الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لائحة "مكرم" وموقف "رشوان"


أبشع ما في النخبة الصحفية تَعَسّرْ قدرتها علي مناقشة قضاياها ومشاكلها،وأسوأ ما في المجلس الأعلي للإعلام أنه يتحاور مع نفسه، و[النتيجة[ أن المجتمعات الإعلامية –صحافة وتليفزيون- إستيقظت منذ فترة من ثُبَاتها علي لائحة جزاءات وعقوبات [فهمها] البعض أنها تنال من المهنة وحريتها [بينما] يراها أخرون ومنهم الأستاذ "مكرم محمد أحمد" رئيس المجلس الأعلي للإعلام أنها تضفي مزيدا من الإنضباط علي الأداء الإعلامي الذي يمشي في الصحف والشاشات مرحا.

و[رغم] تحفظي علي عقوبات الأستاذ "مكرم" إلا أنني من أشد المروجين لها-ليس لما فيها- و[إنما] لما فتحته داخل الأوساط الإعلامية والصحفية من نقاش وحوارات [حول] كيفية إنضباط الأداء الإعلامي؟

الذي –أي الأداء الإعلامي- بعضه بلا شك قد تجاوز السرعة المقررة فإصطدم بخزعبلات السوشيال ميديا وبات مروجا لها، وقابعا في بئر التدليس ، فَجَرّ المجتمع للمبيت في قاع الشائعات، والشحوط نحو تأليب الرأي العام وتدمير الوعي الجمعي، [بينما] هناك أخرون ما زالوا يستمسكون بالعروة الوثقي للمهنة والمهنة.

وقد قلت من قبل أن الإعلام دخل دائرة الحزن عليه ، فقد إنجر بعضه وراء توثيق الخزعبلات ، فسقط [تارة] بتناوله أنباء مغلوطة عن تعيين وزير للنقل وهو متوفي منذ 11 عاما ، ونشرها بإعتبارها حقيقة مثل شروق الشمس من المشرق ، و[تارة أخري] يتسرع في نشر أخبار تكدر السلم العام وتهبط الروح المعنوية مثل التجاوز والإستسهال في نشر أعداد الشهداء خلال العمليات القتالية أو الإرهابية للجيش والشرطة رغم أن العدد أقل بكثير مما يذكر.

كما أن هناك أشعة برامج حارقة تشعل الحرائق في البيوت مثل برنامج "هي وبس " للمذيعة رضوي الشربيني التي تتنمر وتتمرد فيه علي الرجال ، وتطعن في كل ما هو ذكوري، وتدعو الزوجات إلي الإنفصال عن الأزواج، والشئ بالشئ يذكر برنامج "قطعوا الرجالة" للمذيعة راغدة شلهوب والذي من إسمه نستكشف غرضه وهدفه ، والمتابع للبرنامج يكتشف كم الإيحاءات الجنسية التي تحاول المذيعة أن تنتزع رد فعل الضيف عليها، دون مراعاة لتقاليدنا وأعرافنا.

ففيروس الخطر الإعلامي بات يدخل البيوت دون إستئذان أهلها ، فتارة ينشر عبر صحافته، ويبث من خلال شاشاته، ما يهدم الثوابت ويثير البلبلة ، مثل فتوي مضاجعة الوداع للمرأة المتوفاة، وفتوي إرضاع الكبير، وإحتساء بول الإبل .

لكل هذا نحن بحاجة إلي قانون ولائحة وميثاق شرف ليسوا " كخيال المأتة"

[لكن] بشرط أن يتفق عليها "أبناء الكار" دون أن يمطرنا طرف أوحد بحجارة جزاءات من سجين يغلفها الغموض والتعبيرات المبهمة مرورا بأزمة صياغة ، ويحاول –دون أخرون- ربط ما لا يربط، وتركيب ما ليس قابلا للتركيب، فيبيت متهما بالقضاء علي حرية الكلمة، وتقويض الإبداع، وفرض رسوم باهظة علي أصحاب الرأي ، وشلّ الصحفي والإعلامي عن القيام بواجباته .

حقا في الإعلام من إشتروا الضلالة بالهدي،ومنهم من ينحتون من صحفهم وبرامجهم خرابا وأوهاما فارغة، ويحسبون أنهم يُحسنون صنعا،وهم المفسدون!

إذا نحن في حاجة إلي نقاش وحوار جاد يجمع كل الأطراف لنصل إلي لائحة تميز الخيط الأبيض من الأسود في مهنة البحث عن المتاعب،وتحمي القارئ والمشاهد وتعطي الحق للصحفي في تقديم المعلومة، توازن بين الواجبات والحقوق ،حيث إن المبدء الحاكم للإعلام هى حريته ، وما يحدث من تجاوزات لا يتطلب نهائيا فرض القيود بل مناقشته.

ورغم قرار مجلس نقابة الصحفيين الأخير بالطعن علي بعض نصوص لائحة "مكرم" أمام مجلس الدولة خاصة المتعارض منها مع الدستور والقانون [إلا] أنه يبقي للنقيب الأستاذ ضياء رشوان ومجلسه أن يطرحوا البديل لضبط الإعلام المنفلت.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط