الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حزن أردوغان على نهاية داعش


تعيش منطقة شمالي شرق سوريا المرحلة الأخيرة من تحريرها من داعش التي نشرت الخراب والدمار والترهيب النفسي والاجتماعي والثقافي بين شعوب المنطقة على مدار السنوات المنصرمة. 

هذه المنظمة الارهابية التي زرعت الخوف والهلع تلفظ أنفاسها الأخيرة من الناحية العسكرية والميدانية بعد أن كانوا يهددون العالم بغزوهم واحتلال أراضيهم وسبي نسائهم وقتل الآخرين. 

وبالرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية التي تحرر ما تبقى من المربع الأخير الذي يختبىء فيه الارهابيين وتستقبل المدنيين منهم والمستسلمين ممن تبقى من الإرهابيين، إلا أنه وحتى الآن لم ينصف أحدًا هذه القوات التي قدمن مئات الشهداء والجرحى لتخليص العالم من شرورهم.

قوات سوريا الديمقراطية أثبتت أن لا مستحيل مع الإصرار والإرادة حينما يصرّ الإنسان على هدف أسمى وهو تحرير الإنسان قبل الأرض. شتَّان بين صورتين تفصلهما سنوات أربع لا غير. صورة ممن كانوا يدعون زورًا أنهم يمثلون الإسلام ويجاهدون من أجل إعلاء كلمة الله على الأرض وراحوا يقتلون ويحرقون كل شيء يصادفهم، ويغتصبون ويسبون النساء على أنه من سنن الدين، في وقت كان معظم المسلمين الرسميين يغضون أبصارهم عما يفعله هؤلاء الارهابيين بنساء شنكال "سنجار"، ويبيعونهم في أسواق النخاسة وكأننا نعيش الجاهلية بكل تفاصيلها، وصورتهم الآن وهم ذليلون وخانعون ومستسلمون يترجون الرحمة ممن كانوا يعتبرونهم في يومًا ما من الكافرين.

هم نفسهم قوات سوريا الديمقراطية الذين كانوا بنظر داعشواردوغان من الكفرة ويجب نحر رؤوسهم وحرق مدنهم لا لشيء سوى لأنهم كانوا يحلمون يومًا في أن يعيشوا بكرامة وحرية، ورفضوا الخنوع والاستسلام لأردوغان الذي اعتبره نفس الارهابيين وغيرهم من المرتزقة على أنَّه هو من يمثلهم وهو خليفتهم دنيا وآخرة.

ندرك الآن جيدًا لماذا أردوغان حزين وغاضب.

غاضب من قوات سوريا الديمقراطية على أنها الوحيدة التي صمدت في وجه الارهابيين وقدمت آلاف الشهداء والمصابين من أجل تحرير الإنسان والأرض ممن عاثوا فيها فسادًا وخرابا. غاضبٌ لأن هؤلاء الارهابيون خذلوا سيدهم ولم يستطيعوا القضاء على بعض من الميليشيات التي تفتقر لفنون الحرب. غاضب لأن كل أجنداته وسياساته فشلت في سوريا والسبب هو قوات سوريا الديمقراطية والتي تصدت للإرهابيين وخليفتهم بإرادة قوية وصبر عظيم. غاضبٌ لأن مشروعه في نشر الاقتتال بين شعوب المنطقة من كرد وعرب وسريان وآشور وتركمان، لم يصل لهدفه، وأن المشروع الذي نجح هو مشروع العيش المشترك وأخوة الشعوب والأمة الديمقراطية.

أردوغان حزين جدًا لأن أيتامه يستسلمون واحدًا تلو الآخر لنفس القوات التي أرادها أردوغان ان تدفن في الخنادق التي حفروها، حزين لأن الايزيديين الذين تم سبيهم قبل فترة هم الآن أحرار وسيكتبون ويقولون ماذا فعل بهم الإرهابيين من أيتام أردوغان. حزين لأنه يرى بأم عينيه قوات سوريا الديمقراطية واقفين كجبل الطود مبتسمين أمام جحافل المستسلمين وهم راكعين يتوسلون كسرة خبز وقليل من الماء. 

سقطت اسطورة أردوغان في سوريا والعراق ولم يعد ذاك الخليفة الذي ينبغي على الجميع أن يهابه حينما يطل بوجه المكفهر. لذلك يوجه وجهه نحو جغرافيا أخرى علَّه يسترجع بعضًا مما فقده في سوريا. منذ سنوات وأردوغان يرسل الارهابيين إلى ليبيا ويهدد بهم دول الشمال الافريقي إن هم لم يطيعوه. لذلك يعمل الآن على نشر الخراب والدمار في ليبيا المدمرة أساسًا ويرسل الارهابيين والاسلحة والعتاد لهم علّهم يعوضونه عما خسره في المشرق. 

الجزائر أو المغرب او السودان. ربما، تكون هي الوجهة الأخرى لأردوغان كي ينشر الدمار فيها. خاصة أنه تم الكشف في الآونة الأخيرة عن أطنان من الأسلحة والعربات المدرعة التي تم السيطرة عليها في الموانىء الليبية والمرسلة من تركيا. هذا ما تم الكشف عنه ومالم يكشف عنه كان أعظم. وكذلك مئات الارهابيين الذي وصلوا لإعادة تنظيمهم من جديد ليواصلوا مهمتهم في الشمال الافريقي، كما يريد سيدهم أردوغان. 

تصريحات أردوغان الأخيرة الاستفزازية ضد مصر ورئيسها لم تأتِ عن عبث. بل هي رسائل في الوقت الضائع والتي لن تصل لهدفها ومبتغاها. لأن مصر ليست مصر القديمة، بل هي مصر الحديثة التي بدأت النهوض مجددًا من غفوتها وسباتها، وهي منذ سنوات تعيد بناء قوتها وقواتها لتتصدى لأي هجمات تأتيها ومن أية جهة كانت.

سيفشل أردوغان في مصر كما فشل في سوريا ولن يصل لمبتغاه مهما هدد وصرخ، لأن صراخه لن يتعداه هو ولن يسمعه أحدًا سواه ومن معه من حثالات البشرية من مرتزقة وإرهابيين.

صراخ وتهديد أردوغان لا ينمُّ عن قوته بقدر ما يكشف فشله وعجزه عن الاستمرار في دكتاتوريته. المقاومة التاريخية التي بدأتها ليلى كوفن في اضرابها عن الطعام منذ أكثر من مائة وعشرة أيام ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير أردوغان وتطيحه ارضًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط