الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسراء أبو الفتوح تكتب: تعليق عن كتاب أين الله

صدى البلد

تساءل الكثير منا (أين الله) من حيث مكان وزمان وكيان، ندور حولنا باحثين عنه وربما يموت بعضنا ولا يعرف أين هو، أين الذي نعبده دون أن نراه ولا نعرف مكانه.. كيف لنا أن نعبد إلهًا لا نراه له صفات يجب علينا أن نتصف بها رغمًا عنا باعتبار أن هذه هي الصفات الحميدة التي على كل واحد منا أن يكون بهذه الصورة الالهية وكأننا نسخ من هذا الاله الذي لا نعرفه ولا نحچ به.

وهذه كانت صدمة ماتفي عند تعرضه للفرك بينه وبين الناس ففي بداية المواجهة بدأ الله يفقد معناه في نفس ماتفي واهتزاز ثقته وإيمانه بربه الذي نشأ على حبه، فلم ير ما تربى عليه منذ نشأته ولم يجد الهًا واحدا موحدا يعبدونه ويقدسونه بل رأى أنهم يجزأوا الله طبقًا لحاجتهم وميولهم فالله عند البعض صالح كلي الرحمة عند سواهم قاس ظالم.

وكان أول من توجهه إليه ماتفي باحثا عمن يجيبه ويكون مرشدًا له في الكنائس و الأديرة ظنًا أنه سوف يجد الله هناك ولكن أيقن بعد ذلك أنه يبحث في المكان الخطأ بل دنس في الروث البشري حيث العهر و القوادة والظلم التي ترتكب تحت لحية الدين وبعض من الأقاويل الفلسفية المقدسة.

من المنطقي أن شخصية مثل ماتفي أن يصطدم بهذا الواقع الهزلي خاصة أن زمن الرواية وأحداثها وقعت بعد الثورة الروسية الفاشلة سنة 1905 م ، وكان لابد أن تكون هناك سقطات دينية و سياسية واجتماعية أيضًا تتبع الثورات نظرًا لمحاولة الوطن بإحتفاء ما تملكه من قوة ، نقاهة لمن يغتنم فرصة الوصول أو التستر خلف عبائة الدين .

وفي ذلك الوقت كان دور الرهبان أن يمنعون الناس عن السؤال أو البحث عن حقيقة الله كي لا ترفع السترة و تكشف عورتهم ، ريبة من إنارة عقول أفراد الشعب وإدراك حقوقهم ، ناهرون الباحث عن الحقيقة بالكفر و يأمرون الباحثون بأن يزهدوا ملاذ الحياة و ما تطيب له الانفس حتى تستفيض الغنائم لهؤلاء كهنة الأبالسة .

فلم يغب دور المرأة أسمًا وصفتًا منذ نكران الراهبون هجاءً ساخطون على خلقتها وهم أول اللاهثون مجرد الذكر ، فشدة استنكارهم إليها كان انعكاس لشدة رغبتهم بها .

وبعد أن فقد ما كان يبحث عنه في الكنائس و الأديره هجرهم مليًا إلى الطرق والغابات في أنحاء الأمبراطورية الروسية وفي طريقه في البحث رافقه كل ما يمكن أن يمر على ذهنه المراوغ و الكاذب و المؤمن إلى أن وصل إلى الشعب في الحين الذي كان يفقد فيه ماتفي الثقة بكل من حوله مشككًا في وجود الله بينهم حيث أن صفات الله هي العليا لا يمكن أن تخلق بشرًا بهذه الخسة إلى أن طاف بين هذا الشعب ، فوجد فيه ما كان يبحث عنه ورأى أنهم قوة الله التي أبتدعوها فهذا هو الله هذه الروح الحماسية الهادفة صفات ألآله وليسوا من يرتكبون الجرائم الخبيثة بأسم الله العادل الرحيم .

هذا ما كان يبحث عنه بعد كل هذا الطواف بالرحلة المريرة ذو الخسائر الطائلة وجد مقابل للقرابين التي قدمها مسبقًا .

لا تثق بمن يجعل نفسه أمامك قديسًا ، دائمًا كانت الأجابة بداخل ماتفي لكن ما كان يبحث عنه ليس الحقيقة لأنها تكمن بداخله ، إنما كان يسعى لأن يثبت تلك الحقيقة ويرى انعكاسها في البشر ليطمئن قلبه بأنه على حق وليس الوحيد المدرك لتلك الحقيقة وألا تكون مجرد وهم جثيم .

كان يشعر بأنه دائمًا عليه أن يجتهد كي يبحث عنها ليجدها لأن الامر أصعب من استيعاب الفرد إدراكها بهذه السهولة الفطرية ، وهذه فطرة الإنسان في الإجابة عما يبحث عنه .

يبدأ بالبحث خارجيًا ظنًا من أن الحقائق قد تكون ملموسة أولًا حتى يتم إدراكها مؤخرًا ، ربما ينظر البعض لشخصية ماتفي على أنه كافرًا لا يعترف بالله باعتقاده أنه بدعة اختلقها الشعب ولا يوجد إله لأنها ليست إلا أسطورة ولكن تمعنًا في مقولته ( أن الشعب هو الذي خلق الله كما خلق الله الشعب ) فكان مقصده هنا تجلي النور الالهي والصفات الالهية على مرآته وكثير من المقولات التي أثارت غلط في شخصية ماتفي فلا مجال في الرواية يدل على الكفر مطلقًا ، شخصية ماتفي بالنسبة ألي ما هي إلا شخصية مفعمة بالإيمان الغير مقصود أو الايمان الفطري حيث أنه رأى صفات الله تتجلى في جدية الشعب و من حماسة و إرادة قوية دفاعًا عن حقوقهم ودفاعًا عن ماتفي عند محاولة سكه من قبل الشرطة ردًا عن جميل توعيتهم و توجيههم أجل تحرير روسيا من المحتكرين واسترداد الأراضِ المغتصبة من المحتالين وحماية الكنائس من الكذابين و السارقين ، فكان ماتفي بمثابة داعٍ دفاع في صورة باحث .

فما كان هذا الكتاب لمكسيم جوركي كتاب حماسي موجهه للشعب كي يستعيد طاقته بعد استسلامه لليأس و الضعف كان ميكسيم جوركي من أهم نشطاء الماركسية وأبرز أعضاء حزب البلشفية إلا انه كان على خلاف مع قائد الثورة فلاديمير لينين في قضية وجود لأنه لم يكن يعترف بوجوده كي يكون هناك كتاب يدعى أين الله ، فيكف يكون هناك سؤال عن شئ غير موجود لذلك حرص ميكسيم جوركي على إخفاء الذات الالهية بين ثنايا الجمل المزدوجة المعنى.

[email protected]