الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رفض عربي واسع للخطة الاقتصادية بصفقة القرن.. مقترحات كوشنر مضيعة للوقت ومصيرها الفشل.. محللون: تصب في مصلحة خصوم الولايات المتحدة بالمنطقة

صدى البلد

  • لبنان لا يريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية
  • أحزاب ليبرالية ويسارية عربية تهاجم ورشة البحرين
  • منظمة التحرير الفلسطينية: خطط كوشنر كلها وعود نظرية.. ولا وجود للحل السياسي
  • السعودية للحلفاء العرب: لن نؤيد أي شيء لا يلبي المطالب الأساسية للفلسطينيين

قوبلت رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية في إطار خطة أوسع لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بازدراء ورفض وسخط في العالم العربي، وذلك رغم دعوة البعض في الخليج إلى منحها فرصة.

وفي إسرائيل، وصف وزير التعاون الإقليمي تساحي هنجبي، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفض الفلسطينيين لخطة "السلام من أجل الازدهار" التي يبلغ حجمها 50 مليار دولار بأنه أمر مأساوي.

وتشمل الخطة إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة.

ومن المتوقع أن يطرحها جاريد كوشنر، صهر ترامب، خلال مؤتمر في البحرين يعقد يومي 25 و26 يونيو.

وقال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة اليوم، الأحد: "نحن لسنا بحاجة لاجتماع البحرين لبناء بلدنا، نحن بحاجة لسلام، تسلسل الأحداث أنه انتعاش اقتصادي من ثم يأتي سلام هذا غير حقيقي وغير واقعي".

وفي بيروت، قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري اليوم إن لبنان لا يريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية.

وقال بري في بيان: "يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة".

وأثار غياب تفاصيل الحل سياسي، الذي قالت واشنطن إنها ستكشف عنه لاحقا، رفضا ليس من الفلسطينيين فحسب ولكن أيضا في الدول العربية التي تسعى إسرائيل إلى إقامة علاقات طبيعية معها.

ومن السودان إلى الكويت، استنكر معلقون بارزون ومواطنون عاديون مقترحات كوشنر بعبارات مماثلة بشكل لافت للانتباه مثل "مضيعة هائلة للوقت" و"فاشلة" و"مصيرها الفشل منذ البداية".

ووجهت أحزاب ليبرالية ويسارية عربية انتقادات حادة لورشة البحرين وقالت في بيان مشترك إن مؤتمر المنامة "يرمي إلى تكريس وشرعنة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية".

وأضاف البيان: "نستنكر وندين أي مشاركة أو تمثيل عربي رسمي في هذا المؤتمر، وتعتبر هذا المشاركة تجاوزا لحدود التطبيع" مع إسرائيل.

وقال سركيس نعوم، المعلق بجريدة "النهار" اللبنانية: "هذه الخطة الاقتصادية، مثلها مثل غيرها، لن تنجح لأنها بلا أساس سياسي".

وقال مهند الحاج علي، الزميل بمركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت: "أرى أنها ستفشل فشلا ذريعا بينما تفيد خصوم الولايات المتحدة في المنطقة" في إشارة إلى إيران.

وفي حين أُحيطت الخطوط العريضة للخطة السياسية بالسرية، يقول المسئولون الذين أطلعوا عليها إن كوشنر تخلى عن حل الدولتين، وهو الحل الذي يلقى قبولا في العالم منذ فترة طويلة ويشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل.

رفضت منظمة التحرير الفلسطينية خطط كوشنر باعتبارها "كلها وعود نظرية"، وأصرت على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للصراع، وقالت إنها محاولة لرشوة الفلسطينيين لقبول الاحتلال الإسرائيلي.

وقال هنجبي لراديو إسرائيل إن واشنطن حاولت أن توجد "القليل من الثقة الإضافية والإيجابية" من خلال طرح رؤية اقتصادية لكنها بالنسبة للفلسطينيين لمست وترا حساسا.

وأضاف: "لا يزالون مقتنعين بأن مسألة السلام الاقتصادي برمتها مؤامرة لا تهدف إلا إلى إغراقهم بالتمويل لمشروعات ومزايا أخرى لينسوا طموحاتهم القومية، هذا بالطبع يمثل خوفا مرضيا لكن هذه مأساة أخرى من مآسي الفلسطينيين".

وتحدث السياسي الأردني الكبير السابق جواد العناني عن حالة الشك واسعة النطاق بعد قراري ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان.

قال العناني: "هذا نهج غير متوازن يفترض أن الفلسطينيين هم الجانب الأضعف وهم الذين يمكن أن يستسلموا للضغط بسهولة أكبر، هذه نكسة كبرى للمنطقة بأسرها".

وقال عزام الهنيدي، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، التي تمثل المعارضة الرئيسية في البلاد، إن الخطة الاقتصادية تمثل بيع فلسطين تحت راية الازدهار مقابل السلام دون إعادة الأرض، وإن دول الخليج العربية تتحمل الجزء الأكبر من الأموال، مشيرا إلى أنها صفقة بأموال عربية.

ومن المقرر أن تتم مناقشة مقترحات كوشنر الاقتصادية في اجتماع تقوده الولايات المتحدة يومي 25 و26 يونيو، وقاطعت السلطة الفلسطينية الاجتماع ولم يوجه البيت الأبيض الدعوة للحكومة الإسرائيلية.

وستشارك دول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك السعودية والإمارات، إلى جانب مسئولين من مصر والأردن والمغرب، ولن يحضر لبنان والعراق.

كانت جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران والتي تتمتع بنفوذ كبير على الحكومة قد وصفت في السابق الخطة بأنها "جريمة تاريخية" يجب وقفها.

ويعتقد محللون عرب أن الخطة الاقتصادية تمثل محاولة لشراء معارضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية برشوة قيمتها مليارات الدولارات للدول المجاورة التي تستضيف ملايين اللاجئين الفلسطينيين من أجل دمجهم.

وقال صفوان المصري، الأستاذ بجامعة كولومبيا: "من المضلل أن نقول إن هذه الخطة اقتصادية بحتة لأنها لها بعد سياسي له آثار تتعارض مع الطموحات السياسية".

وأضاف: "جزء كبير من الخمسين مليار دولار سيذهب إلى الدول المجاورة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في تلك البلدان".

وبعد قيام إسرائيل في عام 1948، استوعب الأردن وسوريا ولبنان معظم اللاجئين الفلسطينيين. وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يصل الآن إلى نحو خمسة ملايين.

في السنوات الأخيرة، دفع تنافس إيران الشديد مع كتلة تقودها السعودية، الصراع العربي الإسرائيلي إلى مكانة أقل أهمية على نحو متزايد.

ووسط مخاوف من أنها ستدفعهم إلى قبول خطة أمريكية تحابي إسرائيل، أكدت السعودية للحلفاء العرب أنها لن تؤيد أي شيء لا يلبي المطالب الأساسية للفلسطينيين.

وقال علي الشهابي، رئيس المؤسسة العربية التي تدعم السياسات السعودية، إن السلطة الفلسطينية مخطئة في رفض الخطة دون بحثها.

وأضاف الشهابي، في تغريدة على "تويتر": "يجب أن تقبلها وتعمل على وصول المنافع لشعبها ثم تمضي قدما بقوة في العمل السلمي، للبحث عن الحقوق السياسية".

وانتقد رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف أحمد الحبتور رفض الفلسطينيين الذهاب إلى البحرين، قائلا: "هذه المقاربة، قصيرة النظر في أفضل الأحوال، وانهزامية في أسوأها".

وكتب: "لا ضير من الاستماع إلى الطروحات التي ستُقدَّم على طاولة البحث".

وحتى في الخليج، لا تلقى خطة كوشنر دعما يذكر.

وقال أسامة الشاهين، النائب في البرلمان الكويتي: "صفقة القرن هي تبرع وتنازل من طرف واحد فقط، هو الطرف العربي، بينما يربح المحتل كل شيء: الأرض والسلام والأموال الخليجية فوق ذلك كله، دون أي وقف للاستيطان والتعدي اليومي على الفلسطينيين والمقدسات".

ووصفها ماجد الأنصاري، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، بأنها مضحكة وغير واقعية.

وقال الأنصاري: "فكرة الانتقال من الأرض مقابل السلام إلى المال مقابل السلام تمثل إهانة للقضية الفلسطينية، من الواضح جدا أن فكرة كوشنر تتمثل في دفع أموال مقابل موافقة الفلسطينيين على استيلاء إسرائيل على جميع أراضيهم وعدم تقديم تنازلات للفلسطينيين بشكل أساسي".

وتوقع الباحث الكويتي ميثم الشخص أن تعجز واشنطن عن تنفيذ الخطة من خلال الدبلوماسية وقد يتعين عليها فرضها بالقوة.

وقال: "أعطى (ترامب) إسرائيل القدس والجولان، وفي كل يوم يقدم لهم هدايا على حساب العرب".

وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن للفلسطينيين الحق في رفض خطة كوشنر لأنها لا تلبي الحد الأدنى من تطلعاتهم.

وأضاف: "ليست الخطة مستساغة لدى الجمهور الأوسع في المنطقة. وستكون عملية بيع بثمن بخس لقضية عادلة".

وتابع: "ستواجه دول الخليج صعوبة في فرضها على الفلسطينيين، ستواجه صعوبة في إقناع الفلسطينيين، هذا ليس ما يتوقعه الناس بعد سنوات من الصراع والكفاح".