الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثقافة الطموح وروح المقاومة


الإصرار والصبر مع مزيد من الطموح وروح المقاومة كانت سر النجاح الذى اتبعه شباب مصريون ، حتى يتمكنون من تحقيق طموحاتهم مهما زادت العوائق من حولهم، فإن السعى وراء النجاح والإصرار عليه ، نتيجته الوحيدة الوصول له فعلا .

ومن داخل مكتبه الذى يعتبر أكبر مكتب هندسى فى مصر من حيث عدد العماله "1500 مهندس" التقيت بمن كان شابا يبحث عن فرصة منذ سنوات ، واستمعت بمزيد من الانبهار والفخر لقصته التى بدأت من الصفر ، أو ربما تحت الصفر، حتى وصل إلى المكانة التى استحقها عن جدارة ، فأبيت إلا أن أنشر لكم القصة كما سمعتها منه ،فربما تكون دافعا أو حتى ومضة أمل لمن يئست نفسه أمام الصعوبات.

المهندس حسين صبور علم من أعلام البناء والتعمير في مصر، ارتبط اسمه بالإنجازات العملاقة، وتجاوزت نجاحاته الحدود ، فأصبح علامة مسجلة ضامنة للنجاح في أي مشروع، برع الرجل في مجالات كثيرة، فهو المهندس الاستشاري ذائع الصيت على المستوى العربي، ورئيس سابق لأحد أكبر النوادي المصرية "نادي الصيد" ورئيس سابق لاتحاد تنس الطاولة المصري، ورئيس مجلس إدارة "بنك المهندس" لمدة خمس سنوات، ورئيس جمعية "رجال الأعمال المصرية" وفى الوقت ذاته هو من أطلق برنامج "صالون دريم " الذي استضاف على شاشة فضائية أبرز الشخصيات الثقافية والعلمية ليتحدثوا عن هموم الوطن وأهم قضاياه.

أكد لى أنه ابن لعائلة متوسطة ليست بالفقيرة ، ولا الغنية ، والده كان يعمل مهندسا وصل لمدير عام فى الحكومة ، ورحل و لم يترك له إرثا .

بعد تخرجه في كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1957م ، لم يسع للعمل الحكومى ، وقام بتأسيس مكتب مشترك للأعمال الهندسية مع اثنين من زملائه خريجي كلية الهندسة ، وبعد فترة وأيام عصيبة ، سافر زميلاه خارج البلاد ،وتولى وحده مسؤولية المكتب الهندسي وصدرت في هذه الآونة قوانين تحديد إيجارات المساكن فتوقف القطاع الخاص عن البناء، ما أدى لتراجع شديد للغاية في معدلات البناء، فانقطع عمل المكتب، ولكن بعد فترة قاده فكره إلي التوجه نحو القطاع الصناعي بعد أن اتجهت الدولة لتأميم الصناعة، وتمكن من أن يتولى بناء مصانع وورش جديدة، ومن ثم بدأ صيته في الذيوع، إلا أن وقوع نكسة عام 1967 أدى لتوجيه الدولة كافة مواردها إلى المجهود الحربي فتوقفت مصادر عمل المكتب من القطاع العام أيضا.

كانت الصعوبة في هذه المرحلة تكمن في القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بالمحافظة على الكوادر العاملة معه وسداد رواتبهم،لأنه كان يشعر بمسئولية تجاههم ربما أكثر من احساسه بمسئوليته تجاه أسرته نفسها .

دفعت هذه الظروف المهندس صبور إلى السفر لليبيا عام 1968م بعد أن استمع لأحد أصدقائه يحكي عن صديق له من كبار رجال الأعمال الليبيين والذي شكا له من المهندسين المصريين وتجربته مع واحد منهم حصل منه على مبلغ مالي كبير لتصميم فيللا له في ليبيا وقدم تصميمات سيئة للغاية، فأراد صبور أن يصحح هذه الصورة لدى رجل الأعمال الليبي وقام بتصميم الفيللا للرجل دون مقابل، وأعجبته للغاية فدعاه لزيارة ليبيا وبدأ العمل هناك منذ الربع الثاني من عام 1968

وأكد لى صبور على استفادته الكبيرة من العمل في الجماهيرية الليبية، فقد كان تركيزه في مصر على المباني السكنية، ولكنه اكتشف عند زيارته إلى ليبيا أن الحاجة للمساكن تأتى في مرتبة تالية بعد مشروعات البنية الأساسية كالمياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق والمصانع، فقد أدى انفتاح ليبيا في ذلك الوقت على أوروبا إلي اشتعال المنافسة على هذه السوق، مع اكبر المكاتب العالمية، فتعلم صبور كيفية تقديم العروض والمنافسة على الجودة وليس السعر، فارتفع مستواه بدرجة كبيرة، وأصبح ذائع الصيت على كافة المستويات.

المهندس صبور في رحلة كفاحه الطويلة لم يكن يبحث عن المال بقدر ما كان يبحث عن النجاح في أي عمل يقوم به ، وأكثر ما كان يسعده هو أن توضع فيه الثقة للنهوض بمؤسسة متعثرة وإعادتها مرة أخرى للطريق الصحيح، وهو ما حدث عند توليه رئاسة "بنك المهندس" في فترة سابقة، والذي تسلمه حين كان نصيب البنك من الأرباح "صفر" وسلمه المهندس صبور بعد 5 سنوات من رئاسته، وقد ارتفع راسماله بدرجة غير متوقعة.

ورغم ذلك لم يتقاض صبور مليما واحدا طوال فترة رئاسته للبنك، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع "نادي الصيد" الذي يقع حاليا على قمة النوادي المصرية بعدد أعضاء يبلغ أكثر من 40 ألف أسرة.

وشارك المهندس صبور في تخطيط وتنفيذ مشروعات بناء المدن الجديدة التي توجهت الدولة لإقامتها من أجل تخفيف الضغط عن القاهرة مثل مدن العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة والسادات بالإضافة إلي مدينة برج العرب في جنوب غرب الإسكندرية، كما شارك في العديد من المشروعات القومية العملاقة التي أقامتها الدولة مثل مشروع الطريق الدائري حول القاهرة ومشروع مترو الأنفاق وبعض الفنادق الكبرى والعديد من المستشفيات والمصالح الحكومية.

وأكد لى المهندس صبور أن هناك كفاءات ممتازة في مصر ، فتساءلت وماذا ينقصهم للنجاح ؟ فقال لى كلمات أعتقد أنها بمثابة روشته للنجاح ، قال فى البداية يجب ألا يطلب الشاب الرخاء فى بداية حياته ، ولا ينتظر الوظيفة ، لابد من أن ينظر إلى مجتمعه ماذا يحتاج ؟ ،حتى يعرف العمل الذى سيحقق له الربح والنجاح ، وأكد لى أن مجتمعنا وأحياؤنا احتياجاتها كثيرة لاحد لها ، لو عرف الشاب أحد هذه الاحتياجات وبدأ العمل من خلالها بإصرار ودون يأس مهما واجهته صعوبات ومعوقات ، حتما سيصل يوما إلى النجاح ..وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط