد علي بالحكم وأحكم قبضته على المحروسة، وكان له ما أراد.

تدور الأيام، ويلقى إسماعيل باشا، الابن الثالث لمحمد علي باشا، أثناء حملة عسكرية قادها لضم السودان، مقتله على يد ملك شندي عام 1822، لكن بطريقة مختلفة طريقة قتل المماليك، ولكن الحيلة التي اتخذت هي نفس الحيلة التي دبرها الباشا للماليك قبل 11 عامًا من وفاة ابنه.

بدأت القصة خلال الحملات العسكرية المصرية لضم السودان إلى مصر، وتجنيد السودانيين في الجيش المصري الذي عكف محمد علي باشا على تأسيسه. وتولى إسماعيل باشا قيادة هذه الحملات وتقدم وسط القبائل السودانية التي أعلنت مابيعته والانضمام تحت لوائه.

واصل إسماعيل باشا حملته حتى وصل إلى قبيلة شندي، لكن القبيلة بقيادة الملك نمر، رفضت المبايعة، بل ثاروا في وجه السلطة المصرية، بسبب مساوئ الجنود الأرناؤوط، وانتزعوا الأرقاء السودانيين وعادوا بهم إلى قبيلتهم فرحين منتصرين.

علم إسماعيل باشا بما حدث، فوصل على رأس حملة عسكرية إلى شندي، وأمر الملك نمر بالمثول أمامه، فوبخه وأنبه أمام القبيلة، وأمر بمعقابته بدفع غرامة فادحة (1000 أوقية من الذهب+ وتقديم أكثر من 5000 عبيد من الذكور والإناث)، لكن الملك نمر لم يرضخ لهذه الأوامر، ورفضها في البداية، وأوشك أن يرفع السيف في وجه إسماعيل، إلا أنه في النهاية تحت ضغط إسماعيل وجيشه أظهر الملك نمر طاعته والرضوخ لإسماعيل باشا، بل ودعاه إلى حفل عشاء في قصره، مثلما دعا والده المماليك إلى حفل عشاء في القلعة.

تم ذبح الذبائح، واُعدت الولائم في الوقت الذي أمر فيه ملك سندي جنوده بجمع الحطب والتبن والقش حول القصر بحجة تحضير العلف لخيل الباشا، بينما الضيوف يأكلون ولم يدورا بأن ثمة مؤامرة تحاك ضدهم.

وقول المؤرخ جمال بدوي في كتابه "مصر من نافذة التاريخ عن هذه الحادثة "عندما فرغ الباشا ورجاله من الطعام وأكثروا من الشرب وأخذوا يتأهبون للعودة الى معسكرهم، فإذا النار قد طارت في أكوام الحطب والقش المحيطة بالقصر، فجعلت القصر شعلة من الجحيم، وحصرت النيران إسماعيل باشا وحاشيته فلم يستطيعوا الإفلات من هذا الحصار الجهنمي لهول النار المشتعلة من ناحية، ولإحاطة جنود الملك بهم يرمونهم بالنبل والسهام من كل ناحية. فسدت المسالك في وجوههم حتى ماتوا عن آخرهم، ولم يستطع الجند نجدتهم إذ كانوا في معسكرهم بعيدين عن مكان المأساة، ولما وقعت الكارثة انقض عليهم رجال الملك نمر ففتكوا بهم، ولم ينج منهم إلا من هرب منهم ".

لما علم محمد علي باشا بمقتل ابنه أرسل صهره محمد بك الدفترار إلى شندي من أجل الثأر لابنه، لكن ملكها كان لاذ بالفرار إلى الحبشة وعاش هناك سنوات حتى مات، أما الدفترار فقد أمعن القتل في قبلية شندي وذاقهم ويلات العذاب، حتى أمره محمد علي باشا بالعودة إلى مصر وإنهاء الحكم العسكري هناك عام 1824.