الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحت قناع الخلافة الإسلامية.. قصة جريمة العثمانيين في المدينة المنورة واقتحام الحرم

صدى البلد

ارتدوا قناع الخلافة الإسلامية والإمبراطورية العثمانية، وعمى الطغيان أعينهم عن الإنسانية، أخفوا دوافعهم ونواياهم عن البشرية ولكن حطموها بأفعالهم التي كتبت سطورا في تاريخ الجرائم الإنسانية التي لا تنسى مهما مر عليها الزمان، حتى الأراضي المقدسة لم تسلم من شرورهم فاقتحموها وشردوا أهلها وسرقوا ممتلكاتهم.

أرض مقدسة يأمن سكانها من أي شر، سكينة تعم الأجواء وهدوء يعيش به أهل المدينة المنورة، وعلى مدار سنوات، تشتعل الحروب وتفتعل الأزمات، إلا أن تلك الأراضي ظلت بعيدة عن أي صراعات ولكن آخرون تجردوا من إنسانيتهم فحطموا كل مبادئ الإنسانية.

ارتكب العثمانيون جريمة منذ أكثر من 100 عام في المدينة المنورة، عندما اقتحموا المدينة وقاموا بتشريد الأهالي إلى الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية، ليحتلوا المدينة المنورة بجيوشهم، وسلبوا الأزواج من نسائهم وأطفالهم، اقتحموا المنازل وسرقوا المؤن والأغذية، وسميت بجريمة "سفر برلك"، وهي كلمة تركية بمعنى التهجير الجماعي.

وقعت تلك الجريمة بقيادة فخري باشا، الذي عينته الاستانة حاكما على المدينة المنورة، إبان الحرب العالمية الأولى عام 1915، وعرف بطغيانه وقسوته وديكتاتوريته لفكرة الخلافة العثمانية، وكان حينها اشتعلت الثورة العربية في بعض الدول التي طالبت بطرد وإبعاد الحكم العثماني عن أراضيها، فخشيت الدولة العثمانية على نفوذها على ممتلكاتها، فسعت لضم المدينة المنورة وتحويلها إلى قاعدة عسكرية لها وسط الجزيرة العربية لإحكام سيطرتها.



قام فخري باشا باقتحام المدينة المنورة بجيوشه، وسرق منازل الأهالي من مؤن وأغذية ومنحها لجيشه، وقام بالتهجير القسري للمواطنين ورحلهم إلى الشام والعراق، وأصبحت المدينة بمثابة ثكنة عسكرية تتأجج برجال السلطان العثماني، وأمر بإغلاق المحلات وتعليق كافة الأنشطة التجارية، وصدر كافة التمور والمؤن في المدينة لجيشه وعساكره.

لم يكتف فخري باشا من ذلك البطش فقط، فتسبب في أكبر نكبة في تاريخ المدينة المنورة، وسرق الوثائق والآثار والأمانات المقدسة من الحرم ونقلها إلى اسطنبول وجلب الذخائر من داخل الحرم النبوي، هدم البيوت والشوارع وسرق السكك الحديدية، وغير معالم المدينة لتكون ملائمة حسب خطته العسكرية.



كما قام الجنود العثمانيون باقتحام البيوت بكسر الأبواب، وشردوا الأسر وخطفو الأطفال والنساء من الطرقات ، ومن ثم جرهم معًا أو متفرقين إلى عربات قطار الحجاز ليتم إلقاؤهم عشوائيا بعد رحلة طويلة من العذابات في تركيا والأردن وسوريا.

كان الوضع في المدينة المنورة كارثي، أدى إلى مجاعات للأهالي دفع الأطفال والنساء يأكلون الحشائش من جوعهم، وكان التمر كالكنز اخفاه البعض عن أعين جيوش العثمانيون حتى لا ينهب منهم، فاضطرت النساء إلى العمل مع الجيش العثماني تحمل التراب فوق كاهلهن للانفاق على صغارها وعجازئهن.

استمر حصار المدينة المنورة قرابة الخمس سنوات، ولكن انقلب السحر على الساحر وهزم الطغيان صاحبه، ولم تنته تلك الجريمة التي ارتكبتها الدولة العثمانية على يد القائد فخري في حق واحدة من أطهر بقاع الأرض، إلا في بداية 1919م ، عندما قتل رفاق " فخري باشا" قائدهم المستبد على إثر خلافات بينهم.