تغير وانكسار.. علي جمعة يوضح الفرق بين الحياء والخجل

قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن الرسول - صلى الله عليه وسلم- كان على خلق عظيم، وشهد له ربه سبحانه وتعالى في قرآنه بذلك فقال: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ».
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الله جعل أهم أهداف رسالته - صلى الله عليه وسلم- إتمام مكارم الأخلاق فقال - صلى الله عليه وسلم- : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [أحمد والبيهقي والحاكم في المستدرك ومالك في الموطأ]. في أسلوب يوحي بأن رسالته - صلى الله عليه وسلم- قاصرة على هذا الغرض؛ لإعلاء مكانة مكارم الأخلاق في الإسلام.
وأضاف أن الحياء كان من أبرز الأخلاق الكريمة التي غرسها النبي - صلى الله عليه وسلم- في أصحابه وأمته من بعده ، وفي حياته كلها، والحياء لغةً : مصدر حي ، وهو : تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم. وهو ضد البذاءة والوقاحة، فالبذاءة: السفاهة والفحش في المنطق وإن كان الكلام صدقا. والوقاحة أن يَقلّ حياء الرجل ويجترئ على اقتراف القبائح ولا يعبأ بها.
وتابع: الحياء في الشرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وقد يطلق ويراد به الخجل أيضًا، وإن كان الخجل أصله في اللغة: الكسل والتواني وقلة الحركة في طلب الرزق، ثم كثر استعمال العرب له حتى أخرجوه على معنى الانقطاع في الكلام. كما قاله ابن الأنباري. ويستعمل الخجل أيضا بمعنى : الاسترخاء من الحياء، ويكون من الذل، يقال : به خجلة أي حياء. وهو التحير والدهش من الاستحياء . يقال: خجل الرجل خجلا : فعل فعلًا فاستحى منه.
وأشار إلى أنه قيل إن الفرق بين الخجل والحياء، أن الخجل معنى يظهر في الوجه لغم يلحق القلب عند ذهاب حجة، أو ظهور على ريبة وما أشبه ذلك فهو شيء تتغير به الهيئة، والحياء هو الارتداع بقوة الحياء، ولهذا يقال فلان يستحي في هذا الحال أن يفعل كذا، ولا يقال يخجل أن يفعله في هذه الحال؛ لأن هيئته لا تتغير منه قبل أن يفعله، فالخجل مما كان والحياء مما يكون، وقد يستعمل الحياء موضع الخجل توسعا.
واستطرد: الحياء بمعناه الشرعي مطلوب من المسلم باتفاق، وإنما بمعناه العام، أو معناه اللغوي والعرفي فتجري فيه جميع الأحكام التكليفية: فإن كان المستحيي منه محرمًا، فالحياء منه واجب، وإن كان المستحيي منه مكروه فالحياء مندوب، وإن كان المستحيي منه واجبًا فالحياء منه حرام، وإن كان المستحيي منه مباح فهو عرفي أو جائز. فالحياء من تعلم أمور الدين وما يجب على الإنسان العلم به ليس بحياء شرعي.